«طيور» و«صاروخ».. الطائرة الأذرية تبحث عن «شفرة» الرحلة الأخيرة
ما الذي حصل حتى يفقد قائد الطائرة الأذرية السيطرة عليها لتسقط في كازاخستان ويلقى عدد كبير من ركابها مصرعهم؟
بعض الفرضيات تعتبر أن سربا من الطيور عطّل المحركات، فيما توجه أخرى اللوم على صاروخ روسي عن طريق الخطأ.
وما بين كم الفرضيات المتدفق، لم يؤكّد بعد أيّ من البلدان المعنية رسميا هذه النظرية التي تغذّيها صور لآثار بادية على هيكل الطائرة تشير إلى احتمال أن تكون تعرّضت لطلقات لدى اقترابها من وجهتها في روسيا قبل أن تتوجّه إلى كازاخستان حيث تحطّمت.
وفي تعقيبها، رفضت الرئاسة الروسية (الكرملين)، اليوم الجمعة، التعليق على تقارير إسقاط الطائرة الأذرية عن طريق الخطأ، مؤكدة أنها لن تدلي بتعليق قبل انتهاء التحقيق.
ولاحقا، قالت شركة الخطوط الجوية الأذربيجانية، الجمعة، إن النتائج الأولية أظهرت أن طائرتها التي تحطمت في كازاخستان يوم الأربعاء تعرّضت "لتدخل مادي وفني خارجي".
عنان «الفرضيات»
سبق أن حذّرت روسيا في وقت سابق من إطلاق العنان لـ"فرضيات" قبل انتهاء التحقيق، فيما ندّدت سلطات كازاخستان، البلد المقرّب من روسيا، بـ"تكهّنات" دائرة في هذا الخصوص.
وكانت هذه الطائرة من طراز "أمبريير 190" تقوم برحلة بين العاصمة الأذرية باكو وغروزني، عاصمة جمهورية الشيشان الروسية، وعلى متنها 67 راكبا.
وتحطّمت الطائرة في ظروف ما زالت غامضة واشتعلت النيران فيها بالقرب من أكتاو المطلّة على بحر قزوين في غرب كازاخستان، بعيدا عن مسارها الأصلي، في حادثة أودت بحياة 38 شخصا، بحسب سلطات هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى.
وتعتقد أذربيجان أن صاروخا روسيا من نوع أرض-جوّ أطلق من نظام الدفاع الجوّي "بانتسير-إس" بالقرب من غروزني تسبّب بسقوط الطائرة، وفق ما أفاد موقع "كاليبر" الأذربيجاني المقرّب من الحكومة نقلا عن مسؤولين محليين لم يكشف عن هويتهم.
وتفيد هذه النظرية بأن الطائرة توجّهت بعد ذلك إلى كازاخستان حيث تحطّمت.
ووردت معلومات مماثلة في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية وقناة "يورونيوز" ووكالة الأناضول التركية الرسمية.
كما قال الخميس مسؤول أمريكي، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن المؤشّرات الأولية تدفع إلى الظنّ أن منظومة دفاعية روسية مضادة للطائرات ضربت الطائرة.
وكان من المفترض أن تحطّ الطائرة في الشيشان حيث سجّلت في الأسابيع الأخيرة ضربات أوكرانية بمسيّرات.
والأربعاء، أبلغت السلطات الروسية عن ضربات بمسيّرات على منطقتي أوسيتيا الشمالية وإنغوشيا المجاورتين للشيشان، على بعد مئات الكيلومترات من جبهة القتال في أوكرانيا.
«آثار»
تطرّق أيضا خبراء من الجيش وفي مجال الطيران إلى فرضية الصاروخ الروسي، بالاستناد خصوصا إلى الثقوب الجليّة على هيكل الطائرة.
وقال جان بول تروادك المدير السابق لمكتب التحقيقات والتحليلات في مجال أمن الطيران المدني بفرنسا، في تصريحات لوكالة فرانس برس، إن "الآثار التي نعاينها على الطائرة تدفع إلى الظنّ أنه من المرجّح إلى حدّ ما" أن تكون أسقطت بواسطة صاروخ.
وأشار المدوّن والخبير العسكري الروسي يوري بودولياكا، في حسابه على "تليغرام"، إلى أن هذه الآثار هي مشابهة لتلك التي قد تكون ناجمة عن "منظومة صواريخ مضادة للطائرات".
وكشف خبير سابق في مكتب التحقيقات والتحليلات في مجال أمن الطيران المدني في فرنسا عن "شهادة راكب تلقّى شظايا في سترة الإنقاذ".
وقال الخبير الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن الأمر "يذكّر بحادثة إم إتش 17"، في إشارة إلى انفجار طائرة تابعة للخطوط الجوية الماليزية انطلقت من أمستردام خلال تحليقها فوق أوكرانيا سنة 2014، في حادثة أودت بحياة 298 شخصا نسبتها السلطات الهولندية إلى إطلاق صاروخ روسي.
وكان الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قد حذّر الخميس من أنه "من غير المناسب إطلاق فرضيات قبل خلاصات التحقيق".
وأكّد رئيس مجلس الشيوخ في كازاخستان ماولين أشيمباييف أنه "من غير الممكن" بعد تحديد سبب هذه الكارثة.
سرب طيور؟
في بادئ الأمر، قالت الخطوط الجوية الأذرية إن الطائرة حلّقت وسط سرب من الطيور قبل التراجع عن بيانها.
وذكرت وكالة الطيران الروسية أسراب الطيور كأحد الأسباب المحتملة للحادث.
غير أن عدّة خبراء شكّكوا في مدى صحة وواقعية هذه الفرضية.
ولفت الخبير السابق في مكتب التحقيقات والتحليلات في مجال أمن الطيران المدني في فرنسا، إلى أن أثر الطيور على الهيكل "لا يمنع الطائرة من التحليق".
وفتحت سلطات كازاخستان الواقعة في آسيا الوسطى تحقيقا على خلفية "انتهاك قواعد الأمن وإدارة النقل الجوي".
وأفادت وكالة الأنباء الكازاخستانية نقلا عن مدّعٍ عام محلي بالعثور على الصندوقين الأسودين.
«الرحلة الأخيرة»
وأبلغت وزارة الطوارئ الكازاخستانية عن "نقل 29 ناجيا، من بينهم ثلاثة أطفال، إلى المستشفى".
وكانت الطائرة تنقل 37 مواطنا من أذربيجان وستة من كازاخستان وثلاثة من قرغيزستان و16 من روسيا، وفق وزارة النقل في كازاخستان.
وأخبر جليل علييف والد مضيفة الطيران حوكومي علييفا التي قضت في الحادثة في تصريحات عبر الهاتف لوكالة فرانس برس، أنه كان يفترض أن تكون هذه الرحلة الأخيرة لابنته قبل أن تغيّر مجال عملها.
وقال بصوت مرتجف: "لماذا انتهت حياتها اليافعة بطريقة جدّ مأساوية؟".
ووصل 14 ناجيا الخميس إلى أذربيجان حيث أعلن الرئيس إلهام علييف يوم حداد وطني، كما أعيدت إلى البلد جثث أربع ضحايا.
ونقل تسعة جرحى روس، من بينهم طفل، إلى موسكو، وفق ما أفادت وزارة الطوارئ الروسية.
وقدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "التعازي" لنظيره الأذري، بحسب الكرملين.
وكان الرئيس علييف يحضر قمّة في روسيا وقت الحادثة وعاد بسرعة إلى باكو فور علمه بها.
aXA6IDE4LjExNy4yMzEuMTYwIA== جزيرة ام اند امز