هل تقود العملات الرقمية الأسواق الناشئة للتعافي من كورونا؟
يتزايد الطلب على العملات المشفرة عالميا منذ بداية جائحة كورونا، حتى بدأت تتطلع اقتصادات ناشئة للاعتماد عليها كوسيلة داعمة للتعافي.
وتنامى اهتمام الشركات الكبرى بالعملات المشتفرة بقيادة بيتكوين، لاسيما مع إعلان شركة صناعة السيارات الكهربائية الأمريكية تسلا مؤخرا استثمار 1.5 مليار دولار في هذه العملة، وكذلك مؤسسات مالية كبرى مثل ماستر كارد.
وبعد الارتفاع الأخير للبيتكوين إلى مستوى قياسي قدره 58354 دولارا للوحدة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، تراجعت إلى أقل من 45 ألف دولار، ولكنها عاودت اليوم الارتفاع بمقدار 5.47% حتى 49488 دولار بحلول الساعة 7:10 مساء بتوقيت جرينتش.
ووسط الأداء القياسي للعملات المشفرة، اتجه البعض ولاسيما بالأسواق الناشئة للاعتماد عليها في التسوق عبر الإنترنت وتنفيذ التحولات المالية، للتخلص من القيود، بحسب مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة أكسفورد بزنس.
العملات المشفرة والاقتصادات الناشئة
وتستند المذكرة إلى بيانات أفادت بها شركة الإحصاءات العالمية "Statista"، والتي رصدت ارتفاع طفيف في استخدام العملات الرقمية كوسيلة لإرسال التحويلات المالية.
- رغم تحذيرات "يلين".. شركة أمريكية كبرى تضاعف صفقات شراء بيتكوين
- أرباح ماسك من بيتكوين في 20 يوما تفوق مكاسب تسلا في عام
وتصدرت نيجيريا استخدام البيتكوين والعملات المشفرة العام الماضي من أجل إتمام التحويلات.
ولجأ النيجيريون إلى هذه العملات كوسيلة لتفادي سعر الصرف المبالغ فيه بالبلاد، بحسب تصورات البعض.
وبات يمكن شراء وبيع العملات المشفرة عبر الأجهزة المحمولة، مما يعني أنه يمكن تداولها في مناطق ذات بنية تحتية محدودة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو من قبل الأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى جهاز كمبيوتر.
كما يتم استخدام العملات المشفرة بشكل متزايد من قبل المستقلين لتلقي مدفوعات عبر الحدود من الأعمال الخارجية، ما يعني أنه مع زيادة وتيرة التحويل الرقمي سيكون هناك تسارع في انتشار العملات الرقمية.
وأشارت أكسفورد بزنس إلى أنه على الرغم من التقلبات السعرية للعملات الرقمية، إلا إنها تعتبر خيارا أكثر موثوقية مقارنة بالعملات النقدية التقليدية بالنسبة لبعض المستثمرين بالبلدان الناشئة.
وفي هذا الصدد، قد أصدرت منصة الأسهم “TradingView” بيانات تظهر ارتفاعا في الاهتمام بالعملات المشفرة بالبلدان التي تتسم بعدم الاستقرار، من بينها ليبيا وكوبا ومؤخرا ميانمار.
نماذج أخرى للأسواق الناشئة
ومن بين أبرز الأسواق الناشئة التي تحركت لدمج البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، كانت كوستاريكا التي تعد واحدة من البلدان القليلة في العالم التي قد يتم فيها دفع أجور العمال بشكل قانوني بواسطة هذه العملات.
ونتيجة لذلك ارتفع معدل تبني البيتكوين، خاصة أن البلاد تحظى بميزة نسبية في تعدين العملات المشفرة، بفضل الاعتماد على المصادر المتجددة في توليد أكثر من 90% من الطاقة، ما يجعل التعدين أقل ضررا بيئيا وأكثر ربحية، وفق أكسفورد بزنس.
وتطرقت المذكرة البحثية إلى نموذج الفلبين المعروفة بمناصرتها للعملات المشفرة، فقد وافق البنك المركزي في يونيو/ حزيران 2020 على تبادل العملات المشفرة.
وبحسب مسح أجرته شركة " Statista" فإن 20% من الفلبينيين المشاركين في استطلاع رأي أكدوا استخدام العملات المشفرة في تعاملاتهم خلال 2020.
فيما تعتبر فيتنام حالة مثيرة للاهتمام، حيث تشهد إقبالا بين المواطنين على العملات الرقمية، على الرغم من حظر البنك المركزي لاستخدامها كوسيلة للدفع.
حتى أن 21% من المشاركين في مسح " Statista" أكدوا استخدام العملات الرقمية في تعاملات اليومية، ليحتلوا المرتبة الثانية على مستوى العالم خلف نيجيريا.
كما أن هناك إقبالا على هذه العملات بين الجمهور في العديد من الأسواق الأفريقية مثل المغرب وجنوب أفريقيا وكينيا.
العملات الرقمية الوطنية
بدأت البنوك الرسمية في عدة دول للمشاركة في منظومة العملات المشفرة كمحاولة للاستفادة من مزاياها وتنظيم السوق قدر الإمكان.
وتشير أكسفورد بزنس إلى أن هذه العملات تعتمد على نظام بلوكتشين، وتُعرف باسم العملات الرقمية للبنك المركزي (CBDCs).
على عكس العملات المشفرة، فإن عملات البنوك المركزية الرقمية ليست نوعا جديدا تماما من العملات، بل هي شكل رقمي من العملات التي يدعمها ويصدرها البنك المركزي.
وتعد الصين رائدة في هذا المجال وتقوم حاليا بتجربة اليوان الرقمي.
ويشارك في التجربة ستة بنوك مملوكة للدولة واثنان من البنوك الخاصة، والتي بدأت من خلال طرح يانصيب "المغلف الأحمر"، حيث يربح الأشخاص رموزا رقمية يمكنهم إنفاقها مع التجار الرقميين أو الفعليين.
وفي الوقت نفسه، تتطلع الهند إلى التحرك لحظر العملات المشفرة، ولكنها بالتوازي تستكشف إمكانية إصدار روبية رقمية.
على جانب آخر، لم تتكلل تجارب بعض البنوك المركزية في إصدار العملات الرقمية بالنجاح، مثل الإكوادور التي كانت أول دولة تصدر هذه العملة في عام 2014 ، غير أنه تم سحبها منذ ذلك الحين بعد فشلها في جذب أعداد كبيرة من المستخدمين أو أحجام جيدة من المدفوعات.
كما فشلت تجربة السنغال في هذا الصدد أيضًا، لكن البلاد تشهد تجديدا للاهتمام بعملة مشفرة وطنية.
وتختتم أكسفورد بزنس المذكرة البحثية قائلة "توحي مثل هذه الأمثلة باعتقاد سائد بضرورة التعامل مع العملات المشفرة بعناية، فإنها تقدم مجموعة من الفوائد للمستثمرين والحكومات في الاقتصادات الناشئة في جميع أنحاء العالم، وأن لديها القدرة على المساعدة في قيادة الطريق للخروج من الركود الاقتصادي الناجم عن وباء كورونا".
aXA6IDE4LjIyMS45My4xNjcg جزيرة ام اند امز