المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو.. ماذا يعني طلب تنفيذها؟
عقب إطلاق روسيا عملية عسكرية بأوكرانيا، تقدمت إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا الأعضاء في حلف الناتو بطلب تفعيل المادة 4 من المعاهدة.
وقالت الحكومة الإستونية في بيان، الخميس إن رئيس الوزراء، كاجا كالاس، قال إن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل "تهديدًا لأوروبا بأكملها".
نص المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو
وتمنح المادة 4 من معاهدة حلف شمال الأطلسي الحق لأي دولة عضوة بالحلف وتشعر بأنها مهددة من قبل دولة أخرى أو منظمة إرهابية، في تقديم طلب لبدء الدول الأعضاء الثلاثين مشاورات رسمية للبتّ فيما إذا كان التهديد موجوداً وكيفية مواجهته، مع التوصّل إلى قرارات بالإجماع.
وفي أعقاب الصراع الروسي الأوكراني، تقدّمت الدول الأربع بطلب للدول الأعضاء بالحلف بإطلاق المادة في ظل تقارير بأن أوكرانيا تمثل البداية وأن موسكو تحلم بإعادة إحياء الأمجاد السوفيتية.
نتائج تفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف الناتو
آلية التشاور هذه فُعِّلَت عدة مرات بتاريخ الناتو، كان أحدثها عندما طلبت تركيا في فبراير/شباط 2020 من حلف الناتو عقد اجتماع طارئ لبحث هجمات الجيش السوري –بدعم روسي- ضد القوات التركية في إدلب.
وسبق أن طلبت تركيا أيضا في 2015 تفعيل المادة الرابعة، وعقب ذلك أقرّ الحلف سلسلة تدابير لتعزيز أمن تركيا.
وتختلف المادة 4 عن المادة 5 من ميثاق الناتو، إذ تحدد الأخيرة المساعدة العسكرية من قبل الحلف بأكمله في حالة تعرّض إحدى الدول الأعضاء للهجوم.
والمرة الوحيدة التي استُخدمَت فيها المادة 5 كانت عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول بالولايات المتحدة، التي راح ضحيتها أكثر من 3 آلاف شخص. وعندما هاجمت الولايات المتحدة أفغانستان شارك الناتو حينئذ إلى جانب القوات الأمريكية.
وتُعد هذه الدول جزءاً من "الجناح الشرقي" للحلف إلى جانب سلوفاكيا والمجر ورومانيا، ويجري تعزيز هذا الجناح حالياً بنحو 6 آلاف جندي أمريكي وألف جندي بريطاني و350 جندياً ألمانياً، بالإضافة إلى جنود من الدول أعضاء الناتو الآخرين.
30 دولة
والناتو أو منظمة حلف شمال الأطلسي، هو تحالف عسكري حكومي دولي تأسس عام 1949، بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منع التوسع السوفيتي في أوروبا بشكل أساسي.
وتم تشكيل الحلف مع توقيع معاهدة شمال الأطلسي عام 1949، وضم في عضويته آنذاك 12 دولة، لكنه توسع ليضم في الوقت الراهن 30 دولة.
ويعتبر "الناتو" أكبر وأقوى تحالف عسكري في التاريخ، ويلتزم الحلف بالحرية الفردية والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون مع اتخاذ جميع القرارات بتوافق الآراء.
ويقع المقر الدائم لحلف الناتو في بروكسل، حيث يترأس الأمين العام هيئات صنع القرار العليا، والأمين العام الحالي، هو رئيس وزراء النرويج السابق ينس ستولتنبرغ.
وأوكرانيا ليست عضوا بالناتو، لكن لطالما أملت في الانضمام للتحالف. وهذه نقطة حساسة بالنسبة إلى روسيا، التي تنظر إلى الناتو باعتباره تهديدا لها وتعارض الخطوة بشدة.
وفي ظل التوترات الأخيرة مع الغرب، طالبت روسيا بضمانات قوية على عدم توسع الحلف شرقا، لا سيما إلى أوكرانيا. لكن عارضت الولايات المتحدة والناتو تلك المطالب.
ولطالما تمتع الحلف بـ"سياسة الباب المفتوح"، التي تنص على أن أي دولة أوروبية مستعدة وراغبة في الاضطلاع بالتزامات وتعهدات العضوية فيرحب بتقدمها بطلب العضوية. ويجب الموافقة على أي قرارات بشأن التوسع بالإجماع.
وفي أعقاب الحرب الباردة، أوضح الناتو أنه سيرحب بالتوسع شرقا وفي عام 1997، دعيت جمهورية التشيك والمجر وبولندا لبدء محادثات الانضمام.
ومنذ ذاك الوقت، انضمت أكثر من 12 دولة من الكتلة الشرقية السابقة، بما في ذلك ثلاث جمهوريات سوفيتية سابقة، إلى التحالف.
وبالرغم من التغييرات الجيوسياسية الكبيرة منذ تأسيس الناتو، ظل هدفه المعلن كما هو. والمبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التحالف هو مبدأ الدفاع الجماعي: "سيعتبر أي هجوم مسلح ضد واحدة أو أكثر منها (الدول الأعضاء) في أوروبا أو أمريكا الشمالية هجوما ضدهم جميعا".
المادة الخامسة
وتحدد المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي، وتضمن أن موارد الحلف بأكمله يمكن استخدامها لحماية أي دولة عضو، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعديد من الدول الصغيرة التي ستصبح دون دفاعات بدون حلفائها، فأيسلندا، على سبيل المثال، ليس لديها جيش نظامي.
وبما أن الولايات المتحدة هي أكبر وأقوى عضو بالناتو، تخضع أي دولة في الحلف فعليا لحمايتها.
وفي حقيقة الأمر، كانت المرة الوحيدة التي استشهد فيها بالمادة الخامسة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول لعام 2001 على الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، انضم حلفاء الناتو لغزو أفغانستان.
ومع ذلك، اتخذ الناتو إجراءات في مناسبات أخرى أيضا؛ حيث اتخذ تدابير جماعية عام 1991 عندما نشر صواريخ باتريوت خلال حرب الخليج، وفي عام 2003 خلال الأزمة في العراق، وفي 2012 استجابة للوضع في سوريا، أيضًا بصواريخ الباتريوت.
هل للناتو جيش خاص؟
الإجابة هي: لا. يعتمد الناتو على دوله الأعضاء المساهمة بقوات، ما يعني أنه بنفس قوة القوات الفردية لكل دولة. ويصب هذا في مصلحة التحالف بأكمله للتأكد من أن كل دولة تضع ما يكفي من الموارد للدفاع عنها.
وكانت هذه إحدى النقاط الشائكة في التحالف، حيث غالبا ما تنتقد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الدول الأعضاء الآخرين لعدم وضع حصتهم العادلة.
لطالما تجاوز الإنفاق العسكري الأمريكي ميزانيات الحلفاء الآخرين منذ تأسيس الناتو في عام 1949، لكن اتسعت الفجوة كثيرًا عندما عززت الولايات المتحدة إنفاقها بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وبموجب المبادئ التوجيهية للناتو، يجب أن تنفق كل دولة 2% من إجمالي ناتجها المحلي على الدفاع، لكن لا تصل معظم الدول لذلك الهدف.
وطبقًا لآخر التقديرات الصادرة عن الناتو، حققت سبع دول، هي: اليونان، والولايات المتحدة، وكرواتيا، والمملكة المتحدة، وإستونيا، ولاتفيا، وبولندا، وليتوانيا، ورومانيا، وفرنسا، هدف الـ2% عام 2021. ويعد هذا تحسنا كبيرًا؛ إذ إنه في 2014، أنفقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليونان فقط أكثر من 2%.
مهام أخرى
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تطور الناتو وتوسع. وبمرور السنوات منذ ذاك الوقت، شارك أعضاؤه في حفظ السلام في البوسنة، حيث حاربوا الاتجار في البشر، وأرسلوا لاعتراض اللاجئين في البحر المتوسط.
ويستجيب التحالف أيضًا للطرق الجديدة التي تتكشف بها الصراعات، على سبيل المثال، من خلال إنشاء مركز دفاع سيبراني في إستونيا.
aXA6IDEzLjU4LjM4LjE4NCA= جزيرة ام اند امز