الفنان جلال جمعة: احترافي التشكيل بالسلك جاء "بالصدفة"
جلال جمعة يعد رائد فن التشكيل بالسلك "الواير" في مصر والعالم العربي وقدم أشكالا مدهشة لطيور وحيوانات وبورتريهات لشخصيات عامة.
بجسد ضخم وشعر مرسل ونظرات تفيض طيبة وبراءة، يبدو الرجل الذي أتم لتوه السبعين من عمره مثل طفل صغير يكاد يقفز فرحا كلما انتهى من قطعة نحتية جديدة، ربما لم يلق التقدير المستحق من المؤسسات المختصة لكن انبهار جمهوره بأعماله في كل معرض تكفيه تماما.
إنه الفنان الكبير جلال جمعة الذي يعد رائد فن التشكيل بالسلك "الواير" في مصر والعالم العربي حيث استطاع عبر تلك الخامة البسيطة تقديم أشكال مدهشة لطيور وحيوانات وبورتريهات لشخصيات عامة مثل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر والفنان نجيب الريحاني والمهاتما غاندي.
في السطور التالية يحدثنا جمعة عن شغفه وبداياته وأبرز إنجازاته
كيف كانت بداية الرحلة مع تلك الخامات غير التقليدية؟
في طفولتي كنت شغوفا بالتشكيل بالصلصال والرسم بالأقلام الملونة والأحبار، كما كانت تستهويني بشكل خاص تلك الأحجار الصخرية الصغيرة الناعمة "الزلط" فكلما وجدت كومة كبرى منها في موقع تحت الإنشاء أقتني منها قطعة أو اثنتين، كأنني أقتني جواهر ثمينة، وعلى الرغم من عملي كمهندس ديكور عقب تخرجي في كلية الفنون التطبيقية عام 1974، فإن تساؤلاتي عن علاقة الكتلة والفراغ لم تنته إلى أن جاءت الصدفة التي رسمت مستقبلي وهويتي الفنية.
كيف ذلك؟
ذات يوم رأيت فوق سطوح إحدى البنايات كتلة من السلك ترقد مهملة وسط مجموعة من الصفائح. أمعنت النظر ورأيت في هذه الأسلاك غزالة. اشتغلت على السيقان وتوضيح الرأس، فإذا بي أمام قطعة فنية متكاملة الأركان كانت قبل أيام قليلة مجرد قمامة. رأى صديقي آنذاك الملحق الثقافي الفرنسي العمل وشجعني على المشاركة به في معرض أقيم بمركز ساقية الصاوي. ومن يومها عرفت أن "السلك" هو الخامة التي ستعيش معي وتعكس ما بداخلي من مشاعر وأفكار.
تبدو أعمالك أحيانا أقرب للتجريد، هل تتعمد ذلك؟
يسعدني بالطبع وصفك لأعمالي بهذه الصفات، لكني لا أتعمد شيئا. أنا أترك نفسي للخامة لتوجهني فهى التي تشّكل نفسها بنفسها وما أنا إلا مجرد وسيط. بالطبع لا أستخدم "اللحام" في عملي حتى أحافظ على جماليات الخامة ومصداقيتها.
أعمالك متنوعة، على أي أساس تختار الشكل النهائي للعمل؟
لا أتعب نفسي في اتخاذ القرار، الخامة هى من تختار شكلها النهائي. إنها تتخذ القرار بالنيابة عني وتوحي لي به فقط. كل مهمتي أن أجيد الإنصات للخامة واستشعار حساسيتها الخاصة لأتلقى رسالتها لي. هذا لا يمنع أنني أحيانا قد أشاهد تشكيلا لغيمة في السماء أو خيالات تتراقص على الحائط فتقفز فكرة ما إلى ذهني.
لماذا اتجهت مؤخرا لتعليم الأطفال هذا الفن الصعب؟
فضلا عن مسؤولية نقل الفن للأجيال الجديدة، هناك شغف التفاعل مع الصغار ولذة أن تكون شاهد عيان على دهشتهم وذكائهم. كان الجلوس إلى الأطفال من الصم والبكم بمحافظة المنيا بصعيد مصر على سبيل المثال واحدة من أفضل التجارب التي مررت بها حيث نجحت في تعليمهم مبادئ هذا الفن. ويسعدني للغاية أن لي تلاميذ في العاشرة من العمر أتوقع لهم مستقبلا باهرا.
وما ردود الأفعال التي لا يمكن أن تنساها خلال تجربتك؟
- زارني ذات مرة الأديب العملاق يحيى حقي وبعد أن تطلع لأعمالي في المعرض قال بالحرف الواحد: "أعمال تتسم بالطرافة والخيال مع التميز و الخصوصية". أيضا قال أستاذي بكلية الفنون التطبيقية د. طه حسين عن أعمالي: أجاد الفنان بما قدمه من تكوينات تجمع بين الخيال والطبيعة على نحو يضيف للخامة حيوية وانطلاقة في التعبير".
ما نصيحتك لمن يريد التخصص في فن التشكيل بالسلك؟
- لا تخافوا الفشل.. حاولوا مرة واثنتين ومئة. في النهاية سوف يكون النجاح حليفكم، كما عليكم الاستزادة من الثقافة البصرية ما أمكنكم وعدم التخلي عن الشغف بداخلكم.
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg جزيرة ام اند امز