هل ليبيا مستعدة لإجراء الانتخابات؟.. خبراء يجيبون لـ"العين الإخبارية"
خبراء ليبيون شككوا في جدية الأطراف الليبية الفاعلة في الالتزام بالخطة الأممية حول الحل في ليبيا، والتي تتضمن إجراء الانتخابات.
شكك خبراء ليبيون في جدية الأطراف الليبية الفاعلة في الالتزام بالخطة الأممية لحل الأزمة، والتي تدعو إلى إجراء انتخابات في العام المقبل.
واتفقوا في حديثهم لـ"العين الإخبارية"، على أن مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي الليبي، لا يرغبون في إجراء انتخابات أو أي تغيير من شأنه أن يطيح بهم وينهي سلطتهم في ليبيا، مشددين على أن الانتخابات هي التي تمثل المخرج الأوفر حظا نحو استتباب الأوضاع في بلدهم الذي يعاني الفوضى وتردي الأوضاع وضياع الثروات.
الأطراف الحالية تريد البقاء
الدكتور العربي الورفلي، الباحث والمحلل السياسي الليبي، أشار إلى أن كل الأطراف الفاعلة في ليبيا يعملون على عرقلة الانتخابات باستثناء المؤسسة العسكرية، موضحا أن تلك الأطراف "تريد البقاء لأطول فترة ممكنة".
الورفلي تابع، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن قرارات مجلس النواب الخاصة باعتماد مشروع قانون الاستفتاء على الدستور وإعادة هيكلة السلطة التنفيذية هي بمثابة "مناورة".
وكان مجلس النواب الليبي أقر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعديلاً دستورياً عاشرا يتضمن تحصين المادة السادسة من قانون الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد، بحيث تقسم ليبيا إلى 3 دوائر، وضرورة حصول مشروع الدستور على نسبة 50+1 في كل إقليم، بالإضافة إلى ثلثي الشعب على مستوى البلاد، وتضمن أيضا اعتماد مجلس رئاسي من رئيس ونائبين ورئيس حكومة منفصل عن المجلس.
وأضاف الورفلي أن اعتماد الدستور قد يستغرق نحو عام، مشيرا إلى أن "تنظيم عملية الاستفتاء تستغرق شهورا، إضافة لـ6 أشهر أخرى حتى تخرج النتائج، فضلا عن المدة التي يستغرقها تعديل الدستور في حال رَفَضه الشعب في الاستفتاء أصلا"، معتبرا أن المجالس الثلاثة ستستثمر كل تلك المدة للبقاء أطول فترة ممكنة.
ويتفق معه الدكتور محمد العباني، أستاذ القانون والإدارة الليبي، في أن "قرارات مجلس النواب الأخيرة تدفع في اتجاه إطالة عمر المرحلة الانتقالية من أجل استمرار المجالس منتهية الصلاحية، واستمرار الكيانات السياسية الفاسدة وزيادة معاناة الشعب وضنك معيشته".
وتابع العباني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تلك القرارات تهدف أيضا لإبعاد الانتخابات عن الليبيين بشتى الحجج الواهية، واستمرار إدارة الصراع ونزف المال العام وتدمير الاقتصاد، وتشظي مؤسسات الدولة الليبية.
قرارات واهية
في سياق متصل، لفت إبراهيم بلقاسم، الباحث السياسي الليبي، إلى أن مجلس النواب وعبر قراراته الأخيرة (التعديل الدستوري الـ10)، يقع في نفس الخطأ الذي ارتكبه المؤتمر الوطني العام عام 2014.
وأوضح بلقاسم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المؤتمر الوطني العام (الذي كان يسيطر عليه الإخوان) عندما خرجت المظاهرات المنادية بعدم تمديده ورحيله من المشهد السياسي الليبي، قام بتشكيل لجنة سميت بـ"لجنة فبراير" بهدف رسم خارطة طريق لتسليم السلطة إلى مجلس النواب الذي جرى انتخابه 2014.
لكن اللجنة، التي ضمت 7 أعضاء إخوان من إجمالي أعضائها الـ15، عملت على إيجاد ثغرات قانونية، حتى تجد الذريعة للطعن في عمل مجلس النواب لاحقا، وفقا لبلقاسم.
وتابع بلقاسم أن مجلس النواب الليبي يرتكب حاليا الأخطاء نفسها، متابعا أن "التيار الفيدرالي" (الذي يدعو أعضاؤه لتقسيم الأقاليم الثلاثة إلى ثلاثة فيدراليات في ليبيا) خاصة المناصرين له في الشرق (إقليم برقة)، عملوا على أن يخرج قانون الاستفتاء بشكل مشوه حتى لا يمر الاستفتاء، وحتى إن مر الاستفتاء فستكون هناك بذور للطعن في قانونيته.
وأوضح أن تلك الثغرات التي تم تضمينها بقانون الاستفتاء تتمثل في تقسيم ليبيا إلى 3 دوائر، واشتراط أن توافق كل دائرة خلال الاستفتاء على 50%+1، فضلا عن ضرورة موافقة ثلثي الناخبين على مستوى البلاد. إضافة لكل ذلك أن الجلسة لم تكن مكتملة النصاب ولم تحصل على الأغلبية القانونية لتمرير مشروع قانون الاستفتاء.
4 مبادرات للخروج من المأزق
وحول إيجاد مخرج للأزمة، طرح الخبراء 4 حلول تعتمد على: هيكلة المجلس الرئاسي الحالي، وإيجاد حكومة وحدة وطنية، أو الذهاب للانتخابات مباشرة، أو عقد المؤتمر الوطني الجامع، أو تدخل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وسيطرته على المنطقة الغربية التي يحكمها المجلس الرئاسي وتسيطر عليها المليشيات.
1- حكومة وحدة وطنية:
يرى إبراهيم بلقاسم أنه رغم صعوبة هيلكة المجلس الرئاسي الليبي، لكن يمكن عقد صفقة بين مجلسي "النواب" و"الدولة"، وذلك بأن ييسر المجلس التشريعي لمجلس الدولة الإجراءات اللازمة للاستفتاء على الدستور، كبداية لهيكلة السلطة التنفيذية.
يشار إلى أن المجلس الأعلى للدولة الليبي، هو المؤتمر الوطني العام مع تغيير الاسم. ويسيطر على المجلس جماعة الإخوان، ورغم أنه هيئة استشارية، لكنه يسوّق نفسه أنه شريك لمجلس النواب في التشريع.
من ناحية أخرى، يرى الدكتور العربي الورفلي، أن هيكلة السلطة التنفيذية بما يؤدي لحكومة وحدة وطنية أمر صعب، خصوصا في ظل غموض موقف مجلس الدولة من هذه الخطوة.
ورغم موافقة مجلس الدولة - عبر لجنة الحوار المشكّلة من قبله للتحاور مع لجنة الحوار من مجلس النواب لتعديل الاتفاق السياسي- على إعادة هيكلة المجلس الرئاسي بما يؤدي لرئيس ونائبين الشهر الماضي، لكن رئيس المجلس خالد المشري تنصل من هذه الخطوة في تصريحاته الأخيرة.
2- الانتخابات مباشرة:
وفيما يتعلق بالحل الثاني (الانتخابات مباشرة)، يرى مراقبون أن مجلس النواب الليبي قد يضطر للذهاب إلى هذا السيناريو، وذلك عبر تنظيم انتخابات رئاسية، في حال عجز عن التوافق مع مجلس الدولة لتشكيل مجلس رئاسي جديد، وحتى يتجنب محاولات المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بتهميش مجلس النواب.
3- مؤتمر جامع لليبيين:
يتمثل عقد مؤتمر جامع سيناريو ثالثا للخروج من الأزمة، وهو ما يدعو إليه المبعوث الأممي كجزء من خطته بعقد مؤتمر يضم الليبيين في يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك تمهيدا لإجراء الانتخابات في ربيع 2019 للخروج من تعدد الشرعيات وتوزعها في ليبيا بإيجاد رئيس واحد وبرلمان واحد يمثلان السلطة التنفيذية والتشريعية في ليبيا وأمام المجتمع الدولي.
ويرى كل من العربي الورفلي وإبراهيم بلقاسم أن المؤتمر الذي يزعم غسان سلامة عقده قد يكون مخرجا للحل، خاصة أن المجالس الثلاثة في ليبيا (الرئاسي (السلطة التنفيذية) والنواب (تشريعية) والأعلى للدولة (استشارية) عاجزة عن إيجاد سلطة واحدة للبلاد.
لكن بلقاسم أعرب عن تخوفه من عقد ذلك المؤتمر، نظرا لما سيشمله المؤتمر من آراء المتعصبين من منادي الانفصاليين والفيدراليين والإسلاميين الذين سيمثلون في المؤتمر، وستضمن موافقهم ضمن إحاطة المبعوث الأممي، التي سيعرضها فيما بعد على مجلس الأمن الدولي، في حين أن الليبيين بحاجة أكثر إلى تعزيز الوحدة الوطنية، مستخلصا "المؤتمر حل لكن الشيطان يكمن في التفاصيل".
4- تدخل الجيش:
من ناحية أخرى، يظل الحل العسكري مطروحا أمام بعض الليبيين، الذين يرون أن تدخل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر للمنطقة الغربية حلا للأزمة، خاصة أن الجيش يصرح بين الحين والآخر دعمه ومساندته لإجراء الانتخابات في البلاد.
وفي هذا السياق، يتوافق الورفلي والعباني في أنه إذا عجزت الأدوات السياسية عن إيجاد مخرج للأزمة، فإن السيناريو العسكري ليس بمنأى عن الواقع.
ويقول الورفلي: إن الحل الأول في ليبيا سياسيا بالأساس، لكن في حالة فشله يكون الحل الثاني (تدخل الجيش في الغرب الليبي).
في حين يؤكد العباني أن "المخرج السريع هو القبول بأنه لا جيش خارج القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، باعتبارها مؤسسة شرعية، ولابد من دعمها ورفع حظر التسليح عنها والتحاق جميع العسكريين من ضباط وضباط صف وجنود بها، فهي القوة المنظمة الوحيدة القادرة على إنهاء فوضى السلاح ونزعه من أيادي العصابات المسلحة واحتكاره لتتمكن بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من خلق بيئة مواتية للانتخابات والعبور للدولة المدنية ومؤسساتها القانونية".
aXA6IDMuMTQ3LjUzLjkwIA== جزيرة ام اند امز