الثلاثة الكبار بـ"آسيان".. مواجهة جيوسياسية وتحذير من حرب باردة
تحت سقف واحد يتواجه ممثلون كبار لأمريكا والصين وروسيا بقمة "آسيان"، ما يغلف الاجتماعات بغطاء جيوسياسي، وسط تحذيرات من حرب باردة.
وتستضيف جاكرتا القمة الـ43 لزعماء "آسيان" بين الثلاثاء والخميس، يتخللها عقد قمم مع شركائها الدوليين، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة وروسيا، وغيرها.
وأمس الأربعاء، اعتبر رئيس وزراء الصين لي تشيانغ، خلال لقاء مع قادة اليابان وكوريا الجنوبية ودول آسيان في القمة المنعقدة بإندونيسيا، بأنه على القوى العظمى معارضة مفهوم المواجهة والحيلولة دون اندلاع حرب باردة جديدة.
وقال المسؤول الصيني، خلال قمة آسيان+3، إن "الاختلافات قد تنشأ بين الدول بسبب سوء فهم ومصالح متضاربة أو تدخلات أجنبية". مضيفا: "من أجل إبقاء هذه الخلافات تحت السيطرة من المهم راهنا الامتناع عن اختيار معسكر ما، ومعارضة المواجهة بين الكتل ومنع حرب باردة جديدة".
جاءت هذه التصريحات على هامش اجتماع قادة الدول ومسؤولين كبار بينهم نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، للبحث في مجموعة قضايا ألقت بظلالها على اجتماعات رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) الأسبوع الحالي.
وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان قال لصحفيين الثلاثاء إن هاريس ستشدد على "التزام الولايات المتحدة المتواصل لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ عموما".
وأعاد التوتر المصاحب للحرب الروسية الأوكرانية تقسيم العالم إلى معسكرات، أحدهما حول الولايات المتحدة وآخر حول روسيا، وثالث يقف في المنتصف ويتمسك ببناء الجسور، هذا الوضع فاقم تقسيم العالم على أسس اقتصادية، في إطار ما عرف في السنوات السابقة بـ"الحرب التجارية"، ووقوف الولايات المتحدة في جهة والصين في جهة أخرى.
هذه التقسيمات المستمرة للعالم والتوترات المتزايدة بين القوى الكبرى على أكثر من مستوى تعيد للواجهة فترة الحرب الباردة، التي تميزت بصراع مكتوم لم يتطور لمواجهة مباشرة بين أمريكا والاتحاد السوفياتي، وشملت سباقات تسلح عملاقة وحروب بالوكالة في أكثر من منطقة.
بحر الصين الجنوبي
وتشمل النقاشات خارطة أصدرتها بكين قبل فترة قصيرة، تظهر مطالبتها بالسيادة على الجزء الأكبر من بحر الصين الجنوبي، والخلاف بينها وبين اليابان حول تصريف المياه المعالجة من محطة فوكوشيما النووية في البحر، وأيضا إطلاق كوريا الشمالية لصواريخ باليستية.
إذ أثارت الصين حفيظة عدة بلدان في آسيان الأسبوع الماضي عندما نشرت خريطة رسمية تعلن فيها سيادتها على بحر الصين الجنوبي بمعظمه، قوبلت الخطوة بتنديدات حادّة من أنحاء المنطقة، بما في ذلك من ماليزيا وفيتنام والفلبين.
وقالت اليابان، الثلاثاء الماضي، إنها قدمت "احتجاجا قويا" ضدّ بكين بشأن الخريطة ودعت إلى سحبها، حسب ما أفاد المتحدث باسم الحكومة هيروكازو ماتسونو في مؤتمر صحفي.
ونقلت وكالة فرانس برس عن دبلوماسي من جنوب شرق آسيا، قوله إن البيانات المشتركة الصادرة عن الاجتماعات "ستتضمن إشارات إلى بحر الصين الجنوبي وميانمار".
ومن المقرر أن يعرب الزعماء عن قلقهم بشأن "ردم البحر والأنشطة والحوادث الخطيرة" في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وفقا لمسودة بيان رئاسة آسيان والذي سيصدر هذا الأسبوع، إلا أن خبراء استبعدوا أن يواجه قادة آسيان ممثل الصين في القمة، خشية إثارة حفيظة بكين.
ونقل موقع "فرانس 24" عن خبير الشؤون الخارجية لدى جامعة "بيليتا هارابان" الإندونيسية أليكسيوس جيمادو، قوله "أتوقع.. أن يتجنب القادة مناقشة مسائل خلافية مثل الخريطة الصينية الجديدة". مضيفا: "لن يخاطروا بالعلاقة مع القوى الكبرى".
"اتساع الدائرة"
إلى ذلك، كانت اجتماعات أمس الأربعاء في قمة آسيان يطغى عليها الطابع الإقليمي بشكل أكبر، لكن مشاركة ممثلي روسيا والصين وأمريكا في اجتماعات الخميس يوسع دائرة القمة، ويدفع قضايا جيوسياسية أوسع إلى جدول أعمالها، وفق مراقبين.
ومن المنتظر أن يكون اجتماع اليوم الخميس أول اجتماع عالي المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا منذ اجتماع وزراء الخارجية الذي عقد في جاكرتا في يوليو/تموز.
لكن إندونيسيا استبقت هذا الأمر وأكدت، في بيان الثلاثاء الماضي، أن التكتل لن يتحول إلى ساحة تتنافس فيها القوى الكبرى، في ظل تفاقم التوتر بين الولايات والمتحدة والصين بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي والحرب الروسية الأوكرانية.
وتعد "آسيان" ثالث أكبر تكتل اقتصادي في آسيا، تأسست عام 1967، وتضم إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند والفلبين وبروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE3MSA=
جزيرة ام اند امز