تلٌ وبحيرة وخريطة.. هل يبوح قطار الذهب «النازي» بألغازه؟

بعد عقود من البحث والتكهنات، حصلت بعثة استكشافية في شمال بولندا على الضوء الأخضر لبدء أعمال حفر وتنقيب، وسط آمال متجددة بكشف الستار عن أحد أعظم كنوز الحقبة النازية: قطار الذهب المفقود.
ويعتقد الخبراء أن القطار المفقود يحمل غرفة الكهرمان الأسطورية المسروقة من قصر كاثرين في روسيا، إضافة إلى كميات هائلة من الذهب والمجوهرات، تقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 330 مليون دولار، بحسب صحيفة ذا صن البريطانية.
وذكرت مواقع إخبارية بولندية أن السلطات منحت الباحثين عن الكنوز تصريحا رسميا لإجراء عمليات تنقيب أثرية في بلدة جييماني، الواقعة في مقاطعة كوشجيرزينا شمال البلاد. وجاء القرار بناءً على نتائج مسوح سابقة رجّحت وجود مخبأ نازي تحت الأرض يعود لفترة الحرب العالمية الثانية.
وأكد مارسين تيميِنسكي، المتحدث باسم مكتب حماية الآثار في إقليم بوميرانيا، أن "بعض الفرضيات تشير إلى وجود مخبأ ألماني قد يحتوي على غرفة الكهرمان المفقودة".
عشر سنوات من البحث تقود إلى نقطة الانطلاق
يقود الجهود الباحث يان ديليجوفسكي، وهو ضابط اتصالات سابق في الأسطول التجاري البولندي، كرّس السنوات العشر الماضية للبحث في منطقة كاشوبيا عن آثار القطار المفقود.
ويستند في بحثه إلى سجلات تاريخية وشهادات نادرة، من أبرزها إفادات تربط الموقع بأحد كبار مسؤولي النظام النازي إريش كوخ، حاكم بروسيا الشرقية خلال الحقبة النازية.
وأُدين كوخ بارتكاب جرائم حرب عقب الحرب، منها مسؤوليته عن مقتل أكثر من 400 ألف بولندي. ورغم صدور حكم الإعدام بحقه عام 1959، لم يُنفذ، إذ تشير وثائق رفعت عنها السرية إلى أن أجهزة الاستخبارات البولندية والسوفيتية أبقت عليه حيا أملا في أن يكشف عن موقع كنوز النازيين.
ووفقا لما ورد في شهادة سجين سابق التقى كوخ في الثمانينيات، قام القطار، الذي كان يقل الكنز، بتغيير مساره بين بلدتي تشيرسك وتشوخوڤ، متجها غربا نحو نهر الأودر. وتُرجّح المعلومات أن الكنز دُفن في مخبأ مموّه على هيئة تل قرب بحيرة، بموقع كان يشغله معسكر تدريب لوحدات إس إس النازية في جييماني أواخر عام 1943.
ويعزز هذه الفرضيات اكتشاف سابق لخزان من الطوب يعود إلى تلك الفترة في المنطقة نفسها، ما أضاف ثقلا لأبحاث ديليجوفسكي، وأسهم في استصدار التصريح الرسمي ببدء الحفر.
الكنز الغامض: أسطورة لا تموت
يمثل قطار الذهب النازي، المعروف أيضًا بقطار "فاوبژيش"، إحدى أكثر أساطير ما بعد الحرب انتشارًا. ووفقا للروايات المتداولة، كان القطار محمّلا بالذهب والمجوهرات وقطع من غرفة الكهرمان الشهيرة، التي صُنعت للقيصر الروسي بطرس الأكبر في القرن الثامن عشر، وتم نهبها خلال الغزو النازي للاتحاد السوفيتي عام 1941.
ورغم محاولات متكررة للعثور على القطار منذ عام 1945 – شملت عمليات أجرتها السلطات البولندية إبان الحرب الباردة – لم يُعثر على أي أثر له.
وفي عام 2015، تجددت الحماسة بعد إعلان اثنين من الباحثين عن رصد القطار باستخدام رادار مخترق للتربة، ما دفع الحكومة والجيش إلى إطلاق عملية حفر واسعة النطاق. إلا أن الآمال تحطمت حين تبين أن "الظاهرة" كانت مجرد تشكيل جيولوجي طبيعي.
ورغم ذلك، لا تزال الأسطورة حية في الوجدان الشعبي، حتى إن بعض المهتمين أنشأوا نسخة طبق الأصل من قطار نازي مدرع لتحويله إلى مزار سياحي.
ويتوقع أن تحمل الأسابيع المقبلة الجواب، في وقت تترقب فيه الأوساط التاريخية والمهتمون بالآثار نتائج التنقيب، والتي قد تكشف، أخيرا، سرا ظل مدفونا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.