مسؤول التأهيل النفسي في 57357 لـ"العين الإخبارية": الأطفال يعزفون الموسيقى بعد 48 ساعة من العملية
في مستشفى "57357"، لا يقتصر علاج الأطفال مرضى السرطان على الكيماوي والإشعاعي والتدخل الجراحي، بل يشمل التأهيل النفسي والعلاج بالفن.
وفي مركز الإبداع الفني، يمكنك رؤية الأعمال الفنية التي تحمل توقيع الأطفال المرضى كما في أشهر معارض الفن، فضلا عن المشغولات والمجسمات الفنية العملاقة.
وخلال جولتها داخل المستشفى، التقت "العين الإخبارية" بـ"كروان"، مهندس سلوك بمركز الإبداع الفني، للوقوف على هذا الجانب من العلاج ومعرفة جوانبه. وإلى نص الحوار:
في البداية.. ماذا يعني العلاج بالفن؟
العلاج بالفن مهم جدا في "57357"، والطفل في بداية تشخيصه بمرض السرطان يتلقى صدمة كبيرة، ويكون وقع الخبر عليه كارثيًا، ولكن في مركز الإبداع الفني نثبت أن رحلة العلاج هي بداية لحياة جديدة بالنسبة لكل طفل مريض، ونقود المرضى لاكتشاف الفنون والألوان وجميع الأشياء الجميلة حولهم في الحياة، بهدف نزع الطاقة السلبية منهم واستبدالها بطاقة إيجابية.
في البداية نجعل الطفل يرى بعينيه الألوان وكل ما هو جميل في الدنيا، ونبدأ بسحب كل الطاقة السلبية، والتعرف على مشاكله وطريقة تفكيره بعد تشخيصه بالمرض، ثم نمنحه أدوات رسم وألوان وندمجه في أنشطة لتنفيذ أعمال فنية، لتحل هذه الأمور والأنشطة محل الأفكار الخاطئة عن المرض داخل الطفل.
ما هي مراحل العلاج بالفن؟
العلاج بالفن يمر بـ3 مراحل، في المرحلة الأولى نستقبل الأطفال من عمر سنة ونصف حتى 5 سنوات، وهذه المرحلة تشمل جميع الأطفال وذوي الهمم والأطفال المصابين بمتلازمة داون، وفيها نكتشف مواهبهم، وفي المرحلة الثانية لدينا غرفة "هاند كرافت" فنون يدوية، نستقبل فيها الأطفال من سن 5 إلى 10 سنوات، وفي المرحلة الثالثة غرفة الفنون "الآرت" ونستقبل بها الأطفال من عمر 10 سنوات فأكثر..
في المرحلة الأولى نعمل على اكتشاف الفن والموهبة عند الطفل، وفي مرحلة "الهاند كرافت" ندفع الطفل للعب بالألوان والرسم ونوفر له المساحة التي يرغب فيها، وفي مرحلة الـ10 سنوات أو مرحلة "الآرت" نبدأ بتعليم الطفل الفنون الكبيرة، فبعد اكتشاف موهبته والعمل عليها نبدأ بتخصيصه في المجال الذي يفضله ويميل إليه، بجانب تعديل السلوك والعلاج النفسي.
بذلك نقدم العلاج النفسي والسلوكي للطفل بالفنون، ونعمل على جميع أنواع الفون، في الموسيقى على سبيل المثال نعلم الأطفال النوتة الموسيقية ونشرح له معنى السيمفونية، وهذا أمر بالغ الأهمية في وقت انحدر فيه الفن والموسيقى بشكل خطير في المجتمع، ونحن هنا نعلم الطفل الفن الراقي، زمايلنا من الأوبرا متطوعين يعملوا شغل حلو جدا مع الولاد، تخيل ولد عامل عملية خطيرة زي إزالة ورم من جذع المخ، تستغرق 21 ساعة و بعد 48 ساعة من العملية الولد بيجي هنا يعزف مزيكا، مفيش مستحيل، أهمية الفنون في العلاج كله مهم جدا لا تقل أهمية عن الدواء والعلاج نفسه.
شاهدنا أعمالًا فنية في أرجاء المركز.. هل تحمل توقيع المرضى؟
بالفعل، الأعمال الفنية في المركز من إبداع الأطفال المرضى، وهذا الأمر يدهش الكثيرين، ولدينا أطفال تلقوا العلاج في المستشفى والمركز وأصبحوا الآن أطباء ومهندسين ورياضيين أبطال جمهورية، ونحن نكتشف جميع الأعمار، الأطفال الصغيرة نسبيًا ندمجها في أنشطة حركية وتعتمد أكثر على اللعب، وفي سن الـ5 سنوات يبدأ الطفل بوضع القلم واللون على الورقة.
ما أهمية العلاج بالفن لمريض السرطان؟
العلاج بالفن مهم جدًا، نحن نعالج الأطفال سلوكيًا بجانب العلاج الطبي، وهدفنا من تعريف الطفل بالفنون وتعديل السلوك هو أن يكون بعد مرحلة العلاج مواطن صالح في مجتمعه، يتحلى بالأخلاق الجيدة ويتلقى تربية إيجابية، ونستهدف أن يكون المريض إنسان وطفل وشخص مؤثر في محيطه، لذا فالعلاج بالفن مهم جدا، ولا يمكن الاستغناء عن الفن والألوان والموسيقى، لأن الفنون هي غذاء الروح.
معظم الأطفال في المسشتفى يأتون من أماكن بعيدة ومتفرقة، بسلوكيات مختلفة، ومحيطات لا تتيح للطفل مساحته في الأعمال الفنية، وفي المركز نحرص على توفير هذه المساحة للطفل، ونقدم له كل ما يحتاجه ولكن بالطريقة الصحيحة، فعلى سبيل المثال قد يرغب الطفل في اللعب بالكبريت (أعواد الثقاب)، وإذا حاولت إثنائه عن هذا بالضرب فهذا بداية طريق الضياع للطفل، لكننا هنا نجعله يلعب بالكبريت، ولكن بطريقة معينة تشرح له كيفية إشعال الكبريت واستخداماته الصحيحة.
هل يقتصر التأهيل النفسي على الطفل دون المرافق؟
هذه نقطة مهمة جدًا، فنحن نعمل على الطفل ومرافقه، ونقدم محاضرات "لايف كوتش" للأمهات من أجل نزع الطاقة السلبية وتبديلها بطاقة إيجابية، ونعلم المرافقين كيفية التعامل مع الوضع الجديد للطفل المريض، وأغلب الأسر هنا يأتون كما قلت من أماكن متفرقة، ومعظمها بلا تربية إيجابية أو تعديل سلوك أو ثقافة بشكل عام، لذا نحرص على تعليمهم طريقة التأقلم مع الوضع الجديد، والتعامل مع الطفل سلوكيًا، والعلاج الكيماوي يجعل الطفل شديد العصبية ويضعف حالته المعنوية والنفسية، وبعض الأمهات في بداية العلاج لا يقدرن على تحمل هذه التغيرات النفسية والمزاجية، وقد تصل بعض الأمهات إلى مراحل قاسية جدًا مع الطفل بتعنيفه وضربه، ولكننا نغير كل هذه السلوكيات، وأخيرًا لا يمكنني العمل مع الطفل وإهمال دور الأم أو المرافق، ويجب أن يعمل بيت المريض في هذا المسار مع المركز، فلا بد أن يصير التأهيل النفسي وتعديل السلوك في المنزل أيضًا.
هل تتذكر موهبة بارزة لأحد الأطفال المرضى؟
أنا أعمل في المركز منذ عام 2016، وقبل ذلك كنت متطوعًا بالمستشفى، ورأيت هنا بعيني نماذج لمواهب كثيرة لا تحصى، مواهب فذة جدًا، ولدينا أطفال تلقوا العلاج والآن يدرسون بكلية الفنون الجميلة، كما لدينا رياضيون أبطال جمهورية كما أشرت سابقًا، ومن تخصصوا في الرسم قدموا لوحات وأعمال فنية لا أحد يصدق أنهم وصلوا إليها هنا، وكان عندي حالة لطفل يدعى عبدالفتاح، حالته كانت بالغة التعقيد ومتأخرة جدًا، وتعافي بعد جراحة خطيرة جدا في الفك لإزالة الورم، هذا الطفل حقق إعجازًا رهيبًا ووصل لمراحل متقدمة للغاية في الفن التشكيلي، وهناك فنانون رأوا أعماله وقالوا إن حالته لا تتكرر كثيرًا، وهذا الطفل كان قادمًا من بيئة صحراوية، ولم يكن يعرف شيئًا عن الفن، واكتشفنا موهبته هنا، هذه الحالة تؤثر فيّ بشكل شخصي.
هل ينظم المركز حفلات فنية للأطفال المرضى؟
نستقبل باستمرار فنانين تشكيليين وموسيقيين عالميين، كما أن الفرقة الموسيقية بالقوات المسلحة تنظم حفلًا بانتظام لصالح الأطفال، ولدينا متطوعين من دار الأوبرا المصرية، وأوجه رسالة إلى كل فناني مصر، ممثلين ومطربين وتشكيليين وكل أنواع الفنون الأخرى، فكروا دائمًا في أولادنا المرضى، ننتظركم لزيارة مركز الإبداع الفني، تعالوا دوقوا حلاوة الولاد والنور اللي جواهم، تعالوا اقعدوا مع الولاد وخدوا بركتهم.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMC4yNTIg جزيرة ام اند امز