"مون تايجر".. علامة في تاريخ "البوكر" تصدر باللغة العربية
المترجمة إيناس التركي تروي لـ"العين الإخبارية" قصة شغفها بـ"مون تايجر" التي تم اختيارها ضمن أفضل 5 روايات في تاريخ البوكر.. فماذا قالت؟
"وهكذا.. في نهاية المطاف نتأمل هذا ونحن مفترقان، مفترقان بسنوات، لم نعد في الحكاية نفسها، وحين أقرأ ما كتبته أفكر في كل ما لا تعرفه أنت، لقد تخلفتَ في مكان آخر وزمان آخر، وأنا صرت شخصاً آخر، لم أعد ك. التي كنتَ تفكر فيها، ك. التي كنتَ تتذكرها، ولكن كلوديا لا يمكنك أن تتخيلها، وقد تنفر منها، ربما صرت غريبة، تسكن عالماً لا يمكنك أن تعرفه، أجد أن هذا يصعب تحمله".
"ك" أو "كلوديا" بطلة فريدة لواحدة من أشهر روايات الأدب الانجليزي "Moon tiger"، وهي الرواية التي صدرت عام 1987 للبريطانية بينلوبي لايفلي، وحازت عنها على جائزة البوكر الأدبية، وظلت منذ ذلك التاريخ رواية حاصدة للاهتمام ومعدلات القراءة، حتى أنه تم اختيارها هذا العام ضمن روايات البوكر الذهبية، أي طرحها أمام تصويت الجمهور ضمن أفضل 5 روايات في تاريخ تلك الجائزة العالمية الأعرق على مدار 50 عاما.
رغم هذا التحقق الأدبي والعالمي لـ"مون تايجر" فإن حظوظها من الترجمة العربية ظل لا يتناسب أبدا مع القفزات التي تُحققها من ترجمات وقراءات العالم، حتى تم صدور ترجمتها للعربية أخيرا عن سلسلة "إبداعات عالمية" وقامت بإنجازها المترجمة المصرية إيناس التركي.
تستدعي إيناس التركي في حديثها لـ"العين الإخبارية" ذكرياتها مع "مون تايجر" التي اكتنزتها منذ أن قرأتها للمرة الأولى قبل 20 عاما، وتقول "رغم مرور السنوات ظل أثرها باقيا داخلي، حتى قرأت قصة قصيرة لشريف صالح تدور أحداثها في الإسكندرية، وقلت له إن هذه القصة ذكرتني إلى حد كبير ببنيلوبي لايفلي وروايتها ومذكراتها التي كتبتها عن فترة طفولتها في مصر، فاقترح عليّ أن أقوم بترجمة الرواية باعتبارها عملا مهما".
تضيف التركي "لا أستطيع ترجمة عمل لا أحبه، لأنني سأتعايش معه لفترة طويلة، ولكن هذه الرواية أحبها جدا، وعندما علمت أنها وصلت للقائمة القصيرة للبوكر الذهبي، باعتبارها الرواية الفائزة عن الروايات الممثلة لفترة الثمانينيات، وأنها تفوقت على أعمال أسماء كبيرة أخرى مرشحة أمامها مثل أعمال سلمان رشدي وكويتزي، فوجئت فعلا، ولكن هي فعلا تستحق ذلك التفوق بجدارة، خاصة أن نتيجة البوكر الذهبي النهائية كانت بناء على اختيار الجمهور من بين الخمس روايات التي وصلت القائمة القصيرة من اختيارات الحكام، ومن الممكن جدا أن يكون من الأسباب التي أسهمت في اختيار الجمهور الحسام لرواية "المريض الإنجليزي" لأونداتشي هي أنها حققت شهرة أكبر بسبب الفيلم السينمائي المستوحى منها، لكن جزءا من جمال "مون تايجر" بالنسبة لي هو أنها من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن تتحول إلى فيلم وتظل محتفظة بروح العمل الأصلي".
تعتبر مترجمة "مون تايجر" أن الجانب الأكبر من تصورها عن صعوبة تناول تلك الرواية الشهيرة سينمائيا هو طبيعة شخصية بطلتها "كلوديا" بتيار وعيها وأسلوبها السردي، وتستطرد "جمال الرواية هي أن لغتها وأسلوبها تجعل القارئ يتخيل بنفسه، ويرتبط بالبطلة وتظل الصور والشخصيات مرسومة في خياله كأنه شاهدها بالفعل".
وتعتبر التركي أن أصعب ما واجهها في ترجمة هذا العمل وجعلها تشعر ببعض القلق إزاءه هو الأسلوب السردي المُعقد للرواية، وتقول "الحدث الواحد يتم روايته أكثر من مرة، ويتم تصويره من وجهات نظر شخصيات متعددة، والحديث في كل مشهد يكون من وجهة نظر وأسلوب ولغة الشخصية صاحبة المشهد، للاحتفاظ بروح النص الأصلي، إضافة للنقلات الزمنية المفاجئة بين الماضي والحاضر، فالأحداث بها ليست بتسلسل زمني خطي وترتيب واضح وذلك يكون مُربكا نوعا ما".
وكانت لجنة تحكيم جائزة البوكر الذهبية أعلنت أن اختيارها لـ"مون تايجر" ضمن الروايات الخمس الأفضل بين الروايات الفائزة بالبوكر خلال الـ50 سنة الأخيرة، لأنها "قصة مؤرقة من الخسارة والرغبة، وذكريات الماضى، وإعادة لإنتاج التاريخ، من خلال قصة المؤرخة التى تواجه تاريخها الشخصي، لتكشف لنا عن المشاعر والآلام التي صنعت حياتها"، وأثنت الحيثيات على قدرة بينيلوبي لايفلي على استحضار شخصيتها والعالم الذي تعيش فيه بشكل عظيم، وكذلك بسبب التحديات التي واجهتها في كيفية تغيير نمط القصة، فالشخصية المركزية لمون تايجر تموت منذ البداية، ثم تسلمك للبحث في حياة كلوديا هاملتون المذهلة فهي: حبيبة مؤرخة ومراسلة حرب.
وأضافت لجنة التحكيم عن الرواية "هذه رواية فريدة من نوعها عن امرأة لا يمكن التنبؤ بها، هي عاجزة في سرير المستشفى وكتبت تاريخاً من العالم وعن حياتها كلها داخل رأسها، عائلتها لن تسمع هذه القصة على الرغم من أنها عنهم، لا أحد من محبيها سواء، إنها تحمل الجميع دون خوف أو محاباة".
وتجدر الإشارة إلى أن بينلوبي لايفلي مؤلفة "مون تايجر" ولدت في القاهرة عام 1933، وأن أحداث روايتها الأشهر مستوحاة من ذكرياتها في مصر، ومن أجواء تلك النوستالجيا القاهرية في الترجمة العربية للرواية الصادرة حديثا نقرأ: "يتجولون في شوارع القاهرة المزدحمة الصاخبة، حيث رائحة الحيوانات والبشر، والكيروسين، والقهوة، والبالوعات، والذرة المشوية، وزيت التحمير، مثل رائحة تربة خصبة، يسألها توم "هل تريدين خاتماً على شكل جعران؟ كليماً؟ جلابية؟ مقعداً جلدياً عليه رأس الملكة نفرتيتي؟ أريد أن أمنحك شيئاً، دعينا نجد شيئاً تنظرين إليه بعينين نديتين بالدموع حينما أرحل، لكنك لست من ذلك الطراز من الفتيات، أليس كذلك؟ لست متأكداً على الإطلاق أي طراز من الفتيات أنت، تبدين مستقلة بذاتك، مكتفية بذاتك؟".
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز