يوم الكويكبات.. تذكير دولي بخطر عمره 55 مليون عام
تسبب ارتطام كويكب ضخم بالأرض قبل 55 مليون سنة في إطلاق بلايين أطنان الكبريت بالهواء، وحدوث شتاء نووي أدى لانقراض 75% من الحياة بالأرض.
وفي العصر الحديث، فإن أشهر ارتطام لكويكبات بالأرض كان في 30 يونيو/حزيران من عام 1908، حيث حدث انفجار فوق منطقة نائية من سيبيريا، ويعتقد أن السبب في ذلك هو كويكب صغير.
وشوهد وقتها خلال النهار كرة نارية تعبر السماء وخلال لحظات حدث انفجار في الغلاف الجوي على ارتفاع نحو 5 إلى 10 كيلومترات فوق سطح الأرض، فوق منطقة نهر تونجاسكا، التي تعرف اليوم باسم (كراسنويارسك كراي) أحد الكيانات الفيدرالية في روسيا.
ويعرف هذا الحدث الآن باسم حادثة تونجوسكا، وكما تسبب الحدث الذي وقع قبل 55 مليون عام في انقراض الديناصورات، فإن انفجار تونجوسكا، كما تتم تسميته، تسبب في مقتل حيوانات الرنة وهي نوع من الأيائل واقتلاع الأشجار لعدة كيلومترات حول موقع الانفجار.
وقبل نحو 5 سنوات، وفي الذكرى الـ108 لهذا الحادث، قررت الأمم المتحدة اعتبار 30 يونيو/حزيران يوما دوليا للكويكبات في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول من عام 2016، بناء على اقتراح قدمته رابطة مستكشفي الفضاء، وأقرته لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية.
وتقول الأمم المتحدة على موقعها الرسمي، إن اليوم الدولي للكويكبات يهتم برفع مستوى الوعي العام حول خطر تأثير الكويكبات وإبلاغ الجمهور حول إجراءات الاتصالات اللازمة والتي يتعين اتخاذها على المستوى العالمي في حالة وجود تهديد ذي مصداقية بالقرب من الأرض.
ويتم في هذا اليوم استحضار أبرز حوادث ارتطام الكويكبات بالأرض بداية من الحدث الأقدم قبل 55 مليون عام، ومرورا بحادثة تونجوسكا، ثم حادثة تشيليابينسك في 15 فبراير / شباط من عام 2013، وهي الحدث الأكثر نشاطاً المعترف به منذ انفجار تونجوسكا، ووقع أيضا في أحد الكيانات الفيدرالية في روسيا، وهي أوبلاست تشيليابنسك.
وفي حادثة تشيليابينسك دخلت كرة نارية كبيرة (تسمي من الناحية الفنية "سوبيربوليد")، بسرعة 18.6 كيلومتراً في الثانية الواحدة الغلاف الجوي وتفككت في سماء تشيليابينسك.
ووفقاً لوكالة ناسا، يقدر القطر الفعال التقريبي للكويكب بـ18 متراً وكتلته 11,000 طن، وكانت طاقة التأثير الكلية التقريبية لـ"الكرة النارية"، مُقدرة بالكيلوتونات من متفجرات مادة "تي إن تي" (440 كيلوطن).
وارتطمت شظايا الكويكب بالأرض بعدما تفتت في الغلاف الجوي، مما أدى إلى إلحاق الأضرار بأكثر من 3 آلاف مبنى في مدينة تشيليابنسك بالإضافة إلى تضرر ثلاث محطات توزيع للغاز تعمل على تزويد أكثر من ألفي منزل بالغاز.
وإضافة إلى حادثة تشيليابينسك، فإن هناك حادثة أقل شهرة وتأثيرا، لم تلحق أضرار كبيرة، وقد حدثت في أكتوبر / تشرين الأول من عام 2008 بجنوب السودان، حيث انفجر كويكب صغير جدا سماه الباحثون ( TC3) وأمطر بشظاياه صحراء جنوب السودان.
وبخلاف هذه الأحداث، لم تشهد الأرض ارتطامات خطيرة بالكويكبات، بالرغم من أن الحديث عن احتمالات حدوث ذلك صار خبرا معتادا في وسائل الإعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل الأمم المتحدة تركز في بيانها بمناسبة اليوم الدولي للكويكبات على أهمية إبلاغ الجمهور بجهود التنسيق على المستوى العالمي في حالة وجود تهديد ذي مصداقية.
مقياس تورنتو
وعلميا يتم تحديد حجم الخطر وفق ما يعرف بـ"مقياس تورنتو"، وهو مقياس علمي اتخذ من مدينة تورنتو الكندية اسما له، حيث اجتمع فيها عدد كبير من العلماء، ووضعوا معايير تجمع بين الطاقة التي يمكن أن تنتج عن التصادم واحتمالات حدوث التصادم، واتفقوا على تمثيل ذلك بالأرقام من صفر إلى 10، لتحديد حجم الخطر.
وتتدرج الخطورة وفق هذا المقياس، حيث يشير الرقم صفر إلى عدم وجود أي فرصة محتملة لحدوث ذلك، ويشير الرقم 10 إلى اصطدام خطير يمكن أن يتسبب في حدث شبيه بما وقع قبل 55 مليون عام، ويتم تعديل احتمالات الاصطدام كلما توافرت معلومات جديدة عن الكويكبات.
وتوجد في أكثر من دولة جهة علمية معنية بدراسة خطر الاصطدامات، وقياسها وفق هذا المقياس، ولكن الجهة الأكثر شهرة هي مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض (CNEOS)التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، والذي يوفر بدوره معلومات لدعم مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع للوكالة الأمريكية.
ويوفر المركز معلومات عن مدارات الكويكبات للتنبؤ بالأجسام القريبة من الأرض، ويصدر تقييمات شاملة لاحتمالات تأثير الأجسام القريبة من الأرض خلال القرن المقبل.
ويتم توفير هذه الحسابات، بالإضافة إلى معلومات عن الكويكبات، وتصميمات لمهمات يمكن أن يقوم بها الإنسان للوصول لبعض الكويكبات وذلك على الموقع الإلكتروني للمركز.
ووفقا لما هو متاح من معلومات على الموقع، فإن جميع الكويكبات المعروفة التي يحتمل أن تشكل خطورة لديها فرصة ضعيفة للتأثير على الكرة الأرضية خلال الـ100 سنة المقبلة.
تضخيم مبالغ فيه
وكانت الفترة الأخيرة قد شهدت كثيرا من الأخبار المتداولة عن خطر اصطدام كويكبات بالأرض، وكان جميعها يفتقد إلى المصداقية التي تنشدها الأمم المتحدة في بيانها بمناسبة اليوم الدولي للكويكبات.
ومن هذه الأخبار، أن الكويكب (2002 NN4)، الذي يصل ارتفاعه إلى ارتفاع مبنى إمباير ستيت (يبلغ ارتفاع مبنى إمباير ستيت في نيويورك أكثر من 1400 قدم) سيمر بالقرب من الأرض في 6 يونيو/حزيران 2020، وأن هناك احتمالات لارتطامه بالأرض.
وتضمنت الأخبار المتداولة عن هذا الكويكب معلومات بعضها صحيح مثل أنه ينطلق بسرعة 11200 ميل في الساعة، ولكن المسافة التي كان يوجد عليها هذا الكويكب لم تكن تحمل أي خطورة، كما روجت الأخبار.
ومن الأخبار التي راجت أيضا بشكل كبير، أن الكويكب العملاق 467317 (2000 QW7) سيقترب من الأرض في 14 سبتمبر/أيلول 2019، وأن فرص اصطدامه بالأرض كبيرة.
ومثل الحدث السابق، تم تداول بعض المعلومات الصحيحة عن الكويكب، ولكنها لم تكن بأي حال من الأحوال تعني وجود فرص لاصطدامه بالأرض، مثل القول إن قطره 389 متراً وسيتحرك قرب الأرض في التاريخ المذكور من مسافة 5,343,173 كيلومتر، ما يعادل 13.9 المسافة بين الأرض والقمر.
aXA6IDMuMTM4LjEzNS4yMDEg جزيرة ام اند امز