أمن تونس والتخابر.. هيئة دفاع تونسية: لدينا وثائق تورّط الغنوشي
بعد الشارع، من جديد، يجد إخوان تونس أنفسهم مهزومين في استخدام مؤسسات الدولة لمواجهة قرارات استثنائية عزلتهم عن السلطة.
فها هي ملفاتهم المشبوهة من التخابر والإرهاب والفساد، تتساقط، في مشهد ينشد من خلاله التونسيون إسدال الستار على حقبة الإخوان.
ملفات كشفت عنها هيئة دفاع تونسية، مؤكدة وجود وثائق تكشف تورط زعيم الإخوان راشد الغنوشي في الاعتداء على أمن البلاد والتخابر مع "جهات أجنبية".
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته، الأربعاء، هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بمناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال الأول، تحت عنوان "الجهاز السري المالي لراشد الغنوشي والسقوط المدوي للحماية القضائية".
وخلال المؤتمر، قالت هيئة الدفاع إن لديها وثائق تكشف عن تورط رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي بـ"التخابر مع جهات أجنبية".
كما لفتت الهيئة إلى وجود وثائق أيضا تورط الغنوشي بالاعتداء على أمن الدولة التونسية، متهمة زعيم الإخوان بتبييض الأموال رفقة ابنه معاذ، إضافة إلى وجود جهاز سري مالي يتعلق برئيس حركة النهضة.
مسيرة خائن
وخلال المؤتمر الذي تابعته "العين الإخبارية"، قال رئيس الهيئة رضا الرداوي متوجها إلى من وصفهم بـ"القضاة المتواطئين" سواء من كان يخطط ويضع الاستراتيجيات: "أنتم الآن محل تتبع جزائي وتأديبي وسنواصل تتبعكم".
وأضاف أن "مسيرة زعيم الإخوان راشد الغنوشي في خيانة هذا الوطن بدأت قبل سنة 2011 "، مشيرا إلى أنه خلال هذا العام "تأسست جمعية تحت اسم 'نماء تونس' وكان هدفها تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتورطت في جرائم التسفير (تسفير شباب تونسي للقتال بمناطق النزاع والحروب) وتم فتح أبحاث جزائية أولية سرعان ما لاحقتها يد النهضة عبر ذراعها في القضاء، القاضي بشير العكرمي، وتم وقف المسار".
وأشار إلى أن "أحد الأطراف التي ستقدم معلومات حوله هو شخص يدعى ناجح الحاج لطيف الذي يدير أعمال الغنوشي وهو أحد أذرعه الخفية، وقد كان وكيلا لشركة تنشط في مجال النسيج بتونس العاصمة، وهذه الشركة بريطانية في الأصل وتم طرده منها، لكنه خلال إدارته لشركة النسيج، كان يستعمل الحساب الإلكتروني للشركة الثانية في إدارة الأعمال الإدارية والمالية المشبوهة مع حركة النهضة".
وتابع "عندما تم طرده، استمرت الرسائل تصل إلى الحساب وسريعا ما قامت الشركة بتغيير صفة الشخص وأصبحت هذه الإيميلات ترد على المدير الجديد، عندها اطلعنا صدفة على الحسابات واكتشفنا أنه يستعمل حسابين بنكيين من قطر ويتحول إليهما من الحساب الأميري بقطر مباشرة وأن المبالغ التي تودع لا مقابل لها".
وأكد أن "المبالغ المالية التي جرى ضخها تباعا تقدر بـ15 مليون دولار و20 مليون دولار و360 ألف يورو، وكانت حركة النهضة المسيطرة على المطار حينها وتنقل الأموال ويتم سحبها نقدا بعد إيداعها من الديوان الأميري".
ولفت إلى أن "ناجح الحاج لطيف متورط مع دولة قطر"، موضحا أنه "في الإيميلات المذكورة يوجد التقرير الختامي لرحلة عبد الفتاح مورو، الأمين العام المساعد الأسبق لحركة النهضة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى رحلة محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري صحبة ناجح الحاج لطيف إلى الدوحة".
العكرمي يتدخل
وتابع: "منذ مدة تمت متابعة راشد الغنوشي في تحركاته المشبوهة التي اتجه فيها إلى شخصية أخرى مرتبطة بقطر وهي منصور راشد الخاطر؛ مدير شركة "أوريدو "فرع تونس والذي تم تعيينه سنة 2019 وقام بتمويلهم بمبالغ مالية كبيرة خارج التعاملات البنكية داخل البلاد".
وذكر أن "هذه المعلومات وصلت إلى الهيئة وفق تقارير للمخابرات العسكرية التونسية، وتم الإذن بفتح أبحاث ووضع منصور راشد الخاطر تحت التنصت فتم اكتشاف أنه يتخابر مع القاضي البشير العكرمي القاضي ووكيل الجمهورية (المدعي العام) بمحكمة تونس".
ونوّه بأن "الغنوشي يلتقي منصور راشد الخاطر مرتين في الشهر بحضور ابنه معاذ في فندق بضواحي العاصمة، وقبل اللقاء يقوم الأول بعرض الجناح للبحث عن وسائل تجسس كي لا يتم تسريب أية معلومة".
وفي سياق متصل، لفت إلى أن "منصور راشد الخاطر كلف فريقا تقنيا بوضع غرفة للتنصت على السياسيين والكوادر العليا الأمنية والقضائية المستقلة والشريفة وتسليم هذه التسجيلات إلى الغنوشي مباشرة".
وأردف"قدمنا منذ أكثر من شهر شكوى جزائية ، أمام المحكمة العسكرية لأن هناك جرائم تتعلق بوضع النفس على ذمة دولة أجنبية بمقابل وجملة من الجرائم الأخرى".
غسيل الأموال
ويُكمل الرداوي "قدمنا شكوى تتعلق بتهمة غسيل الأموال وتعهدت المحكمة العسكرية بذلك وقد تم فتح بحث لتتبع كل هذه المبالغ المالية والزخم المالي الذي شارك به الغنوشي عبر وسائطه في قضايا التسفير".
واعتبر أن "التنظيم العالمي للإخوان يبيع الأوطان ويقبض الثمن"، مشيرا إلى أن "راشد الغنوشي يبيع الدم التونسي الغالي للدواعش في سوريا وفي ليبيا".
عنوان زائف
وبالمؤتمر نفسه، قال عضو الهيئة، كثير بوعلاق، إن قاضي التحقيق المكلف بملف اغتيال بلعيد لم يتخذ أي إجراء بخصوصه.
وأشار إلى أن التحقيق جار بشأن الجهاز السري، حيث "قدمنا شكوى ضد 26 شخصا، أحال منهم المدعي العام 10 فقط، فيما لم تتم ملاحقة 16 آخرين على رأسهم الغنوشي الذي لم تحفظ الشكوى بحقه".
وأكد أن "الأخطبوط الذي يتحكم في القضاء التونسي ويخدم مصالح الغنوشي قام بتكليف هادي مشعب والأخير وكيل الجمهورية (مدع عام) بمحكمة (محافظة) أريانة بضواحي العاصمة، والأخير لم يقم بأي شيء من أجل التحقيق في هذا الملف".
ولفت إلى أنه "بتوصية من يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أكد أنه يتعذر تنفيذ تعليمات بفتح القضية والتحقيق فيها".
وتابع: "موقفنا واضح في أنه (بوزاخر) حرمنا من حقنا في الولوج إلى القضاء، واليوم قدمنا شكوى ضد كل القضاة المتورطين والذين تورطوا في صد الولوج إلى الحقيقة"، مضيفا: "نعتقد جازمين أن استقلال القضاء منشود وليس عنوانا زائفا اسمه المجلس الأعلى للقضاء."
وبالنسبة له، فإن "المسألة أعمق وأخطر وأشمل وأعمق بكثير من البكائيات الفارغة على المجلس الأعلى للقضاء والحال أن هذا القضاء لا يستحق الاحترام."
وفي 2018، كشفت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي عن تورط حركة النهضة عبر "تنظيم سري" في اغتيال المعارضين التونسيين، كما كشفت عن وثائق وصفتها بـ "الخطيرة"، قائلة إنها كانت مودعة في "غرفة سوداء" بوزارة الداخلية.
رسالة
بالمؤتمر ذاته، قال إبراهيم بودربالة عميد المحامين التونسيين، إن مجلس المحامين فخور بهيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد، داعيا القضاء إلى التقاط هذا العمل "الجبار" لإظهار الحقيقة.
وأضاف "الشعب ينتظر ما سيؤول إليه التتبع في قضيتي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، لأن المسألة تمثل منعرجا هاما بالنسبة للمستقبل السياسي لتونس، كما أننا ننشد تطوير العمل السياسي بأساليب ديمقراطية لا بالاغتيالات والاعتداءات وأساليب لم يتعود عليها الشعب التونسي".
وتوجه برسالة إلى القضاة "لكي يتحملوا مسؤوليتهم بهذا الملف حتى نعرف من قرر ومن خطط ومن نفذ في الاغتيالين، فضلا على الاغتيالات التي تمت ضد قواتنا المسلحة ممن قُتلوا بدم بارد لتدجين الشعب، وهيهات أن يدجن هذا الشعب".
وفي السادس من فبراير/ شباط 2013، اهتزت تونس على وقع اغتيال القيادي اليساري عن حزب الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد المعروف بمعاداته للإخوان ووصفه لهم مرارا وتكرارا بالمجرمين.وهذا الاغتيال يعد الأول في تاريخ تونس الحديث.
وفي 22 يناير/ كانون الثاني المنقضي، قررت السلطات القضائية التونسية فتح تحقيق في الجهاز السري لحركة النهضة، المتهم بالتورط في اغتيال بلعيد والبراهمي في عام 2013، وفي ممارسة التجسّس واختراق مؤسسات الدولة التونسية.
وسبق أن أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، معتبرا أنه يخدم أطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام، معتبرا أن "هذا المجلس أصبحت تباع فيه المناصب بل ويتم وضع الحركة القضائية بناء على الولاءات".
aXA6IDMuMTQ3LjYuMTc2IA== جزيرة ام اند امز