الإخوان في السويد.. خطر يهدد سياسة الاندماج وروشتة أوروبية للمواجهة
مُتكئًا على السرية وإخفاء الأنشطة وراء واجهات المساجد والمراكز الإسلامية، استطاع تنظيم الإخوان في ستوكهولم، إنشاء مجتمعات موازية ساهمت بخلق مشاكل أثرت على قدرة المجتمع السويدي بإدارة سياسة الاندماج.
تلك المجتمعات باتت عقبة أمام التماسك الاجتماعي في البلد الأوروبي، أسهمت في خلق استقطاب سياسي واجتماعي من خلال تعزيز خطاب "نحن" (المسلمون) "ضدهم" أي ضد (غير المسلمين)، بحسب عالم الأنثروبولوجيا الاجتماعية آجي كارلبوم.
ويقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن الاعتقاد بأن الإخوان المسلمين ممثل شرعي للإسلام والمسلمين في السويد يعني نقص المعرفة بالإسلام والإخوان المسلمين أيضا.
عملية الاندماج
وبحسب دراسة للمركز الأوروبي فإن استراتيجية سياسة الهوية التي يستخدمها تنظيم الإخوان والمنظمات التابعة له تضع المجموعات في مواجهة بعضها، مما يؤثر سلبا على القواعد الديمقراطية فيما يتعلق بمناقشة القضايا الواقعية، مشيرا إلى أن تنظيم الإخوان يشكل تهديدا قائما للسويد من منظور أمني.
ويرى العديد من المراقبين والخبراء أن تنظيم الإخوان استغل الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لسكان بعض الضواحي، خاصة الجاليات المسلمة، ولعب على التناقضات لنشر الفكر المتطرف والتكفيري بين أبنائهم وشبابهم.
ويقول المركز الأوروبي إن تجاهل أو نفي حقيقة أن الإسلام السياسي قد رسخ جذوره في السويد واكتسب موقعا وتأثيرا كبيرا في ستوكهولم بين النخبة السياسية والمجتمع على حدٍ سواء، يعني الافتقار إلى المعرفة بالإسلام السياسي مثل تنظيم الإخوان المسلمين.
نموذج الإخوان السويدي
وأشار إلى أن إخوان السويد نجحوا عبر عقود في بناء هيكل مؤسسي استُخدم بسلاسة "النموذج السويدي" الذي يمكنهم من إتقان "فن حلب النظام المنفتح والمرحب والسخي في السويد"، لتأمين المساعدة المالية من المال العام.
وبحسب المركز الأوروبي، فإن "الإخوان" استخدم مجموعة متنوعة من الأساليب والاستراتيجيات للوصول إلى أهدافه وزيادة التأثير السياسي؛ مثل: التسلل إلى الأحزاب السياسية والجماعات المؤثرة الأخرى والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى وتقديم نفسه كممثلة لأقلية دينية.
باحثون قالوا إن السويد كحكومة ومجتمع ساهمت ماليًا وتنظيميًا في إنشاء العديد من المنظمات ذات الصلة المباشرة أو غير المباشرة بتنظيم الإخوان، وساعدت في ذلك، مشيرين إلى أن العديد من هذه المنظمات تلقت ملايين "الكرونات" السويدية دعماً من الدولة ودافعي الضرائب.
وبحسب بعض المراقين، فإنه لن يكون من الممكن للجماعات السويدية التابعة للإخوان أن تحقق درجة تأثيرها ونفوذها الاستثنائية هذه بدون درجة كبيرة من السذاجة والجهل بين النخبة السويدية والمجتمع بشكل عام حول الإسلام السياسي كمفهوم وأيديولوجي.
مستقبل الإخوان في السويد
ويقول المركز الأوروبي، إن الترويج لـ"الإسلاموفوبيا" باعتباره المشكلة الحاسمة للمسلمين في السويد وحتى في أوروبا، وإنكار وجود الإسلام السياسي، من شأنه تقديم الدعم لتفكير الإخوان المسلمين الشمولي، وتعزيز مشروعه الإسلامي السياسي على المدى الطويل.
وحول مستقبل الإخوان المسلمين في السويد، قال المركز الأوروبي إنه لا توجد إجابة واضحة حاليًا، طالما أن هناك مشكلة تواجه السلطات السويدية في التعامل بجدية مع ملف الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، مشيرًا إلى أن نموذج الإخوان المسلمين يتمتع بحرية الحكم.
وحذر المركز الأوروبي من أن ثقافة الصمت "ستمنح الإخوان مكانة أقوى في مجتمعاتهم الموازية، وستشكل في الوقت نفسه تحديًا طويل الأمد لسياسة الاندماج والتماسك الاجتماعي في المجتمع".
كيف يمكن مكافحة الإخوان في السويد؟
أكد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ضرورة إصدار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تعزز جهود الدولة وإجراءاتها في مواجهة التطرف والإرهاب.
وتسهل هذه التشريعات عملية تعقب ومراقبة البيئات الحاضنة للتنظيمات والمؤسسات المتطرفة التي ترعى المتطرفين وتشديد العقوبات عليهم، ورصد ومعاقبة التحريض على خطاب الكراهية ونشر التطرف الديني واستغلال الإنترنت لهذه الأغراض.
وشدد على ضرورة إنشاء "مركز توثيق الإسلام السياسي" لتحليل ومراقبة أنشطة الإخوان المسلمين في السويد، ثم فتح تحقيقات قانونية في أنشطة الجماعة وتمويلها للتطرف والإرهاب، مؤكدًا ضرورة إقامة مراكز مهمتها مراقبة المؤسسات والتنظيمات المتطرفة في الدولة كخطوة لمكافحة تيارات الإسلام السياسي أو ما يعرف بـ"الإسلاموية".
وبحسب المركز الأوروبي، فإنه يجب إرساء الشفافية في موضوعات تمويل المراكز والمنظمات التابعة لجماعة الإخوان ومصادر التمويل، وتكثيف الرقابة على الاستثمارات والمؤسسات المالية التابعة للإخوان التي تُعتبر ممرات لتمويل التطرف والإرهاب.
كما شدد على ضرورة ضبط خطاب المساجد الذي يتعارض مع قيم النظام الديمقراطي السويدي، ومراقبة مصادر تمويل المساجد والمراكز الدينية، ومنع "المتطرفين" من السيطرة على المساجد، ووقف استقبال الأئمة المرسلين من الدول الأجنبية.
وطالب المركز الأوروبي بضرورة وجود قانون يمنع عمل الأئمة من خارج الاتحاد الأوروبي، في إطار محاربة التطرف، وإنشاء "معهد أوروبي لتدريب الأئمة" يشرف على تدريب الأئمة ويضمن أن خطابهم لا يسهم في "أيديولوجية التطرف".
كما أكد ضرورة إغلاق المؤسسات المشتبه بها في نشر أفكار وأيديولوجيات متطرفة، مثل مدارس الإخوان الآخذة في الانتشار خلال العقدين الماضيين، نتيجة تساهل الحكومات مع أنشطة وتحركات تنظيم الإخوان، والتي تصنفه عدة دول على أنه تنظيم متطرف.
وتمثل هذه المدارس بؤر انتشار الفكر المتطرف، خاصة في الضواحي السويدية التي يسكنها المجتمع المسلم، بالإضافة إلى أنها أصبحت إحدى منصات نشر الفكر المتطرف.