هموم المرأة العربية في "بابيشا" و"سيدة البحر" بأيام قرطاج
يشارك في دورة 2019 التي تختتم السبت 19 عملا سينمائيا لمخرجات عربيات، من بينها 8 أفلام في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان
يُعرض في مهرجان "أيام قرطاج السينمائية" عدد من الأفلام الروائية لمخرجات عربيات تتناول موضوعات اجتماعية، منها وضع النساء في المجتمعات العربية وتوقهن للحرية في وجه التقاليد والعادات الذكورية.
ويشارك في دورة 2019، التي تختتم السبت، 19 عملا سينمائيا لمخرجات عربيات ضمن أقسام المهرجان، من بينها 8 أفلام في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان من مجموع 44 فيلما روائيا وتسجيليا عربيا وأفريقيا.
ومن بين هذه الأعمال فيلم "بابيشا" للمخرجة الجزائرية منية مدور الممنوع من العرض في بلدها، وفيلم "سيدة البحر" للسعودية شهد أمين، وهي أول مشاركة سعودية في المهرجان منذ إطلاقه قبل 53 عاما، بالإضافة إلى فيلم "نورة تحلم" لهند بوجمعة من تونس، البلد المعروف بتشريعاته الرائدة عربيا في مجال حقوق المرأة.
والأفلام الثلاثة هي باكورة أعمالهن وأنتجت كلها في 2019 تزامنا مع حركة احتجاجات كبيرة، خصوصا في الجزائر للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية.
ويتناول فيلم "نورة تحلم" قصة امرأة كادحة من وسط شعبي متزوجة برجل سُجن مرارا ولديها ثلاثة أطفال، لكنها تحلم بحياة أفضل مع حبيبها الذي تلتقيه خلسة، وتطرقت هند بوجمعة في هذا العمل إلى مسائل حساسة ومسكوت عنها بذريعة العادات والتقاليد مثل اغتصاب الزوجة والعنف المادي والمعنوي الممارس عليها وعلى أبنائها.
كما تكشف في الفيلم عن الانتهاكات القانونية والتلاعب بالشكاوى المقدمة أمام مكاتب التحقيق في المجتمعات الذكورية.
وأوضحت بوجمعة: "القوانين أعطت المرأة التونسية قدرا كبيرا من الحرية إلا أن شريحة من النساء داخل المجتمع مسكوت عنها وما زال بداخلها جدار من الخوف يتعين هدمه"، بعد سنوات من اعتماد دستور جديد في 2014 يعتبر من أهم مكتسبات ثورة 2011 كونه ينص على ضمانات للمساواة بين الرجل والمرأة.
وقالت الممثلة هند صبري التي تجسد دور "نورة" بعد العرض: "الفيلم تكريم للمرأة التونسية وهدفه رفع الغطاء عن المحرمات وخلق حوار اجتماعي حول الموضوعات محظورة النقاش".
ويروي فيلم "بابيشا"، وتعني باللهجة المحلية الجزائرية الفتاة الجميلة، قصة "نجمة" الطالبة في الجزائر خلال الحرب الأهلية التي مزّقت البلاد بين 1992 و2002.
وتقطن "نجمة" في مبنى سكني جامعي، حيث تدور معظم أحداث العمل، وهي تحلم بأن تصبح مصممة أزياء فيما تتدهور الأوضاع السياسية في البلاد التي تشهد تنامي الجماعات المتطرفة المسلحة.
وترفض بطلة الفيلم الفكر المتطرف الذي تسبب في مقتل شقيقتها وتقرر تجاوز المحظور بتنظيم عرض أزياء للملابس العصرية داخل مبنى السكن الجامعي بمساعدة زميلاتها، ويؤكد بلقاسم حجاج الذي شارك في الإنتاج خلال تقديم الفيلم في تونس أن "واقع المرأة في مجتمعاتنا يُعد مقياسا لمدى تقدمها أو تراجعها".
وألغت السلطات الجزائرية عرض الافتتاح للفيلم في الجزائر الذي كان مقررا في سبتمبر/أيلول في اللحظة الأخيرة.
وتقول المخرجة المقيمة في فرنسا منذ 20 عاما إن الفيلم "تكريم للمرأة الجزائرية التي صمدت خلال حرب التحرير وكذلك خلال ما عرفت بالعشرية السوداء"، لكنه "يتطرق بطريقة غير مباشرة إلى صمود المرأة الجزائرية التي تناضل اليوم من أجل تغيير القوانين والمساواة بين الجنسين والديمقراطية".
ومن خلال مشاهد صادمة وعنيفة، تبرز المخرجة ما تعرضت له الطالبات من تعنيف وصل إلى حد قتل إحداهن على يد الجماعات المسلّحة.
ويتناول فيلم "سيدة البحر" قصة "حياة" التي يتراجع والدها عن قرار رميها في البحر وفقا لتقاليد قرية صيادين نائية تفرض على الآباء تقديم الإناث فقط من أطفالهم قربانا ليمنّ عليهم حسب معتقدهم بالسمك، ونتيجة لهذا القرار غير المسبوق الذي اتخذه والدها، تتغيّر نظرة السكان إلى الفتاة وتصبح منبوذة، لكن "حياة" تقرر أن تثأر لنفسها وتتحدى التقاليد "الظالمة" التي تحكم القرية وتحاول فرض وجودها بالقوة وسط مجتمع ذكوري.
وتقول المخرجة الشابة: "تتمحور الفكرة حول قداسة الحياة التي تعد أهم من أي قانون أو عادات نقرر أنها واجب"، وتوضح شهد: "يرمز الأبيض والأسود إلى حياة قاحلة لقرية ميتة ترفض التطور وتتمسك بالتقاليد البالية والمتخلفة".
وتتابع أن المجتمع العربي "يضطهد المرأة ويكبّلها لدرجة أنها تصبح تكره ذاتها، بات من الضروري أن تتصالح المرأة مع نفسها وتنهض وتكسر القيود".
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز