شيخ الأزهر: ما لم نتصدى للإسلاموفوبيا ستمتد للمسيحية واليهودية
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب يؤكد أن الإرهاب هو راعي ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تنعكس آثارها على المسلمين في العالم.
دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين للتصدي لظاهرة ما يسمى "الإسلاموفوبيا"، محذرا من أنها آجلا أو عاجلا ستطلق أذرعتها في المسيحية واليهودية.
جاء ذلك خلال كلمة الدكتور أحمد الطيب في افتتاح المؤتمر الدولي "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، الذي ينظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبحضور وفود تمثل مختلف الديانات من 50 دولة حول العالم.
وقال الدكتور الطيب إن المؤتمر يأتي في ظل ظروفٍ استثنائيةٍ وفترة قاسية تمرُّ بها المنطقة، بل العالَمُ كله، بعد أن اندلعت الحروب بشكل مفاجئ دون وجود سبب منطقي لها.
وخلال كلمته بالمؤتمر، أضاف شيخ الأزهر أن هذه الظروف الاستثنائية تأتي بعد "اندلاع نيران الحروب في منطقتنا العربية والإسلامية، دون سبب معقول أو مُبرِّر منطقي واحد يتقبله إنسان القرن الواحد والعشرين".
وأضاف شيخ الأزهر أنه من المحزن ما زين لعقول الكثير من الناس أن الإسلام هو أداة التدمير منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول وغيرها من الهجمات الدامية التي شهدها العالم.
وأشار إلى أن الأزمة تكمن في التطرف في فهم حقيقة الدين ومعزى الأديان كلها ورسالة كل الأنبياء.
وأكد أن التطرف لم يستطع هز صورة الإسلام، لكن مؤخرا ومع ظهور ما يسمى بظاهرة الإسلاموفوبيا انعكست آثارها البالغة على المسلمين في جميع دول العالم.
وأكد أن الإرهاب هو راعي تلك الظاهرة ويرضعها يوما بعد يوم كراهية للمسلمين، طارحا علامة استفهام عن إذا كان الإرهاب صناعة محلية أم عالمية، وهي ظاهرة انبثقت بين ليلة وضحاها.
وحذر الدكتور أحمد الطيب من أنه يجب التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، لأنها عاجلا أم آجلا ستطلق أذرعتها المسيحية واليهودية.
وقال شيخ الأزهر إن تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام الاتهامات المتوحشة، مؤكدا أن التبرئة تستلزم التعاون والتكامل بين رجال الأديان الثلاثة.
وتابع شيخ الأزهر: "من المدهش، بل من المحزن والمؤلم، تصويرُ الدِّين في هذا المشهد البائس وكأنه ضِرام هذه الحروب، وزُيِّن لعقولِ الناس وأذهانهم أن الإسلام هو أداة التدمير التي انقضت بها جدران مركز التجارة العالمي، وفُجِّر به مسرح الباتاكلان ومحطات المترو، وسُحِقَت بتعاليمه أجساد الأبرياء في مدينة نيس وغيرها من مدن الغرب والشرق، إلخ ما نأسى له من هذه الصور الكارثية المُرعبة".
وقال الإمام الأكبر أن "هذه الصور الكارثية تزداد اتساعًا وقَتامًا، مع تنامي التطرُّف وتقلص الحَيِّز الصحيح في فهم حقيقة الأديان الإلهية، ومغزى رسالات الأنبياء التي تصطدم اصطدامًا مدويًا، بكل التفسيرات المغشوشة التي تتنكَّب بها طريق الأديان، بل وتُخطف بها النصوص المقدسة لتصبح في يد القِلَّة المُجرمة الخارجة عليها، وكأنها بندقية للإيجار، لِمَن ينقد الثمن المطلوب من سماسرة الحروب وتُجَّار الأسلحة، ومُنظِّري فلسفات الاستعمار الجديد".
وأوضح شيخ الأزهر أن القضية لدى من أسمهم "شرذمة" ليست من الدين لا في كثير ولا قليل، وأنَّ المسألة هي توظيف الإسلام في هذه الدماء توظيفات شتَّى تذهب فيه من النقيض إلى النقيض..وأن المسألة عند أصحابها لم تكن مسألة تصويب لدين زعموا أنه انفرطَ عِقدُه، وأن عليهم تصحيحه وتصويبه، في إطار من الاجتهاد النظري والتجديد الفكري، بل كانت مسألةَ أرواحٍ وإهدار دماء كالأنهار، واجتراءٍ على منجزات الإنسان وهدمها حيثما كانت، ومتى قدر على تدميرها..
وتابع الإمام الأكبر الذي فضل أن يسمي الجماعات المتطرفة طوال كلمته بالشرذمة قائلا: إن هذه الشرذمة الشاردة عن نهج الدين كانت إلى عهد قريب محدودة الأثر والخطر، وكانت من قلة العُدَّة وضعف العتاد عاجزة عن تشويه صورة المسلمين، إلَّا أنَّها الآن، أوشكت على أن تُجيِّشَ العالَم كُلَّه ضِدَّ هذا الدِّين الحنيف.