صحيفة أمريكية تجيب على السؤال.. لماذا ينتصر الأسد في حلب؟
اعتبرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية أن انتصارات قوات الرئيس السوري بشار الأسد في حلب لا ترجع فقط إلى الدعم الروسي والإيراني
اعتبرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية أن انتصارات قوات الرئيس السوري بشار الأسد في حلب لا ترجع فقط إلى الدعم الروسي والإيراني، بل أيضا الأمر ينصب بشكل أساسي على الاحتفاظ بالقوة.
وتحت عنوان "في حلب علمت لماذا ينتصر الأسد"، قال مراسل الصحيفة، باراك بارفي، إنه "من المعروف للجميع أن روسيا وإيران توفران الدعم لنظام الأسد، ولكن في حلب أدركت أن استراتيجية الأسد لا تتعلق فحسب بالجانب العسكري الظاهر للعيان وإنما الأمر ينصب بشكل أساسي علي الاحتفاظ بالقوة".
وأضاف أن "المنطقة الشمالية الغربية من حلب تحكي قصة الحرب.. فهناك شاهدت أطلال نحو 1200 مصنع كانت يوما تضم قوة عاملة جعلت من حلب العاصمة الصناعية لسوريا قبل أربع سنوات من الآن، فخلال الأسبوع الذي زرت في المدينة المحاصرة تمكنت قوات الأسد مدعومة بعدد من القوات الأجنبية من شن هجوم كاسح على هذه المنطقة ليستعيدوا سيطرتهم عليها وتثمر الضربات الجوية الروسية عن فرار نحو 20 ألف مدني بحثا عن النجاة".
ثم ينتقل التقرير إلى أصوات السوريين حيث يرسم زياد بري مدير أحد مصانع الكيماويات في المنطقة الصناعية المدمرة ما عاشه من ويلات وكيف كانت المدينة قبل اندلاع أعمال القتال.
"بري كان واحدا من عدد قليل من رجال الصناعة والشخصيات العامة الذين رافقوني مع مجموعة من الصحفيين البريطانيين خلال رحلة استمرت أربعة أيام داخل المدينة التي هيمنت على عناوين الصحف لعدة أشهر رغم أن عددا قليلا من الصحفيين الغربيين تمكن بالفعل من زيارة المدينة بطلة الأحداث"، حسبما يقول بارفي.
ويوضح بارفي أن ما شاهده من دمار يعد دليلا على الاستراتيجية التى يعتمدها الأسد للاحتفظ بسيطرته على المناطق الأكثر ازدهارا وسبب فشل المقاتلين في تحقيق انتصار حاسم على الأرض ليس في حلب وحدها ولكن في البلاد بشكل عام.
ويضيف أنه رغم فشل حملة الأسد الدموية في حسم الأمور بشكل نهائي، إلا أنه نتج عنها مآس إنسانية حيث سقط نحو 430 ألف قتيل، وبينما نزح نصف سكان حلب عن دورهم فإن الأسد نجح في الحفاظ على ولاء جزء كبير من مواطنيه وذلك من خلال تقديم قشرة رقيقة لهم من الحياة الطبيعية.
وتقول "بوليتيكو" إن حلب ليست فقط مدينة صناعية بل هي تمثل أسلوب حياة، فرهان الأسد كان منصبا على إدراك الكثيرين أن ثرواتهم مرتبطة ببقائه في السلطة، فبعضهم كون ثروته عبر اقترانهم بمسئولين كبار في السلك السياسي أو في جهاز المخابرات وأجهزة الأمن، وقد ساهمت هذه الحالة في تعقيد مستوى الفساد وفي نفس الوقت الحفاظ على هيكله.
وبالنسبة للبعض الأمر لا يتعلق بالحفاظ على الثروة فحسب وإنما الحفاظ على أسلوب الحياة، فالثورة على الأسد في حلب خرجت من الطبقات الفقيرة، وترصد الصحيفة هذه اللهجة في تصريح زيان خاولا العضو في البرلمان السوري الذي قال: "إنهم لا يشبهوننا –في إشارة إلى المقاتلين ضد الأسد في حلب- فقيمهم مختلفة عنا تماما. يجب حماية بلادنا من هذه الهجمة الشرسة.. إنهم يريدون تدميرنا".
وفي تصريح آخر يتحدث عضو برلماني هو فراس الشهابي رئيس الغرفة الصناعية في البرلمان عن الحرب في حلب قائلا "إنها شكل من أشكال تجارة الإرهاب".
وتعلق الصحيفة على منصب الشهابي قائلة "من المعروف أن هذه المناصب لا تعكس قوة حقيقية بل هي مجرد أسماء وألقاب لا تأثير لها على أرض الواقع، مشيرة إلى أن القوة تأتي من التشابك العائلي مع السلطة، فالشهابي على سبيل المثال يحظى بقوته من عمه الذي عمل كرئيس للأركان لمدة 24 سنة وبقي في منصبة حتى وافته المنية.
ما هو مؤكد -وهنا يعود الحديث للمراسل بارفي- أن حديث السرد من المسئولين الحكوميين ليس كله كذب أو من نسج الخيال، فقد ثبت قيام المقاتلين بنهب المصانع في حلب وتجريدها من كل شئ يمكن تهريبه إلي تركيا حيث يوجد من يستخدم هذه المعدات لإعادة تصنيع أسلحة يبيعونها بسعر بخس، "وقد رأيت ذك خلال زيارتي لحلب عام 2012 مقاتلين يمتلكون أسلحة ثقيلة تم تهريبها من تركيا".
واختتمت "بوليتيكو" تقريرها قائلة إنه "إذا فاز الأسد، فإن معظم المراقبين الغربيين سيعزون هذا الانتصار إلى أسلوبه في استخدام القوة المجردة، ولكن حقيقة الأمر هي اعتماده على الولاءات البدائية، والخوف من الفوضى بعد الثورة ونداء إلى المصلحة الذاتية لطبقة التجار في حلب، هذه هي العوامل الحقيقية التي ستمكن الأسد من تحقيق هذا النجاح".