المصري محمد أبوزيد: لا توجد حرب بين الشعر والرواية
هناك ثورة شعرية تبدو في الأفق مع ظهور عشرات الأصوات الشعرية الجيدة التي نقرأ لها يوميا
أكد الشاعر والروائي المصري محمد أبوزيد أن الشعر لم يتراجع، بل هناك ثورة شعرية تبدو في الأفق مع ظهور عشرات الأصوات الشعرية الجيدة التي نقرأ لها يومياً، معتبرا أن الأزمة مصدرها غياب الحركة النقدية التي تواكب الإنتاج الجديد وتعرف به.
وأبوزيد كان من بين أبرز المرشحين لجائزة الشيخ زايد للكتاب لهذا العام عن روايته الثالثة "عنكبوت في القلب"، وبإلاضافة لإنتاجه الروائي فهو أحد الأصوات الشعرية المتفردة في كتابة قصيدة النثر.
وأكد أبوزيد، خلال حواره مع "العين الإخبارية"، عدم وجود حرب بين الشعر والرواية، أو مباراة سيكسبها أحدهما في النهاية، موضحا أنهما نوعان من الفن قد يلتقيان أحيانا في نص مشترك وقد يفترقان.
وصدر للشاعر من قبل 7 دواوين، أبرزها "ثقب في الهواء بطول قامتي"، و"مديح الغابة"، و"قوم جلوس حولهم ماء"، و"طاعون يضع ساقا فوق الأخرى وينظر للسماء"، و"مدهامتان"، و"مقدمة في الغياب"، كما صدر له ديوان للأطفال بعنوان "نعنانة مريم"، وكتاب نقدي بعنوان "الأرنب خارج القبعة".
وفي السرد له رواية "أثر النبي"، وسبقتها رواية "ممر طويل يصلح لثلاث جنازات متجاورة" التي حاز عنها جائزة "يحيى حقي" بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر عام ٢٠٠٣م.
وفي عام ٢٠٠٥م حصل أبوزيد على جائزة سعاد الصباح في الشعر عن ديوانه "أمطار مرت من هنا"، وديوان"جحيم".
وفي هذا الحوار يتحدث أبوزيد عن تجربته وآفاقها بين السرد والشعر.
بعد 8 دواوين شعرية إضافة لعمل شعري للأطفال، هل يقلقك تراجع الشعر عن حضوره في المشهد؟
لا أعتقد أن الشعر تراجع، بل يمكنني القول إن هناك ثورة شعرية تبدو في الأفق مع عشرات الأصوات الشعرية التي نراها يوميا، واستفادتها من وسائل النشر المختلفة التي أصبحت متاحة الآن، بل إن الشعر على سبيل المثال هو الأكثر استفادة من الفنون الأخرى من النشر عبر "فيسبوك" و"تويتر"، ففي حين يصعب نشر قصة ويستحيل نشر رواية أو مسرحية كاملة، وجد الشعر ضالته في الانتشار والوصول إلى قارئه بعد أن عانى كثيرا.
ما رأيك في قصيدة النثر وأنت أحد كتابها، خاصة أن هناك من يعتبرها مجرد خواطر شخصية ولا ترتقي لمستوى القصيدة العمودية؟
لن يتقدم النقد العربي والكتابة العربية خطوة للأمام ما لم نتجاوز هذه المقولات، وقصيدة النثر أصبحت جزءا من تاريخ الشعر في العالم، والعالم كله تجاوز مشكلة قصيدة النثر والموزونة ما عدا نحن.
ربما يكون هذا عائدا لرفضنا أي جديد، وعائد أيضا لأننا نريد أن نعيش في الماضي ونكرر ما كتب، والدليل على هذا هو أن معظم القصائد العمودية التي تكتب الآن هي إعادة كتابة لقصائد قديمة.
ليست لدي مشكلة مع القصيدة العمودية، ولا قصيدة التفعيلة، مشكلتي فقط أننا نقف حين يتقدم الآخرون، إننا نتعلق بالشكل ونتغاضى عن المضمون، الشعر كائن حي، ولا بد أن يتطور، ونثرية القصيدة جزء من هذا التطور.
هل نعيش أزمة شعر أم أزمة شعراء؟ ولماذا يفتقد الشعر القراء؟
نعيش أزمة قراء، هناك شعر وهناك شعراء لكن لا يوجد قراء، وأنا هنا أعلق الجرس في رقبة الجميع، بداية من المجتمع الذي لم يعد يهتم بتعليم اللغة العربية من الأصل، مروراً بالمناهج التي تحقر من أي نوع شعري بخلاف القصيدة العمودية، إلى الناشرين الذين يبحثون عن المكسب السريع بنشر كتب رديئة وليس انتهاء بالمؤسسة الثقافية بكل آلياتها، من الشعراء إلى الهيئات الحكومية، والمكتبات الغائبة، فالأزمة ليست في غياب الشعر فقط، الأزمة في غياب كل ذي قيمة لصالح تلميع الخواء والفجاجة.
لكن الظاهر هو تراجع الشعر أمام انتشار الرواية؟
لا أعتقد أن هناك حربا بين الشعر والرواية، أو مباراة سيكسبها أحدهما في النهاية، هما نوعان من الفن قد يلتقيان أحيانا في نص مشترك وقد يفترقان، ولكل نوع قراؤه ومحبوه، وهناك مستفيدون من مقولة "زمن الرواية" سعوا للترويج لها، بداية من الناشرين إلى المؤسسات المانحة للجوائز، في حين يغيب الشعر عن كل هذا.
عموما الشعر في غنى عن كل هذا، الشعر فخور بكونه غريبا، فقد ولد غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للشعراء والغرباء.
روايتك الأخيرة "عنكبوت في القلب" جعلتنا أمام عوالم يتداخل فيها الواقعي بالسحري، فكيف تقدم للقراء هذا النص؟ وكيف ولدت فكرة العمل لديك؟ وفي أي أجواء كتبتها؟
أعتقد أن الكتابة الجديدة تطورت لدرجة أنه لا يمكن الفصل فيها بين الفنون المختلفة، وهذا ما سعت الرواية إلى تحقيقه، وأتمنى أن تكون نجحت فيه، فكما حاولت في النص أن أستفيد من الثيمات الحديثة في الكتابة، حاولت أيضا أن أستفيد من التراثي الكتابي، سواء العربي أو الأجنبي.
فكرة الرواية شديدة البساطة، وهي قصة حب بين شاب وفتاة، لكنها تطرح عشرات الأسئلة حول حقيقتها وحول استمرارها، وحول وجودها من الأساس، وقد استمعت إلى قراءات كثيرة للرواية، وكل قراءة ترى النص من زاوية مختلفة.
لا أعني بهذا أن النص مغلق أو أكثر تطورا، لكن أعني أن النص سعى بالفعل إلى هذا لحظة كتابته.
تقول "أعتبر هذه الرواية تكملة لمشروعي الشعري"، كيف ذلك؟
لم أكتب الرواية بصفتي روائيا، لكن بصفتي شاعرا، يمكن أن تقول إنني فردت بعض خيوط القصيدة لديّ على امتدادها فجاءت الرواية، بمعنى أن بعض شخصياتي الشعرية التي ظهرت في العديد من دواويني منحتها حياة إضافية.
كيف حال النقاد معك؟ وهل نالت أعمالك نصيبا من اهتمامهم؟
أي كاتب يسعد بتناول النقاد أعماله، وسعدت بتناول نقاد كبار أعمالي بالنقد، لكن هناك مشكلة في غياب النقد من الأساس.
عدد النقاد الأكاديميين يمكن عدهم على أصابع اليدين، ولكل واحد منهم اهتماماته وصداقاته وعداواته وشلته، ومعظم من يكتب النقد هم شعراء أو روائيون يكتبون لمؤازرة زملائهم لأنهم يعانون مثلهم للأسف، فالمشهد النقدي الراهن لا يعبر بأي حال من الأحوال عن المشهد الإبداعي الثري.
aXA6IDE4LjExOS4xNDIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز