أوجست مارييت.. فرنسي اكتشف كنوز المتحف المصري ودُفن فيه
أوجست مارييت يعود إليه اكتشاف معبد الدير البحري بمحافظة الأقصر المصرية وحُلى الملكة إياح حتب وبعض الآثار في معبدي مدينة هابو والكرنك
بعد أن وجد في كتابات شامبليون عن مصر الكثير من الشغف الذي دفعه لخوض تحدي تعلم اللغة المصرية القديمة ورموزها.. قرر عالم الآثار الفرنسي أوجست مارييت مغادرة باريس والانتقال إلى مصر للوقوف على أسرار حضارتها العريقة، والاقتراب من ساحات التنقيب بأراضيها العامرة بالآثار، ولم يكن يعلم آنذاك أنه سيكون سببا في تأسيس ما بات يُعرف الآن بالمتحف المصري بما فيه من كنوز أثرية مهولة.
وارتبط اسم أوجست مارييت، الذي تحل ذكرى وفاته في 18 يناير/كانون الثاني، بشكل خاص بقصة إنشاء المتحف المصري، بعد أن تطور شغفه بعلوم المصريات التي بدأها في باريس إلى جهود استكشافية وتنقيبية بارزة، كانت لها نتائج هائلة توصل بها للكثير من آثار سقارة، لعل أبرزها مدفن السرابيوم، بما فيها من توابيت حجرية ضخمة تحتوي على مومياوات عجل أبيس.
وكان مارييت يقود تلك الجهود بشكل منفرد غير مؤسسي، مدفوعا بدأبه وشغفه بالتنقيب، ودعم جهوده فيما بعد الخديوي سعيد الذي قام بتعيينه مأمورا لأعمال العاديات أو الآثار وكان ذلك في عام 1858، وفي هذه الفترة استطاع مارييت باشا توسيع نجاحات التنقيب الأثرية، وتم نقل الآثار التي اكتشفها إلى مخازن بمنطقة بولاق بالقاهرة.
ويعود كذلك لمارييت، الذي ولد عام 1812، اكتشاف معبد الدير البحري بمحافظة الأقصر، وحُلى الملكة إياح حتب، وبعض الآثار في معبدي مدينة هابو والكرنك، وكذلك الكشف عن لوحة الـ400 عام في تانيس، والكشف عن تمثال الكاتب الجالس في سقارة، ومصطبة رع حتب ونفرت في ميدوم. كما كشف لوحات كبرى تخص ملوك كوش في جبل البرقل بالسودان.
وبعد وفاة الخديوي سعيد واصل الخديوي إسماعيل الاهتمام بمشروع أوجست مارييت، حتى تم توسيع مخازن بولاق التي تضم الآثار، وتم افتتاحها ككيان متحفي في احتفال اهتم به الخديوي إسماعيل عام 1863، وأصبح يطلق عليه دار الآثار أو متحف العاديات، وتم نقله فيما بعد مرات عدة إلى أن استقر في مكانه الحالي في المتحف المصري بميدان التحرير في القاهرة الذي تم افتتاحه عام 1902 بعد سنوات من رحيل مارييت.
يذكر أنه حين اشتد المرض على مارييت، كان في رحلة عن طريق البحر إلى مسقط رأسه في فرنسا، وفي إيطاليا حين أيقن موته صمم الرجوع لمصر ليُدفن فيها، وتم دفنه في "ناووس" وهو تابوت مصنوع من الحجر عُرف في الكثير من الحضارات منها مصر القديمة.
وتكريما لاسم مارييت فقد تم نقل جثمانه في احتفال كبير ليستقر في مدخل المتحف المصري وذلك إحياءً لسيرته باعتباره أول من حاول تنفيذ فكرة إنشاء متحف للآثار المصرية، وكُتب على مقبرته عبارة "إلى مارييت باشا، مصر تهدي هذا البناء اعترافا بجميله".