كريستيان ستوكر مستشارا للنمسا.. «رجل الظل» يودع «منطقة الراحة»

"رجل الظل"، و"حرفي سياسة"، و"خبير قانون" 3 أوصاف تلائم بشكل كبير، مستشار النمسا الجديد، كريستيان ستوكر، الذي قفز إلى القمة أخيرا.
وتردد لفترة طويلة، وفق وسائل إعلام نمساوية، أن ستوكر كان يشعر وكأنه في بيته في الصف الثاني للقيادة، حيث أمضى نحو 24 عاما في منصب نائب العمدة في بلدته فينر نويشتات.
في الفترة بين 2000 و2015، كان ذلك مبررا لأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي كان القوة الأساسية في البلدة، ويشكل ائتلافا مع حزب الشعب، لكن حتى بعد أن قفز الأخير للصدارة في 2015، ظل ستوكر نائبا لزميل في الحزب هو كلاوس شنيبرغر.
لذلك، ذاع صيت ستوكر على أنه شخص يفضل القيام بعمله بهدوء في الخلفية، وفق صحيفة "كلاينه تسايتونغ" النمساوية.
الأكثر من ذلك، لم يخط ستوكر خطوة في السياسة الفيدرالية إلا في سن الستين تقريبًا، إذ انتخب لأول مرة لعضوية المجلس الوطني (البرلمان) في عام 2019، على خطى والده فرانز ستوكر.
وبعد ذلك بثلاث سنوات، تمت ترقية ستوكر إلى منصب الأمين العام لحزب الشعب، بعد أن كادت سلفه لورا زاكسلهنر أن تثير أزمة في الائتلاف الحاكم بمطالب غير متفق عليها واضطرت إلى الانسحاب.
في ذلك الوقت، كان ستوكر كان الرجل المناسب لتهدئة الأمواج، بفضل أسلوبه الموثوق وعقود من الخدمة في الحزب.
ولم يصبح المستشار النمساوي الجديد، الذي تشمل هواياته الغولف وصيد السمك والعزف على الساكسفون، سياسيًا متفرغًا إلا مؤخرًا، إذ كان يدير مع شركاء له مكتب محاماة في "فينر نويشتات"، حيث يعمل ابنه كليمنس أيضًا.
ومع ذلك، عندما تولى رئاسة الحزب قبل شهرين، ”سلم عمله إلى حد كبير“، وفقًا لمصادر في حزب الشعب.
دور بارز في الأزمة
لأشهر طويلة، بدت النمسا بعيدة عن تشكيل حكومة جديدة تخرجها من أزمتها السياسية، ولكن ستوكر، أنهى هذه المعاناة.
وساعدت المرونة والشعور بالقوة، ستوكر، على تحقيق ذلك، لكن ليس من المتوقع أن يصبح المستشار الأكثر شعبية، خاصة وأنه يشتهر بأنه "سياسي كلاسيكي" في أوساط حزبه.
وقبل شهرين فقط، لم يكن وصول المحامي البالغ من العمر 64 عامًا إلى القمة مطروحا أو متوقعا، إذ لم يبلغ قمة حزب الشعب المحافظ، إلا لأن المفاوضات الحكومية بين حزبه، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) والحزب الليبرالي "نيوز"، فشلت في جولة أولى قادها المستشار السابق كارل نيهامر.
هذا الفشل دفع نيهامر الذي كان ممسكا بالسلطة في الحزب وخارجه، إلى التنحي، وإفساح المجال لستوكر، الذي خاض في البداية مفاوضات صعبة مع حزب الحرية "أقصى اليمين"؛ أقوى حزب في البلاد حاليا، لتشكيل تحالف حاكم يصبح فيه نائبا للمستشار.
لكن القدر كان يخبئ شيئا أكبر، إذ فشلت مفاوضات حزب الحرية والشعب على غير المتوقع، بسبب خلافات على توزيع الحقائب، وتعمقت الأزمة السياسية في النمسا التي أمضت 5 أشهر دون حكومة.
هنا، اتخذ ستوكر قرارًا براغماتيًا وواعٍ بالسلطة: فبدلاً من قيادة حزب الشعب إلى انتخابات جديدة لا يٌتوقع أن يحرز فيها المرتبة الأولى وفق استطلاعات الرأي، حوّل انتباهه مرة أخرى إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
بل قدم تنازلا متعلقا بفرض ضرائب جديدة، وهو الملف الذي أفشل الجولة الأولى، وقال حينها: ”يُنصح المرء دائمًا بالتأمل ومساءلة نفسه حول المجالات التي ربما كان بإمكانه أن يكون أكثر استعدادًا لتقديم تنازلات فيها، وما الذي كان بإمكانه فعله بشكل مختلف. وهذا تأمل ضروري من الطبيعي أن أخضع له أنا أيضًا وأواجهه بطبيعة الحال“.
"حرفي"
وليس لدى ستوكر أي مشكلة في تقديم تنازلات من أجل الحفاظ على حزبه في السلطة، حتى لو تراجع الحزب في استطلاعات الرأي.
لذلك، ووفق القناة الأولى بالتلفزيون الألماني، من غير المرجح أن يصبح ستوكر المستشار الأكثر شعبية في البلاد، لأنه لا يسعى لذلك، وسبق أن قال إنه لا يسعى لإرضاء أي شخص.
ويمكن وصف ستوكر، بأنه قادر على التكيف مع أي وضع، ويلتزم للغاية بالنظام والهدوء والاستقرار.
بل الوصف الأكثر دقة لستوكر هو أنه "حرفي للغاية"، ومتزن إلى بعد حد، ولا يغلبه الحماس الزائد، لكنه ليس مبهرا أو صاحب كاريزما مثل المستشار الأسبق سبستيان كورتز على سبيل المثال، وفق صحيفة برسه النمساوية.
aXA6IDMuMTQ0LjY5LjE2MiA= جزيرة ام اند امز