العلاقات عبر "الأطلسي".. تحديات جوهرية و"أمراض" يجب التخلص منها
في عالم ما بعد حرب أوكرانيا كان التناحر السياسي والتنافس الجيوسياسي المحرك الرئيسي لعلاقات القوى العظمى، في محاولة للقفز على التحديات العديدة الحالية.
تلك التحديات فرضت واقعا جديدا، استدعت من المعسكر الغربي ضرورة التحرك لبناء علاقات أقوى، على أساس التعاون الثنائي لا "توبيخ البلدان".
وتقول صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، إنه على الدول التي تسعى إلى النمو والازدهار إيجاد طرق للعمل معًا، مشيرة إلى أنه بينما تريد أمريكا أوروبا حرة ومزدهرة تنعم بالسلام تحتاج في الوقت نفسه -كقوة عالمية لها مصالح ومسؤوليات عالمية- إلى أصدقاء في ظهرها.
ومن المؤكد أن كل دولة أوروبية ترغب في التحرر من خطر التعرض للإرهاب والضغط بين القوى العظمى والإمبراطوريات المتنافسة، حسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن وجود دولة أوروبية عظمى ليس هو الحل.
في حين أن هناك قيمة لا يمكن إنكارها في الاتحاد الأوروبي، إلا أن مؤسسة ذات حدود وليست محصنة ضد التأثير السياسي، حيث يحاول البعض الهيمنة والإملاء على الآخرين، تقول "ذا ناشيونال إنترست"، التي أشارت إلى أن الدول في الاتحاد الأوروبي تدرك أنه يمكن أن تقدم مصالحها الوطنية، لكن في النهاية تتحمل كل دولة عضو المخاطر والمسؤوليات الحقيقية لتحقيق السلام والازدهار والحرية لشعبها.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن العلاقات عبر الأطلسي هي عبارة عن مجموعة أخرى من البلدان ذات التفكير المماثل والمرتبطة بالمصالح والجغرافيا المشتركة، مما يعكس تاريخ الحضارة الغربية وتقاليدها وأديانها وثقافتها.
وأشارت إلى أن العلاقات الثنائية داخل أوروبا ووسط دول المحيط الأطلسي لا تقل أهمية عن أي وقت مضى، مؤكدة أن العلاقات القوية والصادقة بين الأعضاء -المبنية على الثقة والثقة-، بالإضافة إلى المصالح المتبادلة وفهم الاختلافات، ستقوي المؤسسات مثل الناتو والاتحاد الأوروبي.
إلا أن كل شيء ليس على ما يرام في العلاقات عبر "الأطلسي"، فاليوم توجد أمراض إذا تُركت دون علاج ستجعل من الصعب مواجهة تحديات العالم الحديث من خلال العمل المشترك.
الاقتتال السياسي
المعارك السياسية ستكون موجودة، كونها الأساس لمجتمع من الدول الحرة، حسب الصحيفة الأمريكية، مضيفة: "يجب أن نتركهم يقررون، وحتى إذا لم يصوتوا بالطريقة التي نرغب، يجب أن نعمل سويًا مع الحكومات المنتخبة كأصدقاء وحلفاء، ينبغي أن يفعلوا".
تسوية النقاش
تتمثل إحدى طرق خنق المنافسة السياسية في إعلان تسوية النقاش، إلا أنه مع ذلك فإن العديد من القضايا الأساسية لحريات المواطنين وازدهارهم -المناخ والطاقة والأسرة والتعليم والهجرة والجنس والحرية الاقتصادية، على سبيل المثال لا الحصر- لا تزال غير مستقرة.
ولا يمكن بناء قاعدة قوية للعمل المشترك من خلال إعلان أن الشريك الراغب الذي يتحدى المعتقدات السياسية هو متطرف راديكالي وخطر على الديمقراطية.
التهديدات للأسواق الحرة
"لا يجب تحدي أي عقيدة أكثر من أن الاقتصادات يجب أن تدار مركزيا بالكامل من قبل البيروقراطيين العابرين للحدود" تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه سيتعين على المستثمرين جني الأرباح، لكنهم أيضا يوفرون الوظائف وعائدات الضرائب للبلد المضيف.
وتقول "ذا ناشيونال إنترست" إن المنافسة الصحية في السوق بين البلدان التي تحترم منافسة السوق الحرة تخلق مساحة لأوضاع مربحة للجانبين.
مبادرات التنمية غير المتكافئة
هناك مشاكل كان الاتحاد الأوروبي غير قادر على حلها بشكل معتاد ومستمر أو غير راغب في حلها؛ فعلى رأس قائمة تطوير البنية التحتية بين الشمال والجنوب في وسط أوروبا.
يمكن أن تكون مبادرة البحار الثلاثة حلاً رائعًا، تلبي الاحتياجات التي لم تتم الإجابة عليها لمدة تزيد عن ثلاثين عامًا، لكن القيادة الكاملة للمجتمع عبر الأطلسي تحتاج إلى دعم هذه المبادرة.
انعدام أمن الطاقة
يحتاج المجتمع إلى أن يصبح أكثر جدية بشأن أمن الطاقة، ما يعني إنشاء مصادر إمداد مستقرة وبديلة (بما في ذلك الغاز والنفط والنووية) وطرق لتوصيل الوقود والكهرباء.
يجب أن يكون هناك المزيد من التعاون -والالتزام بالمضي قدمًا على أسس تجارية لا تشوبها المحسوبية أو السياسية- لتطوير خطط حقيقية لفتح أسواق جديدة، حيث يمكن جني الأرباح، وإنشاء مشاريع جديدة، مع شركاء مثل دول الممر الأوسط (القوقاز وآسيا الوسطى).
وتقول "ذا ناشيونال إنترست" إن الغرب فشل في التغلب على هذه العوائق أمام التعاون من خلال إهدار طاقته في التغلب على ما يُصوَّر في كثير من الأحيان على أنهم حلفاء عنيدون للخضوع.
حلول وبناء جسور
عندما لا تتمكن من التغلب على عقبة ما فقد حان الوقت لتجربة شيء آخر، بناء الجسور من خلال تعاون ثنائي أفضل، حسب الصحيفة الأمريكية التي تساءلت: "كيف نعرف أن التعاون يمكن أن ينجح في هذه الأوقات العصيبة؟".
وأشارت إلى أن العديد من الحكومات في أوروبا أثبتت أنها مستقرة للغاية، على الرغم من ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم وقضايا الهجرة وعدم اليقين بشأن الحرب حول أوكرانيا.
لكن لماذا؟
يرجع ذلك جزئيًا إلى أنها (الحكومات الأوروبية) جعلت رعاية مواطنيها على رأس أولوياتها ثم عملت مع دول أخرى لتحقيق ذلك، حسب الصحيفة الأمريكية، التي استدلت على رؤيتها بقولها إن أحد الأمثلة على ذلك هو العمل السريع لبناء ممر الغاز من أذربيجان.
وأشارت إلى أنه عندما تتعامل البلدان المختلفة مع التحديات بشكل مختلف يمكن قياس النتائج ومناقشتها ومقارنتها، مما ينتج عنه دروس يمكن أن تسترشد بها السياسات العامة.
بناء مساحات حرة ومفتوحة
وطالبت الصحيفة الأمريكية بضرورة العمل على بناء شراكات وخلق فرص جديدة، من شأنها أن تسمح للدول بالعمل معًا واتخاذ خياراتها الخاصة بدلاً من الجدال.. حول من هم أعداؤنا؟ ومن ليسوا منافسين لنا؟
أشكال ومنصات جديدة للحوار
بعد عقود من نهاية الحرب الباردة سيطرت المنابر واللاعبون أنفسهم على الخطاب والنقاش داخل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي كما كانوا قبل عقود. هم ليسوا متنوعين.
وتقول "ذا ناشيونال إنترست" إن العالم في حاجة إلى أدوات اتصال جديدة، ليس فقط المزيد من المنتديات التي تبث وجهات نظر الببغاء، مشيرة إلى أن المجتمع المدني في الغرب يحتاج إلى العودة إلى اللعبة.
التعاون الدفاعي
غالبًا ما تكون الدول التي يوبخها الاتحاد الأوروبي هي أيضا من بين أكثر الدول التزامًا بحلف الناتو والردع وبناء قدراتها الخاصة في الدفاع عن النفس.
ويعد التعاون الدفاعي والشراكات الصناعية والجهود المشتركة التي تركز على تعزيز الأمن الجماعي في المجتمع عبر الأطلسي طريقا نحو مرحلة تعاونية أكبر.
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA==
جزيرة ام اند امز