محادثات أستانة والأكراد.. خلاف بين بوتين وأردوغان
فصل جديد من الخلافات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدأت تتضح ملامحها.
فصل جديد من الخلافات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدأت تتضح ملامحها، وهي ليست المرة الأولى التي تشتد فيها وطأة الصراع بين الطرفين، وتنقلب فيها موازين العلاقة من النقيض إلى النقيض.
في نهاية يونيو الماضي، تلقى الرئيس الروسي من نظيره التركي رسالة يعتذر فيها عن مقتل الطيار الروسي قائد قاذفة سو-24 التي أسقطها سلاح الجو التركي في أجواء سوريا، لينهي الخلاف الحاد بين موسكو وأنقرة، وبداية تطبيع العلاقات بين البلدين.
9 أشهر من التنسيق الحذر في مجالات عديدة أهمها القضية السورية، انقلبت الموازنة من العداء إلى الصداقة، ولكنها صداقة هشة بدأت تتهاوى ليبدأ فصل جديد من الخلاف.
محادثات أستانة ومحاولة خداع موسكو
راهن الرئيس الروسي على نجاح محادثات أستانة، حتى يستطيع التوصل لحل للأزمة السورية، والحصول على أكثر مكاسب بأرض المعركة، كما أن نجاح تلك المفاوضات كان سيقلل من التأثير الأمريكي والأوروبي على القضية السورية.
محادثات أستانة جمعت أطرافا دولية وهي روسيا وإيران وتركيا؛ حيث وعد أردوغان بجلوس المعارضة السورية على مائدة المفاوضات في محادثات أستانة 3، ولكن ما حدث هو العكس وامتنعت المعارضة عن الحضور، متهمة الجانب الروسي بالتقاعس عن دعم وقف إطلاق النار الهش الذي أبرم في ديسمبر، لتكتب فشل تلك المحادثات لمحاولة تسوية الأزمة السورية.
"مبادرة من طرف ثالث".. هكذا كان تعليق ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، على قرار ممثلي المعارضة السورية مقاطعة جولات محادثات أستانة، ولم تحدد زاخاروفا، من تقصد بـ"الطرف الثالث".
في الوقت نفسه، قال مهدي دخل الله، وزير الإعلام السوري السابق، إن محادثات "أستانة 3" لم تنجح بسبب الموقف التركي، الذي طلب من المجموعات المسلحة ألا تحضر.
أنقرة هنا لم تعطل فقط عملية التفاوض، بل في واقع الأمر أنهت مبادرة بوتين، الذي توقع بجدية أن تصبح بديلًا حقيقياً لجنيف.
أردوغان وزيارة موسكو
بعد تعطيل الأستانة، وفي أوائل الشهر الماضي، قام أردوغان بزيارة إلى موسكو، زيارة أظهرت أن العلاقة بين البلدين دخلت مجددًا في مرحلة "التطور المتعدد الأوجه" في جميع المجالات، وانتهاء التطبيع بينهم.
تركيا كانت تعول خلال الزيارة على زيادة حجم صادراتها من المنتجات الغذائية إلى روسيا واستعادة تدفق السياح الروس، وقال أردوغان حينها: "أنجزت موسكو وأنقرة بصورة كاملة عملية تطبيع العلاقات، حتى لو لم نتوصل إلى اتفاق حول مختلف المسائل، نبقي قنوات الاتصال مفتوحة، نظراً إلى تجدد الثقة، سوف نكمل التعاون بيننا".
وشدد أردوغان على أن تركيا لا تزال تنتظر أن تقوم روسيا بإلغاء تأشيرة السفر للمواطنين الأتراك التي فرضت بعد أزمة إسقاط المقاتلة الروسية، وعودة السياحة، أما رد بوتين كان "إن الدوائر الروسية والتركية المختصة مكلفة توسيع الإجراءات الأمنية التي تتخذ لحماية السياح الروس"، كما اشتكى رئيس جمعية الأعمال الروسية-التركية، خلال المؤتمر بين الرئيسين من أن عدداً كبيراً من الشركات التركية تصطدم بصعوبات في روسيا.
أما بوتين، قبل أيام من الزيارة، ومن باب المجاملة السياسية، قام بإلغاء الحظر عن بعض المنتجات الزراعية التركية، منها الزهور.
بوتين يستخدم الأكراد لمعاقبة أردوغان
"يؤلمنا الاهتمام الذي تبديه روسيا والولايات المتحدة بمنظمة وحدات حماية الشعب الكردية الإرهابية".. بهذه الجملة عبر أردوغان عن موقفة من روسيا، وبداية تأزم الموقف.
جندي تركي قتل في منطقة هاتاي التركية بنيران مصدرها منطقة عفرين شمال غرب سوريا، والتي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وبعد الحادث استدعت تركيا القائم بالأعمال الروسي للتعبير عن "استيائها البالغ" بحسب وزارة الخارجية التركية التي أكدت أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته أنقرة وموسكو ديسمبر فإن روسيا مكلفة باحترام الهدنة في هذه المنطقة.
في وقت لاحق، كشفت وسائل الإعلام التركية أن أردوغان طلب من بوتين خلال زيارته لموسكو التخلي عن مساعدة الأكراد، وأن الرئيس الروسي رفض طلب أردوغان.
وعلى أرض الواقع قام ممثلو التشكيلات العسكرية الكردية بتوقيع اتفاقا مع المتخصصين الروس من أجل تدريب قواتهم، في الوقت نفسه وصل الجيش والمعدات الروسية إلى منطقة عفرين.
أما البرلمان الروسي (الدوما) فأكد على ضرورة تعزيز الحوار الفوري بين دمشق والكرد من أجل إنشاء الحكم الذاتي الكردي في سوريا، ذي "صلاحيات دستورية واسعة"، وأن هذا من شأنه "المساهمة في إحلال السلام في شمال البلاد"، أما الكرملين فلم يصدر أية تعليقات، خطوة وصفتها أنقرة بالطعنة في الظهر.
ردود أفعال سريعة
الأربعاء الماضي.. قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن بلاده أنهت عملية "درع الفرات" العسكرية التي بدأتها في سوريا أغسطس الماضي، مضيفا أن أية عمليات أخرى ستنفذ باسم مختلف.
من جانب آخر، أعلنت تركيا فجأة فرض رسوم جمركية على القمح المستورد من روسيا، بعد أن كان القمح المستورد من روسيا معفى من الرسوم الجمركية، وسيؤدي قرار الوزارة التركية إلى زيادة سعر القمح الروسي في السوق التركية، إلى الحد من قدرته التنافسية.
خطوة وصفت بالضربة الخطيرة، للعلاقة بين البلدين، وأشار المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى أنه لا يوجد تأكيد رسمي أو نفي من قبل الجانب التركي إدخال الرسوم الجمركية على الحبوب الروسي والنفط، تصريحات روسية متحفظة، وردود أفعال تركية متسارعة، تظهر خلافا جديدا بين الجانبين.
aXA6IDMuMTQ1LjM4LjY3IA== جزيرة ام اند امز