باحثون يغامرون بحياتهم لإثبات إبحار قدماء المصريين لأوروبا
القارب يحتاج إلى 20 يوما حتى يمتص الماء، ويستوعب ما بين 5 و10 أطنان من المياه، وتحميه من الغرق ملايين من غرف الهواء
يستعد باحثون لخوض مغامرة مخيفة بواسطة مركب مصنوع من القصب، تم تصميمه في بلغاريا، لاجتياز 700 ميل بحري (1300 كيلومتر) عبر مضيق البوسفور وبحر إيجه وصولا إلى جزيرة كريت، للتأكد ما إذا تسنّى للمصريين قبل أكثر من 4 آلاف سنة عبور المتوسط على متن مراكب مصنوعة من البردي.
وينطلق الفريق المؤلف من 24 باحثا ومتطوعا من 8 بلدان من مرفأ فارنا البلغاري بقارب "أبورا 4"، في أغسطس/آب.
وقال قائد البعثة الألماني دومينيك جورليتز إن الفريق يسعى تحديدا إلى إثبات صحة فرضية المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس، فقد ذكر "أبحر المصريون عبر البحر الأسود للحصول على مواد لم يتمكنوا من الحصول عليها من شرق البحر المتوسط".
وقال جورليتز (53 عاما) وفريقه إنهم استلهموا تصميم القارب -الذي يبلغ طوله 14 مترا- من الرسوم الصخرية القديمة الموجودة في صعيد مصر والقوقاز.
صمم هذا القارب وبني بمساعدة متطوعين وعضوين من قبيلة أيمارا للسكان الأصليين، التي تعيش على ضفاف بحيرة تيتيكاكا في بوليفيا، هما فيرمين ليماتشي وابنه يوري.
وليس من الصدفة أن تتشابه "أبورا 4" بشكل كبير مع قارب "ريد 2" الشهير، الذي استخدمه المغامر النروجي ثور هيردل في محاولته عام 1970 عبور المحيط الأطلسي، وقد ساعده والد ليماتشي في بناء ذلك القارب أيضا.
ولبناء "أبورا 4" جمعت حزم كبيرة من قصب توتورا بحبال لتشكيل الهيكل الرئيسي للقارب، قبل تزوديه بسارية خشبية ومقصورتين للنوم مصنوعتين من القصب.
وفي المجموع، استخدم 12 طنا من قصب توتورا، وكيلومتران من الحبال لتنفيذ هذا المركب الذي سيكون له شراعان يبلغ مقاسهما 62 مترا مربعا و40 مترا مربعا، وفق فيرمين.
وقال جورليتز "السؤال الرئيسي.. مقدرة هذا القارب على مقاومة الطبيعة الصعبة لجزر بحر إيجه؟".
وأضاف "الوصول إلى جزر كيكلادس ثم جزيرة كريت سيكون أمرا ضروريا لإثبات الفرضية الأولى، حيث أثبت أنه كان هناك تبادل تجاري بين حضارة المينوان التي ازدهرت هناك بين العامين 2700 و1200 قبل الميلاد، وبين المصريين".
وبمجرد وضعه في المياه، الخميس، سيحتاج القارب إلى أسبوعين ونصف أسبوع حتى يمتص الماء، وهو يستوعب ما بين 5 و10 أطنان من المياه، ولكن بفضل الملايين من غرف الهواء داخل مواد البناء المسامية، لا يمكن أن يغرق القارب أو أن يتصدّع، وفقا لجورليتز.
خلال رحلة جورليتز الأخيرة من هذا النوع عام 2007، انطلق مركب "أبورا 3" من نيويورك متجها إلى جنوب إسبانيا في محاولة لإثبات أن البشر خلال العصر الحجري قاموا برحلات مماثلة عبر المحيط الأطلسي.
وأبحر فريق جورليتز لمدة 56 يوما، قبل أن تدمّر عاصفة قوية المركب على مسافة 900 كيلومتر من جزر اسوريس البرتغالية.
وقال المتطوع مارك باليس، كهربائي هولندي عمره 42 عاما "متأكد بنسبة 100% من أن هذا المركب لن يغرق أبدا".
وتتطلع المتطوعة الألمانية هايكه فوجل إلى رحلتها الإبحارية الأولى بعد مشاركتها في بعثتين سابقتين، لكن دون الصعود على متن المركب "سيكون وضعا جديدا بالنسبة إلي".
وبهدف التواصل مع سفن الشحن الكبيرة في طريقها المليئة بالأخطار في أعالي البحار جهز المركب بمعدات اتصال حديثة عبر الأقمار الاصطناعية.
وأوضح جورليتز "بالطبع سيكون من الغباء عدم استخدام المعدات الحديثة، إنها تجربة علمية وليست مغامرة".