الأردنية كفى الزعبي المرشحة للبوكر لـ"العين الإخبارية": الحرية شرط الأدب
جوائز البوكر للرواية العربية تعلن في معرض أبوظبي للكتاب وسط توقعات متضاربة حول اسم الفائز
قالت الروائية الأردنية كفى الزعبي، إن جائزة البوكر العربية لعبت دورا في إلقاء الضوء على كثير من الأعمال الروائية العربية التي تستحق وأفسحت لها المجال لتصل إلى عدد كبير من القراء العرب، بعد أن كانت أسيرة محليتها، كما أنها قدمت الرواية العربية للقارئ الأجنبي عبر ترجمة تلك الأعمال إلى عدة لغات.
وأكدت الروائية التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر هذا العام عن عملها "شمس بيضاء باردة"، في حوارها لـ"العين الإخبارية" أن شرط الأدب هو الحرية، وأن الأدب، كمنتج إبداعي، لا يخضع لإملاءات ولا يرتهن للشروط. لكنه في الوقت نفسه يؤدي دورا في غاية الأهمية، إنما بتلقائية ودون تخطيط مدروس.
وصدرت لكفى الزعبي خمس روايات منها: "ليلى والثلج ولودميلا"، ورواية "عد إلى البيت يا خليل"، كما أنها تكتب حاليًا للصحافة الأردنية والعربية، وتقيم في عمان.
لماذا يحمل البطل في "شمس بيضاء باردة" رؤية سوداوية للعالم.. هل ترين أن الكاتب أسير ظروف ما مهما حاول التملص منها؟
ربما لا تكون كلمة أسير دقيقة في تعبيرها عن علاقة الكاتب بواقعه، أظن أن الكاتب، خصوصا إذا كان مهتما بما يجري من حوله من أحداث، فسيتأثر حتما بها وسنرى انعكاساتها المباشرة أو غير المباشرة فيما يكتب، لكنه لن يكون أسيرها، فشرط الأدب هو الحرية وهذا يتناقض تناقضا جوهريا مع الأسر.
في الحقيقة سوداوية البطل في روايتي “شمس بيضاء باردة”، ليست نابعة من سوداوية العالم وحسب، بل نابعة أيضا من خصوصية ظرفه كفرد/ إنسان، أقصد أن ثمة تجارب شخصية مر بها ودفعته لطرح اسئلة إنسانية وجودية وأدت في نهاية المطاف إلى تأزمه، لكن هذه الأزمة تفاقمت بسبب وجوده في واقع مأزوم أيضا، سواء بالحروب أو الأزمات الفكرية والاقتصادية والسياسية.
ما دور الأدب وقت الحروب وما هو دور الفن في وقت الصراعات والأحداث الكبرى؟
لا يمكن لنا أن نتحدث عن الأدب أو عن أي صنف من صنوف الفن، كوسيلة جمالية للمعرفة، ونطالبه بأن يلعب دورا محددا في زمن محدد كما لو كان مؤسسة فكرية مثلا.
الأدب، كمنتج إبداعي لا يخضع لإملاءات ولا يرتهن للشروط، لكنه في الوقت نفسه يؤدي دورا في غاية الأهمية، إنما بتلقائية ودون تخطيط مدروس، ربما عبر كشفه للمعاناة والألم، ربما عبر رؤيته النقدية للواقع، ربما عبر رؤية جمالية ما.
ليس بوسعنا أن نفرض على مبدع ما سواء كان أديبا أو فنانا أن يقدم لنا عمله حسبما نراه مناسبا لظرف ما راهن، لكنه قد يقدم هذا العمل نتيجة معاناة ما من دون أوامر عليا، ما أقصده، أن الأدب وكلما كان صادقا في التعبير عن الإنسان، وكلما أجاد خطابه وتمكن من أدواته، وكلما كان مهموما بقضايا واقعه، وكان حرا، فإنه حتما سيحدث تأثيرا في المتلقي.
قد يخلخل تصورات ما راكدة لديه، قد يثير أسئلة في رأسه، وربما يكتفي فقط في نفض الغبار عن الإنساني، في زمن أصبحت القسوة والتوحش سمات بدأ الناس يألفونها، ولهذا فإن دور الأدب وتأثيره بطيء ولا يمكن له أن يلعب دورا سريعا في تغيير الواقع، لأنه يخاطب الأنسان كفرد، ويعمل على التأثير في هذا الفرد.
الأدب لا يحمل البندقية ولا يمضي على دبابة، ولا يخوض معارك في سياق الصراعات الكبرى، ليكون بوسعنا بالمحصلة أن نتحدث عن نتائج فورية محتمة سواء كانت انتصارات أو هزائم.
"حاولتُ النهوض، غير أن قواي جميعَها كانت هجرتني، كنتُ جثة مفتوحة العيْنين، ترى وتسمع، وربما تفهم أيضاً، لكنها جثة" .. هل هذه الشخصية تعد انعكاسًا لشخصية البطل؟
لقد تعرض هذا البطل في بداية حياته لتجربة جعلته يصطدم مع أسئلة وجودية من قبيل: من هو؟ ولماذا هو موجود؟ وما الغاية من وجوده؟ أهو ذاك الإنسان الذي يمتلك ناصية نفسه، والأخلاق ـ حسبما يطيب له أن يتخيل ـ هي التي تحركه، أم أنه في لحظة ما حرجة يصبح رهينة لتلك القوى العمياء ـ الغرائز، التي يعجز عن مقاومتها؟
حينما يقع في تلك التجربة، يكتشف أن عقله في واقع الأمر هو رهينة للاعقل، لغرائزه العمياء، لشيفرات بيولوجية مهمتها الحفاظ على الحياة بالعموم وليس حياته هو كإنسان يحمل تصورات واهمة عن نفسه وعن تميزه.
هذه الشيفرة منوطة بحفظ الحياة سواء كانت بعقل أو بلا عقل، من هنا نبعت أزمته الأولى التي شكّلت هزيمته الوجودية، وكانت هذه الهزيمة مقدمة لهزائمه الأخرى في حياته كإنسان مثقف، ومن المفترض أن يكون فاعلا في مجتمعه.
نأتي للبوكر.. ما رأيك في تأثيرها ودورها في الحياة الثقافية العربية بعد مرور 12 عامًا على إنشائها؟
أظن أن جائزة البوكر، لعبت دورا في إلقاء الضوء على كثير من الأعمال الروائية العربية التي تستحق، وأفسحت لها المجال لتصل إلى عدد كبير من القراء العرب، بعد أن كانت أسيرة محليتها، كما أنها قدمتها للقارئ الأجنبي عبر ترجمة تلك الأعمال إلى عدة لغات، وهذا أمر مهم جدا لأن حركة الترجمة من العربية إلى لغات أخرى لطالما كانت ضعيفة إلى درجة محزنه.
وما رأيك في الجوائز الأدبية عمومًا؟ هل تضيف للكاتب أم تأخذ منه؟
بالعموم، ساهمت الجوائز الأدبية في الوطن العربي، في إحداث دفعة كبيرة بالاهتمام بالرواية وكتابتها، وأصبحنا نرى إقبالا متزايدا عليها سواء من ناحية الكتاب أو القراء، وهذا أمر جيد لأن الكم قد ينتج نوعا، لكن للأسف لهذا الكم له سلبياته أيضا.
إذا لم تكن هناك مقولة أو أطروحة تلح على الكاتب ليقدمها عبر عمل فني، معتمدا على حصيلة معرفية وعلى رؤى، فلماذا يكتب؟ لماذا يستسهل فعل الكتابة؟ هل هذا يعني أن الجوائز أصبحت هي غاية الكتابة وحسب؟ هل أصبح هذا العدد الهائل المتزايد على نحو يومي، من العرب، يكتب من أجل الجوائز؟ إذا كان الأمر كذلك فعلا، فهو خطير برأيي المتواضع.
السؤال الآخر الذي لا يقل خطورة ـ برأيي المتواضع أيضًا ـ هو إلى أي مدى تهتم هذه الجوائز بجودة الأعمال الأدبية، وترتكز في تقييمها فقط على الشروط والمعايير الفنية للنص، دون اعتبارات أخرى؟ هذا السؤال مطروح جدا ويناقش بكثرة، وله مسوغاته الحقيقية في الواقع.
أما بالنسبة للكاتب الذي يحصل على جائزة، فهي بالطبع تساهم على نحو كبير وملحوظ في تقديم نصه للقارئ، وإلى ماذا يسعى الكاتب سوى أن يصل إلى أوسع شريحة من القراء؟
العمل الأدبي يولد حينما ينتهي الكاتب من كتابته، لكن حياته مرهونة بوصوله إلى القارئ، فإن لم يصل فهذا يعني موته.
غير أن الجائزة ستأخذ من الكاتب حتما إذا كانت مرهونة باشتراطات ما، أو املاءات ما، واستجاب لهذه الإملاءات. حينها لن يعود كاتبا حرا، ونصه بالتالي لن يعود حرا. أي أنه بالمحصلة سيفقد صوته ومصداقيته، وستخبو شعلة الابداع لديه.
ماذا تكتبين الآن؟
أكتب رواية جديدة، بدأتها منذ عامين، وعلى وشك الانتهاء منها.
aXA6IDUyLjE1LjE3MC4xOTYg جزيرة ام اند امز