عزيزة.. مصرية تتحدى الأمية والظروف الصعبة وتصبح رئيسة وحدة محلية
تقاليد أهل القرى تقول إن المرأة لا تخرج من المنزل خاصة مع غياب الزوج، لأن المرأة تعود في هذه الحالة إلى أهلها ليتولوا مصاريفها.
نجحت في الخروج من عنق زجاجة العادات والتقاليد بالصعيد، وقهرت الأمية، لتصبح رئيسة لوحدة محلية "قرية الشغب" بمركز إسنا التابع لمحافظة الأقصر، جنوب القاهرة.
البداية كانت مع زواج عزيزة محمد في عمر مبكر، تنفيذا لرغبة عائلتها التي فضلت ذلك عن التحاقها بالتعليم، ومن ثم أنجبت 3 أطفال.
تقول عزيزة (53 عاماً) لـ"العين الإخبارية": "من عادات أهل القرى الحرص على زواج البنت عن تعليمها، البنت لابن عمها، وتزوجت في عمر 14 عاماً، ولكني كنت مغرمة بالتعليم، وكان لدي الشغف حتى لا أكون عالة على المجتمع، وأقوم بتربية أبنائي تربية سليمة".
ولظروف عائلية، هاجر رب الأسرة المنزل، وتركها في عمر الـ24 عاماً مع 3 أطفال أكبرهم 8 سنوات.
وعن ذلك قالت عزيزة: "كنت سيدة غير متعلمة ولا توجد لي فرصة عمل، وأطفالي في المدارس، وهنا قررت المحافظة على كيان منزلي وأتحدى تقاليد البلد التي تمنع المرأة من الخروج من منزلها، وأبدأ حياة جديدة بنفسي".
تعرضت عزيزة لسيطرة أكبر تحت سقف التقاليد بعد هجر الزوج للمنزل، وتشرح ذلك قائلة: "تقاليد أهل القرى تقول إن المرأة لا تخرج من المنزل، خاصة أن الزوج غير موجود، كما أنها في هذه الحالة تعود إلى أهلها لأنهم من يتحملون مصاريفها".
وتابعت: "رفضت تلقي مصاريف المعيشة من أهلي، وقررت أن أحوّل إحدى غرف المنزل إلى مكان لتربية الطيور حتى أنفق على أولادي".
وأوضحت: "حرصت على التعليم أيضاً، وأبنائي علموني الأحرف والكتابة، حتى حصلت على شهادة الابتدائية من أحد فصول محو الأمية".
شعرت عزيزة بالسعادة بعد حصولها على أول شهادة تعليمية، ولم تكتفِ بذلك فقررت مزاملة ابنها الكبير محمد في الالتحاق بالمرحلة الإعدادية، ثم قررت السير معه، والتحقت بالثانوية، وكان هذا هو التحدي الأكبر لها.
تضيف: "التحقت بوظيفة عاملة خدمات بوحدة محلية، فكان علي تحدٍ كبير، وهو مواصلة العمل والمذاكرة، وتربية أبنائي، وبيع الطيور، والحمد لله نجحت واستطعت التوفيق بينها، وحصلت على شهادة الثانوية بمجموع 85%".
وواصلت ابنة الصعيد مسيرتها بالانتقال إلى مرحلة أخرى، حيث التحقت بكلية الآداب قسم الاجتماع، وأصبحت زميلة لابنها في جامعة جنوب الوادي، التي تفصلها عن بلدتها مسافة 97 كيلومتراً.
وأضافت: "اخترت قسم الاجتماع لحبي له أثناء دراسة الثانوية، ووجدته علماً شيقاً، ومن خلاله تعلمت كيفية حل أي مشكلة".
ونجحت عزيزة في الاختبار الذي وُضعت فيه، فخرجت بأبنائها الـ3 إلى بر الأمان، حيث وصلوا إلى المرحلة الجامعية، والتحقوا بكلية التربية والألسن والتمريض، وهم يعملون بشهادتهم الآن.
تدرجت عزيزة في المناصب الوظيفية، ففي عام 2003 تمت تسوية حالتها الوظيفية من عاملة خدمات معاونة إلى كاتب رابع بشهادة الثانوية العامة.
وفي عام 2006، حصلت على ليسانس الآداب قسم الاجتماع، وتمت تسوية حالتها إلى كاتب شؤون عاملين ثالث، ثم تدرجت في الوظيفة وانتقلت إلى سكرتير وحدة محلية لمدة 8 سنوات، وعام 2017 في عام المرأة، اختيرت لتكون رئيسة لـ"وحدة الشغب".
ولم تنسَ عزيزة أن تفكر بمجتمعها، فأسست في 2006 جمعية أهلية حملت اسم "تنمية البيئة والمرأة والطفل" بقرية الحميدات، واصلت فيها العمل الأهلي وتوصيل المرافق للمنازل المحتاجة والعمل مع الجمعيات الكبرى مثل الأورمان ومصر الخير ورسالة.
تتابع: "حرصت على إضافة اسم المرأة والطفل في اسم الجمعية، حتى تهتم بدور المرأة، خاصة المرأة المعيلة والأسر الفقيرة".
كما حصلت في عام 2010 على لقب الأم المثالية على مستوى محافظة الأقصر، والأم المثالية على مستوى مركز إسنا عام 2016، إلى جانب العديد من شهادات التقدير.
واختتمت عزيزة حديثها: "كنت أصم أذني، وأسير في طريقي، كنت أشعر بأن هناك شيئاً كبيراً ينتظرني، سأصبح في مركز كبير، حتى صرت رئيسة وحدة".