بعد اعتقال مغردات.. حملة قطرية إلكترونية ضد انتهاكات "الحمدين"
استطلاع رأي أجرته كاتبة قطرية كشف عن أن 81% من القطريين أكدوا عدم وجود حرية تعبير في بلادهم.
فضح مغردون قطريون، بينهم كتاب وإعلاميون وأكاديميون وقانونيون، في حملة إلكترونية، تناقضات تنظيم "الحمدين" في بلادهم، بعد اعتقاله ناشطات حقوقيات مع ذويهن على خلفية مطالبتهن بحقوقهن المشروعة.
وأكدوا أن "الحمدين" تنظيم بوجهين، يدعم حرية الرأي والتعبير والديمقراطية في الخارج، ويقمعها في الداخل، بل ويعتقل من يحاول إخراج رأيه إلى النور.
وفضح المغردون قناة "الجزيرة" وأخواتها من الإعلام الموالي للحمدين، الذي تجاهل الحديث عن الحملة الحقوقية التي أطلقتها ناشطات قطريات، كما أعطى ظهره للحديث عن الاعتقالات التي تعرضن لها.
وبالتزامن مع حملة الاعتقالات، أجرت كاتبة قطرية استطلاع رأي حول حرية التعبير في بلادها، أكد 81% من المشاركين فيه غيابها عن بلادهم.
واعتقلت السلطات القطرية عددا من الناشطات الحقوقيات مع ذويهن بعد إطلاقهن حملة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تحت عنوان #حقوق_المرأة_القطرية، أكدن فيها أن بلادهن أصبحت الدولة الخليجية الوحيدة التي تضع قيودا على سفر نسائها.
وفي حملتهن، دعت القطريات إلى إنهاء التمييز ضدهن ليس في السفر فحسب بل في قوانين الأحوال الشخصية والعمل والجنسية ومجالات أخرى.
إطلاق الحملة جاء بعد حصول السعوديات على مكاسب عديدة، بموجب تعديلات في نظام السفر والأحوال المدنية والعمل جرت، الجمعة الماضي، وأضحى بإمكانهن بموجبها استخراج جواز سفر بأنفسهن أسوة بالرجال، والسفر بعد بلوغ 21 عاما دون شرط موافقة ولي الأمر.
تناقضات واضحة
وعلى خلفية حملة الاعتقالات، شن مغردون حملة انتقادات واسعة ضد السلطات القطرية في الفضاء الإلكتروني.
محمد اللخن المري عضو هيئة تدريس بجامعة قطر قسم الشؤون الدولية غرد في حسابه الموثق بموقع "تويتر"، معلقا على حملة الاعتقالات الأخيرة، ومنتقدا التناقضات بين الدولة في خطابه للداخل والخارج، داعيا الجميع للوقوف مع حرية التعبير.
وقال المري: "إن صح ما تم مؤخراً من استدعاء لمغردين؛ فإنها ليست سابقة، وما يجب أن يكون سابقة هو أن نقف مع حق الجميع في التعبير".
وأردف: "ليس لأن أحداً يقول الحق وليس لأن بلدي تدافع عن حرية التعبير كخطاب خارجي، ليس لأيٍّ من ما سبق يجب أن نقف مع المستدعين؛ بل لأن حرية التعبير مبدأ، لي ولمن يخالفني".
واتفق معه في الرأي الكاتب والاستشاري القانوني محمد فهد القحطاني، مؤكدا أنه: "لا قيمة ولا هيبة ولا اعتبار لحرية التعبير إن لم تمارس داخل الوطن أولا ويتمتع بها كل مواطن ومقيم على أرض هذا الوطن قبل الاجتهاد والمثابرة لتصديرها للخارج!".
في السياق نفسه، أعربت المغردة آمنه المري عن استغرابها من شعارات حرية التعبير للخارج، واعتقال من يقوم بها في الداخل.
وتساءلت عن سبب استدعاء المغردات القائمات على حساب نسويات قطريات، قائلة: "استدعائهن بأي تهمة؟ أي قانون يمنع ما قمن به؟ أين شعارات حرية التعبير وتقبل الآراء التي نصدرها لشعوب العالم".
كما أن تناقض تنظيم "الحمدين"، عبر عنه أيضا بشكل واضح عبدالرحمن المري، قائلا: "هناك حرية تعبير، وهناك خطاب لا يريد لأحد أن يعبر؛ ولأن العلاقة بينهما شديدة التداخل، والقيام بتفكيكها عرضةً للتأويل السيئ، ومدعاة للمشاكل، نعزف عن التصدّي لها، ولكن يجب ألا نغفل عنها، ونستحضرها في أذهاننا على الدوام".
مطالب بالتغيير
بالتزامن مع التحقيق مع عدد من الناشطات وذويهن، أطلقت الكاتبة القطرية تهاني الهاجري استطلاع حمل سؤال "هل تعتقد أن لدينا حرية تعبير؟"، وأكد 81% من إجمالي نحو 11 ألفا شاركوا في الاستطلاع أنهم يرون عدم وجود حرية تعبير في قطر.
وفي تغريدة لاحقة دعت الهاجري للتغيير إلى إعطاء فرصة للشباب، منتقدة الهجوم على الدول الأخرى، قائلة: "اعطوا فرصة للشباب القطري المثقف والراقي ليقود التغيير الإيجابي معكم ومتأكدة أننا سنصبح أفضل، المطبلون الذين يقضون وقتهم في شتم الدول الأخرى بدون أي اهتمام بالقضايا المحلية، لا فائدة منهم".
بدوره أكد المغرد إبراهيم رفضه تقييد حرية التعبير في بلاده، قائلا: "كقطري، أرفض وبشدة محاولات السلطات في بلادي تقييد حرية التعبير ومضايقة المغردين ومخالفة الدستور".
ودعا "إلى محاسبة ومعاقبة من قام باستدعاء مغردين وتطبيق خطوات عملية لضمان عدم تكرار هذه الحادثة".
في السياق نفسه، قال سلمان الأنصاري: "نساء قطر يقفن جنباً إلى جنب وعلى قدم المساواة مع رجالها في بناء هذا الوطن، ومطالبتهن بحقوق أو إصلاحات تتعلق بأوضاعهن لا يجعلهن أقل وطنية، بل على النقيض، هذا يظهر مدى ثقافتهن وهو نتيجة طبيعية لاستثمار الدولة في نسائها".
وأردف: "تزايدت الشكاوى المقدمة ضد مدونين في التواصل الاجتماعي بحجج مختلفة لمجرد تعبيرهم عن رأيهم أو مطالبتهم بتعديلات على القوانين! وبما أن الدستور كفل حق التعبير والذي يشمل نقد الأداء الحكومي، يجب أن يتسع صدر المسؤولين للنقد فهو أساس التطور والتقدم".
المهندسة بدرية كافود، من جهتها وجهت انتقادات حادة للعنصرية والطبقية والفساد والواسطة المنتشرة في قطر، مؤكدة أنه "لن ترتقي الدولة مهما أنفقت من المليارات، ما دامت العنصرية والطبقية والواسطة والفساد متفشية فيها، فالمجتمعات الراقية قد أذابت تلك الكلمات بالمساواة والعدالة واللطف بالعباد، فأصبحت رمزا".
بدورها، أعربت الكاتبة شيماء السلطان عن استغرابها من محاولة شيطنة الناشطات والداعمات لهن، من قبل الموالين لتنظيم الحمدين، قائلة: "تسطيح الحقوق وتخوين المطالبين بحقوق معينة وتهميش آرائهم آفة تتفاقم، لسان حالهم: فإما أن تقول ما أشاء وتفكر كما أريد وإلا فإنك شيطان رجيم!".
"الجزيرة".. كالعادة في نوم عميق
وبطبيعة الحال، كانت قناة "الجزيرة" وأخواتها من وسائل إعلام الحمدين، تغط في نوم عميق، طالما أن قطع حرية التعبير تتم في قطر، وهو ما جعلها عرضة لانتقادات واسعة.
وأعربت المغردة M.Alshamari عن غياب "الجزيرة" عما يجري للحقوقيات القطريات، في وقت كانت تنشط فيه ضد السعودية، بزعم المطالبة بحقوق المرأة.
وقالت: "شيء غريب أن قناة الجزيرة تدافع وتطالب وتظهر للعالم أن السعوديات ناقصهم حقوق (...) وفجأة يتم استدعاء حقوقيات قطريات وأهلهم!! عن أي تناقض وحرية رأي تتكلمون".
وأكد عدد من المغردات القطريات أنه تم اعتقال عدد من القائمات على حساب "نسويات قطريات"، واستدعاء ذويهن للتحقيق، وتهديدهن على خلفية إطلاقهن حملة حقوقية تفضح انتهاك حقوق القطريات.
وردا على عملية الاعتقال أطلق مغردون هاشتاق #اعتقال_نسويات_قطريات، طالبوا خلالها بسرعة الإفراج عن النساء المعتقلات وذويهن، ووقف التضييق على الحريات عبر إغلاق الحسابات، والتحقيق مع النساء وتهديد ذويهن على خلفية آرائهن وطالبوا بوقف الانتهاكات الحقوقية ضد المرأة.
جاءت حملة الاعتقالات بعد حصول السعوديات على مكاسب عديدة، بموجب تعديلات في نظام السفر والأحوال المدنية والعمل جرت، وأضحى بإمكانهن بموجبها استخراج جواز سفر بأنفسهن أسوة بالرجال، والسفر بعد بلوغ 21 عاما دون شرط موافقة ولي الأمر.
وتعد التعديلات الجديدة خطوات مهمة على طريق برنامج الإصلاحات الذي يقوده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشكل تدريجي تحت رعاية وإشراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
ووضع المرأة السعودية الذي تعزز بموجب التعديلات الجديدة والذي طالما كان هدفا دائما لإعلام تنظيم الحمدين خاصة قناة الفتنة "الجزيرة" في حملاتها ضد المملكة والتحريض ضدها في الخارج، أضحى هو ذاته سببا في فضح الانتهاكات الحقوقية للقطريات بعدما انطلقت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تشكو معاناة القطريات.
الدولة الوحيدة
وأصبحت قطر الآن الدولة الخليجية الوحيدة التي تواصل تطبيق قوانين الوصاية على سفر الإناث، ووفقا لموقع وزارة داخليتها تحتاج النساء غير المتزوجات اللائي تقل أعمارهن عن 25 عاما لموافقة ولي الأمر.
ويمكن للرجال القطريين أيضا التقدم للمحاكم لمنع زوجاتهم من السفر، حيث يقول الموقع: "إن المتزوجة يحق لها السفر دون مأذونية بغض النظر عن السن، وعلى الزوج في حالة عدم الرغبة في سفرها اللجوء للمحكمة المختصة لمنع سفرها".
ويوجد تمييز واضح على أساس الجنس في قوانين السفر، ففي مقابل القيود المفروضة على المرأة "يسمح للذكور لمن بلغ سن 18 سنة فأكثر بالسفر من دون حاجة لإذن من ولي".
وحتى يوجد تمييز على أساس الجنس فيما يتعلق باستخراج جوازات السفر، فبحسب بوابة الحكومة الإلكترونية الرسمية القطرية "يمكن للقطريين من الذكور الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما التقدم بطلب لإصدار جوازات سفر جديدة لهم أو لمن يعولونهم، كما يمكنهم تقديم الطلب نيابة عن: البنات والأخوات غير المتزوجات".
وبعد التعديلات الأخيرة في المملكة، أصبح للسعوديات الحق في التقدم بطلب للحصول على جواز سفر والحصول عليه بشكل مستقل.
ولا توجد أنظمة وصاية على المسافرات البالغات سواء في الإمارات أو البحرين، فيما حصلت المرأة الكويتية على حق السفر دون إذن ولي الأمر في عام 2009 وللمرأة العمانية حرية السفر؛ لكن "العمانية" المتزوجة تحتاج إلى موافقة من زوجها للحصول على جواز سفر.
وتعد النساء في قطر الأكثر تهميشا، فحتى قبل عامين لم يكن هناك وجود للنساء داخل البرلمان القطري المعين، ورغم أنه بالتعيين قام تميم بن حمد بتعيين 4 نساء فقط في المجلس البالغ عدد أعضائه 45 بنسبة أقل من 9%.
يأتي هذا في وقت ضاعفت فيه الإمارات النسبة الحالية للتمثيل النسائي في المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) من 22.5% إلى 50% بداية من الدورة المقبلة، لتصبح في المراكز المتقدمة على مستوى العالم من حيث تمثيل المرأة في البرلمان.
وتخصص السعودية 20% من المقاعد للنساء داخل مجلس الشورى (30 امرأة من بين 150 عضوا)، فيما تتاح للنساء في الكويت وعمان والبحرين المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
انتقادات عالمية
وفي هذا الصدد، كشف تقرير "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" عن بعض ممارسات النظام القطري الشائنة في مجال حقوق الإنسان والسجل الأسود لنظام "الحمدين" في مجال حقوق الإنسان عامة.
جاء ذلك ضمن أعمال الدورة الثالثة الثلاثين للمفوضية خلال الفترة من 7 إلى 17 مايو/أيار الماضي بجنيف.
وذكر التقرير الأممي أن التمييز بين الرجل والمرأة في شأن منح الجنسية للأبناء لا يزال يمثل إحدى أهم الإشكاليات التي تواجه "الحق في المساواة" في الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور القطري، وما يترتب على ذلك التمييز من معاناة القطريات في تعليم أبنائهن ورعايتهن صحيا وحصولهن على فرص عمل.
وقارنت المنظمة الدولية بين الوضع في قطر وما يتمتع به أبناء دول "مجلس التعاون الخليجي" بحقوق تزيد على تلك التي يتمتع بها أبناء القطريات.
وتواجه المرأة كل أشكال التمييز في القانون والواقع الفعلي، ولا تزال قوانين الأحوال الشخصية تتضمن تمييزا ضد المرأة فيما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال والجنسية وحرية التنقل.
ورغم الموافقة الرسمية على مسودة قانون يمنح حق الإقامة الدائمة لأطفال النساء القطريات المتزوجات برجال غير قطريين، فقد استمر التمييز فيما يتعلق بنقل الجنسية والمواطنة إلى أطفالهن.
وخلص التقرير إلى القول: "إذن نحن أمام دولة تمارس التمييز العنصري وتهدر مبدأ المساواة بين شعبها، الأمر الذي لم تستطع معه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان غض الطرف عن تلك الممارسات التمييزية بحق النساء والأطفال في قطر".
كما سبق أن وجه العديد من المنظمات الدولية كثيرا من الانتقادات لقطر على خلفية انتهاكاتها لحرية التعبير والصحافة، من بينها منظمة "مراسلون بلا حدود"، والخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي.
وكشفت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان الصادر في مارس/آذار الماضي، عن تجاوزات عديدة أبرزها غياب الديمقراطية وحرية التعبير، حيث ذكر أن الحكومة القطرية تراقب وتراجع المطبوعات الأجنبية والأفلام والكتب.
أيضا، في ظل سيطرة "الحمدين" على الصحافة، يغيب الصوت المعارض والمخالف لآرائه، ويتم تخوين المعارضين، والهجوم على المخالفين له في الرأي.
aXA6IDMuMTQzLjIzLjM4IA== جزيرة ام اند امز