غواصات "أوكوس" في مواجهة الصين.. هل يشتعل سباق التسلح؟
"سيشعل سباق تسلّح وقد يتسبب بانتكاسة في جهود منع الانتشار النووي".. هكذا حذرت الصين من تحالف "أوكوس".
هذا التحالف الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، والذي أكدت الدول الثلاث، حينما كشفت عنه أنه "شراكة أمنية هدفها تعزيز أمن منطقة المحيطين الهادئ والهندي".
- بيان مشترك: تعاون عسكري بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا خلال 2023
- تعزيز تحالف "أوكوس".. سوناك في أمريكا لإنهاء صفقة الغواصات الأسترالية
لكن يبدو أن التعاون الأمني بين الدول الثلاث قد وصل إلى مرحلة جديدة، قد تستنفر التنين الصيني، لتدفعه نحو سباق تسلح قد يقود إلى مواجهة لا تحمد عقباها، خاصة مع تأكيد مسؤولي الدول الثلاث أن "الصين من بين دول أخرى تهدد الاستقرار في المنطقة بشكل متزايد".
تعزيز الحضور الغربي
وكانت أولى الخطوات التي تستفز بكين، هي إعلان أستراليا الاتفاق على شراء 5 غواصات أمريكية تعمل بالدفع النووي، وإعلان الدول الـ3 التعاون في مرحلة لاحقة لبناء جيل جديد من الغواصات.
تلك الخطوة التي يرى محللون، أن من شأنها تعزيز الحضور العسكري الغربي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في مواجهة صعود النفوذ الصيني.
اتفاق اعتبرته واشنطن يحقق "السلام لعقود"، وأكدت أستراليا أنه "الاستثمار الدفاعي الأكبر في تاريخها"، لكن يبدو أن لبكين وجهة نظر أخرى.
اتفاق الغواصات
عندما تأسس تحالف أوكوس عام 2021، كان من بين أهدافه الرئيسية السماح لأستراليا بالحصول على غواصات ذات قدرات نووية لتعزيز الردع الأمني والعسكري في منطقة المحيطين الهندي-الهادي.
وجاء إعلان الاتفاق خلال اجتماع استضافه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتقى خلاله أنتوني ألبانيزي رئيس وزراء أستراليا، وريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا، في قاعدة سان دييغو البحرية بولاية كاليفورنيا.
وأكد بايدن أن "الولايات المتحدة ضمنت الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مدى عقود"، مشيرا إلى أن "اتفاق الغواصات يعزز السلام لعقود مقبلة".
فيما وصف ألبانيزي شراء بلاده غواصات أمريكية تعمل بالدفع النووي وانخراطها في مشروع لبناء جيل جديد من الغواصات بأنه "أكبر استثمار في القدرات الدفاعية لأستراليا في تاريخها".
ويشكل استحواذ أستراليا على غواصات تعمل بالدفع النووي تحوّلا في دورها بمشروع بقيادة الولايات المتحدة لحفظ ميزان القوى القائم منذ عقود بمنطقة الهادئ.
وقال جيك سولفيان، مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، في مؤتمر صحفي، إن "مشروع الغواصات يجسّد تعهّد واشنطن بحماية السلم والاستقرار بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ على المدى الطويل".
وأشار إلى أن "الشراكة مع أستراليا، التي تتضمن تشارك تكنولوجيا نووية سرية لم يسبق أن تم تشاركها إلا مع بريطانيا هي التزام سيمتد عقودا وربما قرنا من الزمن".
وأوضح أن "هذه الغواصات ستحمل تسمية (إس إس إن-أوكوس" وستعمل بالدفع النووي وستكون مجهّزة بأسلحة تقليدية.
وأعلن أنها ستبنى استنادا إلى تصميم بريطاني، وبتكنولوجيا أمريكية وستتطلّب "استثمارات كبرى" في البلدان الثلاثة.
ومقارنة بالغواصات من فئة "كولينز" التي ستتخلى عنها أستراليا، فإن الغواصات فئة "فيرجينيا" أطول بمرّتين ويمكنها حمل 132 شخصا من أفراد الطاقم بدلا من 48.
وقال مسؤول أمريكي رفيع، طلب عدم كشف هويته، إن البحرية البريطانية ستتلقى السفن من طراز "إس إس أن-أوكوس" في أواخر ثلاثينيات القرن الواحد والعشرين، فيما سيتعين على أستراليا أن تنتظر حتى أواخر أربعينيات القرن الحالي.
وأوضح أنه في هذه الأثناء سيتدرّب البحارة والمهندسون وأفراد الطواقم الأستراليون مع نظرائهم الأميركيين والبريطانيين لاكتساب الخبرات.
رفع الإنفاق العسكري
وفي إطار زيادة زخم المواجهة، أعلنت بريطانيا، التحرّك أيضا نحو تعزيز قدراتها العسكرية وزيادة إنفاقها الدفاعي.
وأوضحت الحكومة البريطانية، الإثنين، أن "تمويلا إضافيا بأكثر من 6 مليارات دولار في العامين المقبلين سيملأ ويعزز مخزونات الذخيرة الحيوية ويحدّث المنشآت النووية البريطانية ويموّل المرحلة التالية من برنامج أوكوس للغواصات".
وفي مراجعة محدثة لاستراتيجيتها الدفاعية والدبلوماسية نشرتها، الإثنين، لا تزال الحكومة البريطانية تعتبر روسيا بقيادة فلاديمير بوتين "التهديد الأكثر إلحاحًا لأمن المملكة المتحدة"، مع تداعيات العملية العسكرية بأوكرانيا.
لكن في هذه الوثيقة الواقعة في أكثر من 60 صفحة بعنوان "الاستجابة لعالم أكثر تنافسية وغير مستقر"، تعتبر لندن أن الصين تشكل "تحديا في كل مجالات السياسة الحكومية".
وتبين هذه المراجعة الاستراتيجية أن بريطانيا تنوي إنفاق 5 مليارات جنيه استرليني (5,6 مليارات يورو) خلال عامين في مجال الدفاع، وتستهدف خاصة قدرتها النووية وتجديد مخزونها من الذخيرة.
وستنشئ لندن خصوصا "صندوقًا متكاملًا للأمن" بقيمة مليار جنيه إسترليني (1,13 مليار يورو)، وهيئة لحماية الأمن القومي لتحسين قدرة منشآتها الأساسية على الصمود.
كما تريد الحكومة زيادة ميزانيتها الدفاعية لتبلغ 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي في مقابل 2.2% حاليًا.
ولدى عرض هذه الخطة أمام مجلس العموم، دافع وزير الخارجية جيمس كليفرلي عنها بالقول "لا يمكننا أن نتجاهل السلوكيات الاقتصادية والعسكرية التي تزداد عدوانية للحزب الشيوعي الصيني".
في المقابل، أشاد بتعاون لندن مع حلفائها الأوروبيين والأميركيين، خصوصا ضمن حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتؤكد هذه النسخة المحدثة أن من أولويات بريطانيا تعزيز الاستراتيجية المخصصة لآسيا لمواجهة بكين.
وفي مقدمة التقرير، قال سوناك، إن"الصين تشكل تحديا غير مسبوق للنظام الدولي الذي ندافع عنه، في مجال الأمن والقيم على حد سواء، وبالتالي يجب أن يتطور نهجنا".
تحذير صيني
وكانت الصين حذّرت على لسان الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ، من أن "أوكوس سيشعل سباق تسلّح"، وحضت الدول الثلاث على "التخلي عن عقلية الحرب الباردة والإيفاء بالالتزامات الدولية بنية سليمة والقيام بمزيد من الأمور المواتية للسلم والاستقرار الإقليميين".
والأسبوع الماضي، اتّهم الرئيس الصيني شي جين بينغ الولايات المتحدة بقيادة الجهود الغربية باتّجاه "الاحتواء والتطويق والكبت الكامل للصين".
وبين التحذيرات الصينية وتحركات أوكوس نحو زيادة التسلح والإنفاق العسكري، تتزايد المخاوف من نشوب صراع في تلك المنطقة,
aXA6IDMuMTQ1Ljg5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز