"الليبرالية" تشق صفوف الجيش في أمريكا.. هل تراجعت الجاهزية؟
قبل عامين من الآن، نظر جانب من السياسة الأمريكية إلى الجيش على أنه مجال متحرك يزداد تنوعا وقوة، لكن فريقا آخر يرى العكس تماما.
حين نشر الجيش الأمريكي إعلانا ترويجيا في عام 2021 يُظهر جندية نشأت في كنف عائلة مؤلفة من والدتَين، اعتبر الليبراليون أن القيادة العسكرية تزداد قوة وتنوّعا، لكن المحافظين رأوا في ذلك ضعفا في صفوف ضباط عسكريين يعملون على أجندة سياسية ليبرالية على حساب الاستعداد القتالي.
- تشارلز براون.. البشرة السمراء تقود الجيش الأمريكي
- الجيش الأمريكي ينقذ عناصره بـ"براندون".. الأسباب والنتائج
ونشر السيناتور الأمريكي تيد كروز على "تويتر"، مقطع فيديو يقارن الإعلان الأمريكي بصور محارب روسي حليق الرأس ومفتول العضلات، وعلق قائلا: "أن يكون الجيش ضعيفا ويعتمد ثقافة الـ(ووك woke)"، (أي اليقظة حيال الإساءات العنصرية والتمييز) ليس فكرة جيدة".
وهاجم كروز الديمقراطيين ووسائل الإعلام لمحاولتهم تحويل القوات الأمريكية "إلى مخنّثين".
غير أن كروز (52 عامًا) المتحدّر من ولاية تكساس، ليس الغاضب الوحيد.
إذ دفعت الدعوة الواضحة إلى اتّباع ثقافة الـ"ووك" في الجيش الأمريكي "اليمينيين" للحنين إلى حقبة تسبق استيلاء التقدميين الاستبداديين الساعين إلى فرض القيم اليسارية على الأمريكيين وعلى الحياة العامة، وفق قولهم.
ودخل المشرّعون الجمهوريون الذين سيطروا على مجلس النواب هذا العام في حرب مع قادة في وزارة الدفاع "البنتاغون" يتهمونهم بالتركيز المفرط على التنوع والمساواة والشمول.
ويعتبر الجمهوريون أن التلقين حول العدالة العرقية والهوس بتغيّر المناخ جعلا من العسكريين أشخاصا ناعمين، ما أدّى إلى تراجع في التجنيد في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وانتشر هذا الازدراء بالقيادة العسكرية في القاعدة الشعبية للجمهوريين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي ألقى عدة خطابات منذ تركه منصبه هاجم فيها الجنرالات "الضعفاء وغير الفعّالين" الذين يهتمّون بالصوابية السياسية أكثر من "محاربة أعدائهم".
"الصين تضحك"
من جهته، قال حاكم ولاية فلوريدا والمنافس الرئيسي لترامب في السباق الانتخابي الجمهوري لعام 2024، رون ديسانتيس إن "الصين تضحك" على الاعتماد المفترض لضمائر جندرية محددة في قيادة الجيش الأمريكي.
والعام الماضي دخل وزير الدفاع لويد أوستن في مشادة كلامية انتهت بصراخ في مجلس النواب، عندما اتهم عضو في الكونغرس من اليمين المتطرف أوستن بالسماح للبنتاغون "باحتضان الاشتراكية"، من خلال "تدريب إلزامي على استخدام الضمائر".
بدورها، اعتبرت المحللة السياسية ريسا بروكس أن الأمثلة على هذا النوع من النقد كثيرة وتضرّ بأمن الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الهجمات غالبا ما تكون عبثيّة وتعتمد على معلومات يتبيّن لاحقا أنها غير صحيحة.
مؤخرًا، كتبت بروكس التي تدرّس في جامعة ماركيت أن هذه الانتقادات "تقوّض التماسك الداخلي للجيش وتسيّس الرقابة وتصرف انتباه الكونغرس والشعب الأمريكي عن مشاكل الأمن القومي الخطيرة".
وأضافت: "على الذين رأوا هذه الهجمات منذ فترة طويلة على حقيقتها -بتحيز أدائي أكثر مما هو انتقاد موضوعي لمشاكل فعلية- أن يفعلوا المزيد لمواجهتها بشكل فعال".
وفي ظل قيادته الجمهورية الجديدة، يستخدم مجلس النواب المنقسم بشدة سلطته للتركيز على انتشار ثقافة الـ"ووك" في الجيش لفرض تغييرات في السياسة على هذا الأساس.
وقد ناقش المشرّعون عشرات التعديلات لقانون السياسة الدفاعية البالغة ميزانيته 886 مليار دولار حول ما يسمى موضوعات "الحرب الثقافية"، من سياسة الإجهاض إلى لقاحات كوفيد-19 والتنوع العرقي وغيرها.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjYuMTI3IA== جزيرة ام اند امز