مفكرون: الكويت لعبت دورا مستنيرا في خدمة الثقافة العربية
حجم المنجز الثقافي للكويت خلال عقد من الزمن لا مثيل له، ومطبوعاتها النوعية على مدار نصف قرن، لا تزال مصدراً ضرورياً لكل مكتبة عربية
سعت دولة الكويت، منذ استقلالها قبل 59 عاما، إلى إقرار ثقافة التنوير ومواجهة التعصب وصور الانغلاق سواء بتعميق البعد العربي أو تفعيل صور التفاعل مع الثقافات الأجنبية، منذ أن بدأت الكويت إصدار مطبوعاتها الثقافية النوعية قبل أكثر من نصف قرن، ولا تزال تلك المطبوعات مصدراً ضرورياً لكل مكتبة وقارئ، بحسب مفكرون عرب.
وتحتفل دولة الكويت، الثلاثاء، بيومها الوطني الـ59، في ظل القيادة الحكيمة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وعلى الرغم من قرار الحكومة هناك بإلغاء مظاهر الاحتفال فإن المناسبة تستعيد أجواء الاستقلال عن المملكة المتحدة وتجمع الاحتفال بالذكرى الـ29 للتحرير، إبان حرب الخليج الثانية. والذكرى الـ14 لتولي أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مقاليد الحكم.
بلد كبير
يؤكد المفكر المصري الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة المصرية الأسبق، أن الدور الثقافي لدولة الكويت في المنطقة العربية بدأ منذ سنوات طويلة ولا يزال مستمرا حتى الآن مع استمرار الإنتاج الكويتي العربي في نفس الوقت، و اعتبر أن مجلة "العربي الكويتية" الرائدة لا تزال تلعب واحدًا من أهم الأدوار في الثقافة العربية وهي المجلة الشعبية رقم واحد من بين جميع المجلات التي تصدر في العالم العربي، فضلا عن إصدارات "عالم المعرفة" و"عالم الفكر".
ويضيف: "الكويت بلد صغير المساحة لكنها كبيرة الحجم والمساحة بإصدارتها الثقافية المتنوعة والمختلفة، ورزقها الله بمجموعة من المثقفين الرواد مثل عبدالعزيز حسين وجيله الذين أسسوا بحس قومي للثقافة العربية من الكويت وإلي كل أنحاء العالم العربي"، لافتا إلى امتداد تأثير الكويت إلى جميع الدول العربية من خلال مطبوعاتها الثقافية المتنوعة، وأدوارها التنموية الداعمة.
قامات ثقافية
يؤكد المفكر الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الفلسفة المعاصرة وعلم الجمال بكلية الآداب جامعة القاهرة والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، أن لدولة الكويت منافذ ثقافية مهمة جدًا ليس في الكويت وحدها ولكن علي المستوى العربي أهمها مجلة "عالم الفكر" التي تعتبر من المجلات الرصينة جدًا وتوافد علي رئاستها أسماء كبيرة من المصريين والكويتيين، بالإضافة إلي سلسلة "عالم المعرفة" التي توزع أعدادا كبيرة علي مستوى العالم وأنحاء الوطن العربي لما لها من تنوير على النواحي الثقافية والعلمية والمعرفية، إلى جانب مجلة "العلوم" التي كانت تصدر عن مؤسسة التقدم العلمي، كما احتضنت جامعة الكويت في الماضي قامات ثقافية كبرى بحجم زكي نجيب محمود وعبدالرحمن بدوي وفؤاد زكريا وغيرهم.
ثقافة إنسانية
يقول القاص المصري سعيد الكفراوي: "نحتفل جميعًا مع دولة الكويت الشقيقة بيومها الوطني، فهو ليس احتفالا ببلد فقط وإنما بالدور الذي تؤديه الكويت كبلد محب للثقافة وداعم لها".
ويضيف: "الكويت على رأس الدول التي تنتج ثقافة حقيقة عبر الدوريات والكتب والمؤسسات والإبداعات العالمية، التي تنشرها، فهي تبدع ثقافة إنسانية رفيعة، لما لها من فضل في تقديم الاستنارة دوليا وعربيا".
انتعاش القطاع الخاص
لم تقتصر البنية التحتية الضخمة التي شهدتها الكويت في المجال الثقافي على إقامة المراكز التنويرية والمسارح، بل شملت أيضًا انتعاش القطاع الخاص في المجال الثقافي والترفيهي، وفق ما يقوله القاص الدكتور شريف صالح.
ويشير إلى أن أكثر من شركة سينمائية في الكويت دشنت عددًا من الصالات السينمائية في مختلف المناطق التي كانت شبه محرومة من وجود صالات عرض، ما أنعش السوق السينمائي، وأدى إلى زيادة دور العرض. وهو ما انعكس إيجابًا على إقبال الشباب على مجالات العمل السينمائي، وتوج هذا التطور اللافت بإطلاق مهرجان الكويت السينمائي وإنجاز نسختين منه، ركزتا على دعم المنتج السينمائي الكويتي وتشجيع الشباب الكويتي.
ويضيف: "منذ نهضة الكويت الأولى تولي الدولة عناية فائقة بالاكتشافات الأثرية وترميم جميع المباني التاريخية الشاهدة على تطور ونهضة المجتمع الكويتي، والحافظة لهويته الوطنية، وشهدت السنوات العشر الماضية ترميم وتدشين وافتتاح العديد من المباني والبيوت والمتاحف، مثل ترميم قصر الشيخ خزعل، وإنشاء مركز الشيخ عبد الله الجابر للتدريب الثقافي، وافتتاح متحف بيت العثمان، الذي ضم بين جنباته معروضات ومقتنيات تاريخية، تحكي تاريخ الكويت عبر الأجيال، والتراث الشعبي".
ويؤكد صالح أن حجم المنجز الثقافي خلال عقد من الزمن لا مثيل له، وبعض هذه المؤسسات التي تعتبر منارات ثقافية أقيمت بتنفيذ مباشر من الديوان الأميري، حرصاً من القيادة السياسية على جودة وسرعة التنفيذ، والتأكيد على الوجه الحضاري لدولة الكويت.
ولم يقتصر الأمر على إنشاء المباني، بل أتيحت الفرص للشباب عبر أنشطة المجلس الوطني ووزارة الشباب وجمعيات النفع العام، للتعبير عن أنفسهم، عبر تلك المؤسسات، إيمانا بأن الثروة الحقيقية للأمم تتمثل في شبابها، فزادت المهرجانات الفنية والثقافية التي تخاطب الشباب بالدرجة الأولى ومنها على سبيل المثال إنشاء مهرجان المسرح العربي للطفل، ومهرجان الكويت للسينما، بحسب صالح.