عصائب أهل الحق.. مليشيات إيران لقتل العراقيين والسوريين
بعد إطلاق سراح الخزعلي أصبحت العصائب تعمل باتجاهين، إحداها عسكري والآخر سياسي، ضمن الخطة الإيرانية لإقحام المليشيات العملية السياسية
مليشيات عصائب أهل الحق ثالث أكبر مليشيا عراقية تابعة لإيران، وتنفذ مع فيلق القدس جناح مليشيا الحرس الثوري الخارجي عمليات إرهابية في سوريا ولبنان واليمن.
بداية تشكيلها يعود إلى عام ٢٠٠٣ إبان سقوط نظام صدام حسين بالعراق، حيث كانت مجموعة خاصة ضمن مليشيا جيش المهدي الذي شكله زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر آنذاك وألغاها فيما بعد.
لكن زعيم المليشيا الإرهابية قيس الخزعلي سرعان ما انشق عن جيش المهدي، وأعلن تشكيل مليشيات عصائب أهل الحق.
وحسب إحصائيات رسمية عراقية، حصلت عليها "العين الإخبارية" من مصادرها، بلغ أعداد مسلحي العصائب نحو ١٥ ألف مسلح يتلقون رواتبهم من ميزانية العراق، فيما تتلقى هذه المليشيات سلاحها بطريقتين، إحداها من الحرس الثوري الإيراني والأخرى من حصة الجيش العراق من السلاح الذي تشتريه الحكومة العراقية سنويا، ويتلقى عناصرها التدريبات على يد ضباط في فيلق القدس، في معسكرات منتشرة في العراق وأخرى داخل الأراضي الإيرانية والسورية.
الخزعلي أصبح مطلوبا لدى القوات الأمريكية عام ٢٠٠٧، بعد تنفيذ العصائب عملية إرهابية ضد القوات الأمريكية في محافظة كربلاء جنوب بغداد، أسفرت عن مقتل ٥ جنود أمريكيين.
وفي مارس/آذار من العام نفسه اعتقلت قوات التحالف الدولي الخزعلي وشقيقه ليث القيادي في العصائب، وعدد من قيادات المليشيا في محافظة البصرة جنوبي العراق، وقضوا في سجن بوكا نحو ٣ أعوام.
وأطلق سراح قيس قبل شقيقه بصفقة تبادل أسرى في يناير/كانون الثاني من عام ٢٠١٠.
وجاءت عملية إطلاق سراح الخزعلي بعد أن اختطف مسلحون من العصائب، في هجوم أشرف عليه فيلق القدس الإيراني نهاية عام ٢٠٠٩، 5 خبراء بريطانيين من ضمنهم خبراء معلوماتية أثناء وجودهم داخل وزارة المالية في بغداد ومن ثم بادلتهم المليشيا بزعيمها الخزعلي في العام التالي.
وبعد إطلاق سراح الخزعلي أصبحت العصائب تعمل باتجاهين مرتبطين، إحداها عسكري والآخر سياسي، ضمن الخطة الإيرانية لإقحام المليشيات بالعملية السياسية.
وشنت العصائب خلال الفترة الممتدة من عام ٢٠٠٣ وحتى ٢٠١١ أكثر من 6 آلاف هجوم إرهابي على القوات الأمريكية والعراقية، من ضمنها خطف رهائن أجانب.
وما زال نحو ٥ آلاف عنصر من مليشيا العصائب تحارب في سوريا تحت إشراف فيلق القدس في مناطق متعددة، منها ريف دمشق والبوكمال والقصير وإدلب وحلب، وشاركت في غالبية عمليات الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
وبعد سيطرة تنظيم داعش على الموصل عام ٢٠١٤ وتشكيل مليشيات الحشد الشعبي، كانت العصائب من المليشيات الجاهزة التي انخرطت في هيئة الحشد الشعبي، وأصبحت مع كتائب حزب الله العراق ومنظمة بدر إحدى أبرز المليشيات المسيطرة على الحشد.
وشاركت العصائب في معارك الأنبار وصلاح الدين والموصل، ونفذت جرائم حرب ضد العراقيين بحجة الحرب ضد إرهابيي داعش، فقتلت الآلاف من سكان محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل وديالي وكركوك، ونفذت عمليات إعدام جماعية.
كما شنت حملات إخفاء قسرية ضد آلاف آخرين ما زال مصيرهم مجهولا حتى اليوم، ولم تستثنَ الأطفال والنساء من جرائمها، حيث قتلت الكثيرين منهم، ودمرت المدن، حتى المنشآت الحكومية لم تسلم من جرائمها، حيث فككت مصفى بيجي في محافظة صلاح الدين أكبر مصافي النفط في العراق ونقلتها أجزاء مجزئة الى إيران.
وأعلنت العصائب عام ٢٠١٤ عن تأسيس جناح سياسي باسم كتلة "صادقون" النيابية، شاركت في إطار ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمها زعيم حزب الدعوة نوري المالكي في الانتخابات، وحصلت على مقعد واحد في مجلس النواب العراقي، لكنها لم تسلم سلاحها للدولة العراقية.
وخلال السنوات التي أعقبت عام ٢٠١٤ وصولا لعام ٢٠١٨، التي شهدت انتخابات مجلس النواب العراقي، تمكنت العصائب بدعم من إيران من الحصول على ١٥ مقعدا نيابيا لتعزيز وجودها في البرلمان إلى جانب الآخرين من أتباع إيران.
وكشفت مصادر حكومية عراقية لـ"العين الإخبارية" أن العصائب تتلقى شهريا منذ عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي ومرورا بعهد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والحالي عادل عبدالمهدي شهريا نحو ٣٠ مليون دولار أمريكي من موازنة العراق، إضافة إلى ما تجنيه من أموال، إثر استحواذها على مشاريع استثمارية وصفقات تجارية وعمليات تهريب النفط والمخدرات والاتجار بالبشر وسرقة الآثار، أما فضائية العهد التي تمتلكها هذه المليشيات فهي تمول من قبل إيران ضمن أكثر من ٧٠ فضائية عراقية يشرف عليها فيلق القدس.
وصوّت الكونجرس الأمريكي، في يونيو/حزيران من عام ٢٠١٨، بالإجماع على إدراج 3 مليشيات عراقية على لوائح الإرهاب الدولية، عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وحركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي، وكتائب حزب الله العراق بزعامة أبومهدي المهندس.
ومع انطلاق المظاهرات الشعبية في العراق المطالبة بتغيير النظام السياسي وإنهاء النفوذ الإيراني في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كانت العصائب في مقدمة المليشيات التي قمعت العراقيين بشتى الوسائل من استهداف بالرصاص الحي وقنص ودهس واختطاف وإعدامات جماعية.
فمسلحو العصائب وزعيمهم ضمن غرفة العمليات الإيرانية التي يشرف عليها قاسم سليماني الخاصة بقمع المتظاهرين العراقيين، وقتلت هذه المليشيات العشرات من المتظاهرين السلميين في بغداد وجنوبي العراق.
وبعد انطلاق المرحلة الثانية من مظاهرات العراق في ٢٥ أكتوبر/تشرن الأول، استخدمت مليشيات الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية العنف المفرط في قمعها.
وأظهرت صور تداولها ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي وسام العلياوي، مسؤول مكتب العصائب في محافظة ميسان جنوب العراق وشقيقه يعتليان إحدى المباني ويحيط بهما قناصة، وذكر متظاهرون أن العلياوي وشقيقه قتلا العشرات من المتظاهرين.
ونشر المتظاهرون فيما بعد فيديو لوسام العلياوي وشقيقه وهما داخل سيارة إسعاف في ميسان، وكان هذا الظهور الأخير لهما لأنها قتلا على يد المتظاهرين الغاضبين.
وفي مراسم تشييع العلياوي وشقيقه حمل الخزعلي الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية مقتل العلياوي، وهدد بالانتقام له، وأعاد تهديداته مجددا خلال مراسم العزاء التي نظمها في بغداد بمشاركة قادة المليشيات وغالبية المسؤولين العراقيين.
aXA6IDMuMTQuMTM0LjE4IA== جزيرة ام اند امز