إخوان النمسا والتكنولوجيا.. متاهة تجنيد وتأثير
معاول خراب تتمدد بالمجتمع النمساوي عبر التكنولوجيا لتندس في العقول وتبث فيها سموم التطرف في متاهة تستهدف التجنيد والتأثير.
هذا على وجه الدقة كان أحد الاستنتاجات الرئيسية لتقرير هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في النمسا، المنشور قبل أيام قليلة، والذي استخدم مصطلح "الإسلاموية" لوصف تنظيمات الإخوان وغيرها من أجنحة الإسلام السياسي بالبلاد.
ويقول التقرير الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن "التطرف الإسلاموي يمثل شكلا للتطرف السياسي الذي يحاول إقامة دولة إسلامية ومجتمع يستند إلى (فهم خاص) للشريعة الإسلامية، من خلال أساليب (عنيفة) تتجاهل أو تهدد أو تقضي على حكم القانون والديمقراطية".
ويتابع: "بالمقابل، هذا يعني رفض أسلوب الحياة الغربي ومبادئ المجتمع الديمقراطي المستنير".
ويمضي قائلا: "لعدة سنوات، أظهر ملف التهديد الخاص بالتطرف الإسلامي والإرهاب مكونات ثابتة تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على التهديدات المختلفة لأمن النمسا".
ومستعرضا هذه المكونات: "المقاتلون الإرهابيون الأجانب والعائدون من مناطق الحرب والأزمات، ونشر التطرف عبر الإنترنت، واستخدام الإنترنت كأداة ووسيلة للتطرف وأداة تجنيد".
"5G".. مجال تجنيد
التقرير الذي تقدم "العين الإخبارية" قراءة حصرية معمقة في بنوده، قال أيضا: "بشكل عام، يمكن القول إن المعايير التقنية الجديدة مثل "5G" أو تشفير الأجهزة والبرامج قيد التداول، توفر وسائل جديدة للإسلاموية" لتحقيق أهدافها.
وأضاف: "لا يساهم الإنترنت، وقبل كل شيء الشبكات الاجتماعية، في التطرف من خلال القدرة على الوصول إلى المحتوى الإسلاموي والمتشدد فقط، ولكن الإنترنت يشكل في نفس الوقت مجال تجنيد في إطار التأسيس الأولي للاتصالات بين العضو التنظيمي والشخص العادي الخاضع للتجنيد".
واستطرد قائلا "هذا يعني أن التطرف يحدث عبر الإنترنت وفي الحياة العادية، لأنه بالإضافة إلى عمليات التبادل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصداقات الافتراضية، تظل أنشطة طبيعية مثل الرحلات وزيارات المطاعم المحلية أو الأنشطة الرياضية عاملاً مهمًا" في استراتيجية التجنيد للتنظيمات الإسلاموية.
وحول الدعاية الإسلاموية المتطرفة، قال التقرير: "لوحظ أن الخطب التي يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت ويلقيها دعاة متطرفون، لا تزال تحظى بقبول وشعبية كبيرين، وتتم إعادة نشر هذه الخطب مرارا وتكرارا على المنصات الاجتماعية ووضعها في سياق حديث".
وتابع: "الأكثر من ذلك، يمكن رصد وتيرة سريعة للمحتوى المتطرف والجهادي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى طبيعة المنصات الاجتماعية المستخدمة، مثل تيك توك المنتشر بين الشباب، وكذلك الهيكل العمري المستهدف بهذه الدعاية، وهو الشبان في مرحلة المراهقة".
وانتقل التقرير عن دور الإنترنت والتكنولوجيا في تطرف النساء وانضمامهن لتنظيمات إسلامية، وذكر "يلعب الإنترنت دورًا مهمًا بشكل أساسي في عمليات التطرف الأنثوي، لأسباب منها أن العديد من الفتيات أو النساء لا يتمتعن بسهولة الوصول إلى دروس الإسلام أو القرآن في المسجد أو صلاة الجمعة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أسلوب حياتهن التقليدي والمنغلق".
ومضى قائلا: "من حيث المبدأ، أصبحت مراحل التطرف أقصر وأسرع نتيجة للإنترنت والتكنولوجيات المتطورة".
وخلص التقرير إلى أنه "بشكل عام، يمكن القول أن التطرف الإسلاموي والإرهاب قد أحرزا تقدمًا في استخدام التقنيات الحديثة ووسائل الإعلام، وفي نفس الوقت يمكن ملاحظة زيادة في الاستعداد للقيام بأفعال مختلفة واستخدام العنف".
يأتي ذلك بعد شهر من تسليط مركز توثيق الإسلام السياسي التابع للحكومة النمساوية، الضوء على الجمعية الإسلامية في النمسا؛ والتي تدير مسجد الهداية في العاصمة النمساوية، وتعمل على الترويج لخطاب التطرف والكراهية.
تحت المجهر
وعلى مدار عام كامل، أخضع مركز توثيق الإسلام السياسي، الجمعية الإسلامية في النمسا، للتدقيق والدراسة، إذ تم تحليل وتقييم 28 خطبة لرئيس وإمام مسجد الهداية (التابع للجمعية) في فيينا، إبراهيم الدمرداش. بالإضافة إلى الأنشطة في الشبكات الاجتماعية.
والدمرداش أحد المشتبه بهم الـ70 في تحقيقات الإخوان الجارية في النمسا منذ 9 نوفمبر/تشرين الثاني 202٠، والتي تتناول أنشطة الجماعة وتحركاتها وشبهات تمويلها للإرهاب. كما أن مسجد الهداية يعد أحد المساجد المحسوبة على الإخوان في فيينا.
وبحسب الدراسة، يتم ذكر أفكار ذكورية وعنيفة وسط حديث متكرر عن "الجهاد"، و"الجهاد المقدس"، "والدفاع عن البلاد الإسلامية".
ومنذ 2019، تشن النمسا حملة قوية ضد الإخوان، كأكبر منظمة للإسلام السياسي، بدأت بحظر رموز الجماعة، ثم تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي، لتحليل ومراقبة ورصد أنشطتها في الأراضي النمساوية، ثم فتح تحقيقات قانونية في أنشطتها وتمويلها للإرهاب.