هل تشتعل "الحرب الرمادية" بين إسرائيل وإيران؟
حدّثت إسرائيل تحذيرات السفر لمواطنيها الذين يزورون تركيا بعد تهديد إيراني بشن هجمات انتقامية في أعقاب مقتل قائد عسكري، فيما يقول محللون إنه تصعيد للصراع المحتدم بين البلدين.
وأفاد تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بأن مكتب رئيس الوزراء نشر بيانا، الإثنين، يقول إن المؤسسة الأمنية في تل أبيب لديها معلومات استخباراتية عن "تهديد ملموس على الإسرائيليين في تركيا. كما أن هناك مستوى تهديد أعلى في دول إضافية على حدود إيران".
وجاء هذا الإعلان بعد أسبوع من مقتل العقيد حسن صياد خدائي، ضابط بالحرس الثوري الإيراني، الذي أطلق مسلحون مجهولون الرصاص عليه بشارع سكني في طهران.
واتهم القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، إسرائيل بأنها المسؤولة عن العملية.
ودعم تلك الاتهامات بمسؤولية إسرائيل عن العملية تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، والذي سرب معلومات من مسؤول أمريكي لم يسمه، يزعم فيه أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنها نفذت عملية القتل.
هل تخشى إسرائيل الرد الإيراني؟
يبدو الآن أن إسرائيل باتت تخشى انتقام طهران، لكن، طبقًا لتوغبا بايار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيلكنت في تركيا، نادرًا ما ترقى التدابير الانتقامية الإيرانية إلى مستوى خطابها القوي.
وقال بايار إن "الخطاب الإيراني لطالما كان هجوميا جدا، حيث رددت (الموت لأمريكا) و(الموت لإسرائيل) وأقسمت بالانتقام، كما فعلت عند اغتيال الجنرال قاسم سليماني، والعديد من علماء النووي."
وأضافت: "لكن المرة الوحيدة التي رأينا فيها إيران ترد كان عندما هاجمت بعض الأهداف في العراق ووصفتهم بمراكز تجسس إسرائيلية، لا أعتقد أن إيران ستستهدف المدنيين، لا في تركيا أو في أي مكان آخر".
وعلى العكس من ذلك، رجح الزميل المشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية مارك فيتزباتريك، استمرار دائرة التخريب والاغتيال، بالنظر إلى وعد إيران بالانتقام.
وتابع: "إيران أوضحت أنها ستنتقم ردًا على اغتيال خدائي. لذا، من المحتمل أن تتصاعد (الحرب الرمادية) بين إيران وإسرائيل أكثر".
حرب خفية إسرائيلية إيرانية
وخاضت إيران وإسرائيل، في السنوات الأخيرة، حربًا خفية، والتي تعرف أيضًا بـ"الحرب الرمادية"، والتي يهاجم فيها كل جانب بشكل سري، أو غير مباشر أهدافا معادية محددة، بدون الاشتباك أو الاعتراف بحرب مفتوحة.
وكانت إسرائيل قد وصفت خدائي مرارا بـ"ضابط كبير في فرقة العمل العسكرية السرية "الوحدة 840"، التي تواجه اتهامات باغتيال واختطاف أهدافا أجنبية. ولم تعترف الحكومة الإيرانية رسميًا أبدًا بوجود مثل تلك الوحدة.
الباحث البارز في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في جامعة رايشمان في هرتسليا وسط إسرائيل، إيلي كارمون، قال إن لاغتيال خدائي قيمة تكتيكية واستراتيجية لإسرائيل.
وباعتباره النائب المزعوم لقائد "الوحدة 840"، كان خدائي "متورطا في قائمة طويلة من الهجمات، بما في ذلك هجوم فبراير/شباط 2012 في نيودلهي على سيارة الملحق العسكري" الإسرائيلي، بحسب كارمون.
وفي 13 فبراير/شباط عام 2012، تعرضت زوجة ممثل وزارة الدفاع الإسرائيلية في الهند لاستهداف نفذه قتلة تابعين للحكومة الإيرانية في هجوم بالقنابل، مما أسفر عن إصابتها بجروح خطيرة ودائمة.
وطبقًا لكارمون، كشفت الاستخبارات الإسرائيلية، على مدار العقد الأخير، عدة مخططات اغتيال للوحدة 840، لكن تمكنت من إحباط معظمهم بسبب الاختراق الاستخباراتي العميق، مشيرًا إلى أنه كان هناك حوالي 25 أو 30 هجوما تم إحباطهم، بالإضافة إلى هجوم نيودلهي.
وأضاف: "وفي العامين الماضيين تحديدا، شهدنا هجمات في قبرص وكولومبيا، وكوريا، وتم إحباطها جميعا، على الأرجح من خلال المعلومات الاستخباراتية من الموساد، الذي حيد تلك الخلايا".
من جانبه، قال المحاضر في الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات العربية والإسلامية في الجامعة الوطنية الأسترالية، علم صالح، إن الحرب الخفية هي النموذج الوحيد العملي للصراع بين الجانبين.
صالح أضاف قائلا: "يبدو أنه لا توجد إمكانية لمواجهة مباشرة أو هجوم عسكري، وأن كلا الجانبين قررا مواصلة عملهم الاستخباراتي، والتخريب، والمواجهة غير التقليدية، من خلال الوكلاء، لتقويض أمن بعضهما البعض".
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuNCA= جزيرة ام اند امز