رياضيون على طريق الجنون.. رحلة الذهب المسموم
باتت مشكلات الصحة العقلية شبحا يهدد الكثير من الرياضيين خلال الفترة الأخيرة في مختلف الألعاب، بشكل بات ملحوظا ومعلنا بشكل صريح.
في نهاية شهر مارس/ آذار الماضي، أعلنت نجمة التنس البيلاروسية فيكتوريا أزارينكا تقاعدها لأجل غير مسمى، بسبب الإجهاد الشديد المرتبط بحياتها الشخصية.
وجاء ذلك بعدما انسحبت أزارينكا بشكل مفاجئ من مباراتها أمام التشيكية الشابة ليندا فروفيرتوفا في بطولة ميامي، وقالت في بيان لاحق: "ما كان يجب أن أكون في الملعب اليوم، فقد كنت إن مرهقة للغاية في حياتي الشخصية خلال الأسابيع الماضية".
وأضافت أزارينكا بعد الانسحاب من ميامي: "أردت أن أخرج إلى هناك وأحاول، لكن ذلك كان خطأ.. آمل أن آخذ استراحة وأعود.. أتطلع دائما إلى التحدي وضغط المنافسة، لكن اليوم كان الضغط كبيرا جدا.. يجب أن أتعلم وسأتعلم من هذا".
وقبلها بأسبوعين قامت لاعبة التنس البيلاروسية بالبكاء خلال مباراتها مع الكازاخية يلينا ريباكينا في بطولة إنديان ويلز، لكنها في تلك المناسبة، واصلت اللعب.
ولا تعتبر فيكتوريا أزارينكا استثناء في هذا الصدد، فقبلها تعاملت شخصيات رياضية ناجحة أخرى، مثل لاعبة الجمباز الأمريكية سيمون بايلز ومواطنها السباح الأولمبي الأسطوري مايكل فيليبس، ونجمة التنس اليابانية الواعدة نعومي أوساكا مع المواقف الصعبة المتعلقة بصحتهم العقلية، وتحدثوا عنها بصراحة.
ويبدو أن مثل هؤلاء النجوم يعانون من الكثير من الضغوطات النفسية، من أجل حصد الميداليات الذهبية واعتلاء منصات التتويج في البطولات المتعددة، وهو ما قد يخلف بعض الآثار السلبية التي تتعلق في كثير من الأحيان ببعض الموقف التي يتعرضون لها خلال رحلتهم نحو تحقيق المجد.
نعومي أوساكا
في النسخة الأخيرة من بطولة إنديان ويلز، صرخ أحد المتفرجين قائلا: "نعومي.. أنت بذيئة!"، لتدخل اللاعبة في فاصل من البكاء بعد المباراة، مؤكدة أن الصرخة أعادت لذهنها موقفا عنصريا تعرضت له الشقيقتان الأمريكيتان سيرينا وفينوس ويليامز في نفس البطولة منذ سنوات، مضيفة: "لا أعرف لماذا، لكن الموقف خطر على بالي".
وفي مايو/ أيار 2021، غادرت أوساكا بطولة رولان جاروس ثالثة البطولات الكبرى، بعد أن عوقبت لعدم رغبتها في الظهور أمام الصحافة، وقالت في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي: "الحقيقة أنني عانيت فترات طويلة من الاكتئاب منذ بطولة أمريكا المفتوحة 2018 (التي توجت بها)، وكان من الصعب للغاية التعامل مع الأمر".
وأضافت: "أي شخص يعرفني يعرف أنني انطوائية وأي شخص رآني في البطولات سيلاحظ أنني غالبًا ما أرتدي سماعات الرأس لأنها تساعدني في تقليل قلقي الاجتماعي".
وأوضحت أوساكا أنه على الرغم من أن الصحافة كانت دائما لطيفة معها، فإنها لم تتعامل مع الحديث علنا بشكل طبيعي، وأنها عانت من حالات قلق هائلة قبل التحدث إلى وسائل الإعلام، مضيفة: "سأبتعد عن الملاعب لفترة لكن عندما يحين الوقت أريد حقا العمل على مناقشة الطرق التي يمكننا من خلالها تحسين الأمور للاعبين والصحافة والجماهير".
إيان ثورب
تحدث السباح الأسترالي إيان ثورب لأول مرة عن صحته العقلية في سيرته الذاتية التي نُشرت عام 2012، والتي ناقش فيها إدمانه للكحول وصراعاته مع الاكتئاب.
وبعد تصريحات أوساكا عاد ثورب إلى الواجهة، بعدما صرح لمجلة "ستيلار" قائلا: "إنني أحييها لأنها أظهرت أن القضايا المتعلقة بالصحة العقلية يمكن أن تؤثر على أي شخص".
وكان السباح الأسطوري كتب قبلها عام 2016 في نص نشرته صحيفة "هافينجتون بوست" الأسترالية: "أنا شخص عانى من مشكلات الصحة العقلية منذ المراهقة.. من الخارج لن يرى الكثيرون ألمي ولن يكونوا قادرين على فهم المعاناة اليومية التي أواجهها أحيانا".
سيمون بايلز
قالت لاعبة الجمباز الأمريكية سيمون بايلز في مقابلة مع مجلة "نيويورك ماجازين" نشرت في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي: "إذا نظرت إلى كل شيء مررت به في السنوات السبع الماضية، أجد أنه ما كان يجب أن أكون في فريق أولمبي آخر".
كما أكدت بايلز أنها كان يجب أن تعتزل اللعب في الأولمبياد قبل ذلك بوقت طويل.. عندما كانت قضية لاري نصار تتناقلها وسائل الإعلام لمدة عامين".
وأضافت بايلز التي كشفت في عام 2018 أنها تعرضت أيضا للاعتداء الجنسي من قبل نصار، طبيب المنتخب الوطني الأمريكي: "لم أكن لأسمح له أن ينتزع مني شيئا أعمل من أجله منذ أن كنت في السادسة من عمري.. لم أكن لأسمح له بأخذ تلك الفرحة مني.ز لذلك أضع ذلك ورائي ما دام عقلي وجسدي يسمحان بذلك".
وقبل شهرين من نشر المقابلة كانت بايلز انسحبت من خمسة من النهائيات الست في أولمبياد طوكيو 2020 للتركيز على صحتها العقلية، وقالت حينها: "علينا حماية عقولنا وأجسادنا بدلا من مجرد الخروج والقيام بما يريد العالم منا أن نفعله".
مايكل فيليبس
قال السباح الأسطوري مايكل فيليبس في عام 2018، في تصريحات لشبكة CNN: "أعتقد أنني دخلت في حالة اكتئاب كبيرة بعد كل دورة أولمبية"، مشيرا إلى أن المعاناة الأكبر كانت بعد أولمبياد لندن عام 2012، عندما أمضى عدة أيام محبوسا في غرفته دون تناول الطعام وبالكاد كان ينام.
وقال السباح الذي يعد الرياضي الأكثر تتويجا بالميداليات في تاريخ الأولمبياد برصيد 28 ميدالية بينها 23 ذهبية و3 فضيات وبرونزيتان: "لم أكن أريد أن أكون في الرياضة بعدها.. لم أرغب في الاستمرار في العيش".
وفي النهاية طلب فيليبس المساعدة من مختصين وقال عن تجربته "أنا ممتن للغاية لأنني لم أنتحر".