شيخ الأزهر لـ"الغرب": لا تربطوا بين الإرهاب والإسلام
الدكتور أحمد الطيب، الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، يدعو العالم بصفة عامة والغرب على وجه الخصوص، إلى عدم الربط بين الإرهاب والإسلام،
دعا الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين، العالم بصفة عامة والغرب على وجه الخصوص، إلى عدم الربط بين الإرهاب والإسلام، مشدداً على أن الدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبداً، وأن الجماعات المسلحة التي ترفع لافتة الدين هي خائنة لدينها قبل أن تكون خائنة لأنفسها.
وقال الإمام الأكبر في كلمته بالمعهد المسكوني بمدينة بوسيه في سويسرا السبت: أرجو ألا تُسلموا عقولكم وتفكيركم لهذه الدعوات التي تربط ربطاً خاطئاً بين الإرهاب والإسلام، فأنتم أعرف الناس بأن الدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبداً ولا يستقيمان في ذهن عاقل.
واستغرقت الكلمة التي دارت حول "دور رجال الدين في تحقيق السلام العالمي"، قرابة الساعة بحضور نحو ٢٠٠ شخصية، بينهم عدد من القيادات الدينية والسياسية والتنفيذية، الذين حضروا قبل المحاضرة بنحو ساعة انتظاراً للخطاب، كما حرصوا على الاستماع للمحاضرة باهتمام شديد ظهر على ملامحهم، ومرات التصفيق التي تخللت الخطاب.
وشدد الإمام الأكبر في خطابه على أن الجماعات الدينية المسلحة التي ترفع لافتة الدين "خائنة" لدينها قبل أن تكون خائنة لأنفسها وأماناتها، وتابع: اعلموا أن رفع لافتات الأديان على ممارسات القتل والذبح والتفجير جرائم لا يتحمل الدين وزرها، وأنتم تعلمون أن جرائم وحشية ارتكبت في التاريخ باسم الصليب، وبتأويلات فاسدة لنصوص الكتاب المقدس، ودفع المسلمون فيها ثمناً باهظاً من دمائهم وأهليهم، ومع ذلك لم يجرؤ مسلم واحد على أن يحمّل المسيحية، ولو بجملة واحدة، مسؤولية هذه الجرائم التي ارتكبت باسمها.
وتابع شيخ الأزهر: أرجو أن تنتبهوا إلى أن هذا الإرهاب بكل أسمائه وألقابه ولافتاته لا يعرف الإسلام ولا يعرفه الإسلام، وأن البحث عن أصول هذا الإرهاب في القرآن وشريعته تضليل للناس، وانحراف عن منهج الاستدلال المنطقي الصحيح.. وأولى بهؤلاء المضلِّلين الذين ينشرون هذا الإفك أن يبحثوا عن أسباب الإرهاب فيما أشرنا إليه من السياسات المتسلطة التي تكيل بألف مكيال ومكيال، وفي الأطماع الدولية والإقليمية، وفي مصانع السلاح وأسواق التسليح وقبل كل شيء نسيان الله تعالى، والتنكر له، والسخرية من أنبيائه وكتبه ورسله.
وتناول الإمام الأكبر أهمية المحاضرة التي ألقاها اليوم قائلاً: أنظر إلى لقائي بكم، وأقدّر أهميته، بل ضرورته القصوى في تحمل المسؤولية من أجل تخفيف معاناة البشرية، وأراهن على أهليته للتحرك الإيجابي في الاتجاه الصحيح.. وجاء الأزهر المهموم بقضايا السلام إلى هذا المجلس العالمي للتباحث حول عمل أو برنامج مشترك بين حكماء المسلمين وعلماء الأزهر من جانب، وحكماء المجلس العالمي للكنائس من جانب آخر.
ولفت إلى اللقاءات السابقة للأزهر ومجلس الحكماء مع إخوانهم المسيحين في الغرب، حيث كان هناك لقاء في كنيسة كنتربري برئيس أساقفتها في العام الماضي، ولقاء ثان مع البابا فرنسيس بالفاتيكان في هذا العام، وأسفر اللقاءان عن دعوة الأزهر لمؤتمر دولي للسلام يعقد في أبوظبي بداية العام المقبل، وكذلك مؤتمر للسلام في مصر في منتصف العام المقبل، يحضره البابا فرنسيس.
ووجه شيخ الأزهر دعوته لمجلس الكنائس العالمي للمشاركة بالحضور، في هذين المؤتمرين، متمنياً أن يكون لشباب المجلس من الجنسين نصيبٌ معتبر في الوفد المشارك.
واعتبر الدكتور أحمد الطيب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجرد حبر على ورق حين يتعلق الأمر بالشعوب النامية في قارة إفريقيا والعالمين العربي والإسلامي، لافتاً إلى أن آفة الآفات في قضية السلام العالمي اليوم أن ترتبط -وجوداً وعدماً- بمقاصد السياسات الدولية ومصالحها الجشعة ومزاجها المتقلب.
وأضاف الإمام الأكبر: لا أقول جديداً على مسامعكم لو رُحت أتحدث عن مركزية قضية السلام في الرسالات الإلهية، ومحوريتها في توزان الكون بكل ما عليه من إنسان وحيوان ونبات وجماد، وكيف أن كلمة السلام ترددت في الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد، وفي القرآن الكريم، في عشرات المواضع من أسفار هذه الكتب وإصحاحاتها وسورها وآياتها، وكيف أن رُسل الله وأنبياءه إنما كانوا رسل سلام ومحبة ومودة، وأن رسالاتهم وشرائعهم إنما تدور على إقرار مبدأ السلام بين الناس، وكيف أن الله تعالى توعد الظالمين والمستكبرين بعقوبات تقشعر الأبدان من تأملها والتفكر في عواقبها..
وقال شيخ الأزهر: أعلم أن مثل هذه العبارات لا تكاد تعني الآن شيئًا في أذهان كثيرين من الناس، خاصة من الشباب في الغرب وحديثاً عند البعض في الشرق أيضاً، من كثرة ما ألفوا من الغربة عن منهج الله، وآنسوا من نسيان تعاليمه، وتأثروا بسخريات الملحدين والمستهزئين بالأديان والناقمين عليها وعلى أهلها.. وأعلم أيضاً أن هذه الفئة المستكبرة عن عبادة الله لا مفر من وجودها ما دام الشر موجوداً إلى جوار الخير، وما دام للشيطان جنود ودعاة للإغواء والتضليل.
واستطرد الإمام الأكبر: لكن يجب علينا -نحن المؤمنين بالله-والمُكَلَّفين بنشر رسالة السلام والمحبة بين الناس أن نصرَّ على مواجهة هذا الشر قدر ما نستطيع، وأن نتصدَّى لخطاب الكراهية بين الناس، واستغلال الدين في نشر الرعب والعنف، ومطاردة الإرهاب.
وفور انتهاء كلمة الإمام الأكبر، استمر الحضور في التصفيق الحار تحية لشيخ الأزهر وتعقيباً على خطابه، فيما حرص العشرات منهم على مصافحته وتحيته على المعاني والرسائل التي ضمنها في خطابه.
وانطلقت أمس، فعاليات الجولة الثالثة من الحوار بين حكماء الشرق والغرب، التي اختتمت فعالياتها اليوم، في مقر مجلس الكنائس العالمي بجينيف.
وكانت الجلسة الافتتاحية شهدت عددًا من الكلمات منها كلمات الإمام الأكبر كلمة والأمين العام لمجلس الكنائس العالمي القس أولاف فايكس تفايت، ثم عدد من أعضاء مجلس حكماء المسلمين ومجلس الكنائس العالمي.
ووصل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الخميس، إلى جينيف في جولة خارجية شملت البحرين كمحطة أولى.
ويرافق شيخ الأزهر في الزيارة المشير عبدالرحمن سوار الذهب عضو مجلس حكماء المسلمين، والدكتور محمود حمدي زقزوق عضو هيئة كبار العلماء وعضو مجلس حكماء المسلمين، والدكتور محمد قريش شهاب عضو مجلس حكماء المسلمين، والدكتور علي راشد النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، والمستشار محمد عبدالسلام مستشار شيخ الأزهر، والسفير عبدالرحمن موسى مستشار شئون الوافدين بالأزهر.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjIwMSA= جزيرة ام اند امز