ديوان المحاسبة يكشف عن أرقام مفزعة لحجم الفساد في ليبيا
منظمة الشفافية الدولية صنفت ليبيا ضمن أكثر 9 دول فسادا في العالم، وأعطتها 17 نقطة من أصل 100 في النزاهة والشفافية خلال عام 2017.
كشف ديوان المحاسبة في ليبيا، الأحد، عن أوجه وأسباب انتشار الفساد في البلاد، مشيرا إلى أن ليبيا صُنِّفت من قِبَل منظمة الشفافية الدولية ضمن أكثر 9 دول فسادا في العالم خلال عام 2017.
وأضاف ديوان المحاسبة (في طرابلس)، عبر مقطع مصور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، أن منظمة الشفافية الدولية صنفت ليبيا من أكثر الدول فسادا في العالم، حيث منحتها 17 نقطة من أصل 100 في النزاهة والشفافية.
وعن أسباب الفساد، أشار الديوان (المختص بالرقابة على المال العام) إلى أن الفساد "آفة هدامة" انتشرت ظواهرها في مؤسسات ليبيا في الداخل والخارج نتيجة لتراكمات، أهمها: ضعف الوازع الديني، والانقسام السياسي، وازدواج السلطات، إلى جانب غياب الدور الحقيقي لمؤسسات الدولة.
وأضاف الديوان أنه أورد في تقاريره "أرقاما مفزعة تشير بوضوح إلى حجم الفساد، حيث أنفقت الدولة من عام 2012 وحتى 2017 ما قيمته 270 مليار دينار لا يظهر لها أثر ملموس على الأرض".
واعتبر ديوان المحاسبة أن المحاباة والتسيب والوساطة هم السبب الرئيس في إنفاق أكثر من 21 مليار دينار سنويا على المرتبات، ووجود نحو 1.8 مليون موظف عمومي بمعدل إنتاجية لا يتعدى "ربع ساعة" يوميا، فضلا عن "التواطؤ والرشوة، والإهمال الذي يعد السبب في إهدار 80 مليار دينار على مشروعات تنموية من عام 2010 حتى العام الجاري، دون تحقيق أي تنمية".
ولفت الديوان إلى أن عدم الكفاءة وتضارب المصالح تعد من أبرز أشكال الفساد التي تتسبب في إنفاق مبالغ طائلة على الخدمات العامة سنويا، دون تحقيق أي فعالية، موضحا أن الدولة تنفق نحو 5 مليار دينار سنويا على الكهرباء، في حين ما زالت الدولة تعاني من الانقطاعات وسوء الخدمة، كما يتم إنفاق أكثر من 4 مليار دينار سنويا على الصحة والأدوية، بينما يبحث المريض عن العلاج والدواء في المصحات الخاصة بداخل ليبيا وخارجها.
وفيما يتعلق بملف التعليم، قال الديوان إن ما يقارب 8 مليارات دينار تنفق على التعليم بشقيه العام والعالي، في حين تعاني العملية التعليمية من سوء الخدمات وتدني المخرجات.
وأشار الديوان إلى أن "قيمة الدعم الحكومي تبلغ نحو 6 مليارات دينار، في الوقت الذي تزداد فيه عوز ومعاناة الليبيين، حيث يباع رغيف الخبز والدواء بأغلى الأسعار إلى جانب عدم توفر الوقود في أكثر من نصف مناطق الدولة".
وبخصوص أعمال النظافة، أكد الديوان أنه رغم تخصيص نصف مليار دينار سنويا للنظافة، لكن الشوارع تعاني من تكدس القمامة.
وكشف الديوان عن الأسباب الرئيسية في إهدار أكثر من نصف مليار دينار سنويا، والمتمثلة في استغلال المنصب للأغراض الخاصة، والإسراف على 141 بعثة دبلوماسية بالخارج دون تحقيق أي مصالح للدولة.
وأرجع الديوان شح السيولة والتضخم المضاعف وغلاء الأسعار وارتفاع أسعار السلع الأساسية وسوء الخدمات الأساسية إلى فساد المصارف التي انتشرت بها عمليات المضاربة بالنقد المحلي والأجنبي، وتهريب الأموال إلى الخارج، والتلاعب بالاعتمادات المستندية والتوريدات الوهمية إلى جانب غسيل الأموال وفساد التزوير والتلاعب بالإقرارات وضعف الكفاءة والنزاهة بالمؤسسات الجباية؛ نتج عنه التهرب الضريبي والجمركي وانخفاض موارد الجباية من 5 مليار دينار في عام 2010 إلى نحو 1.25مليار دينار في عام 2017.
وعزى الديوان السبب الرئيسي في إفلات الفاسدين من العقاب إلى المحاباة والمجاملة والرشوة؛ ما أدى إلى نهب خيرات الدولة، موضحا أن إعادة تدوير المال الفاسد في شراء الذمم الرخيصة وتسخير الإعلام لتزيين الفاسدين وتشويه كل من يقف في وجه الفساد أصبحت من سمات المجتمع الملحوظة.
الديوان أكد أن القضاء على الفساد يتطلب تجفيف منابعه، داعيا لإصلاحات تنظيمية وأخلاقية جدية يشارك بها الجميع، مضيفا أن "جهود الإصلاح تخوض صراع وجود غير متكافئ في مواجهة مباشرة مع الفساد الذي كشر عن أنيابه علانية، الأمر الذي وضع المجتمع أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تضافر الجهود ضده أو أن تظل الدولة عاجزة".