حليب الأطفال ينضم إلى مغارة صُنع الثروات الفاسدة في لبنان
حتى حليب الأطفال لم يسلم من الاستغلال الممنهج والفساد الشرس في لبنان، الذي أضحى معظم سلعه الضرورية في قبضة العصابات.
في لبنان أصبحت "السوق السوداء" مغارة مزدحمة يجتمع فيها أصحاب الثروات الفاسدة للمتاجرة في احتياجات الشعب بداية من الدولار إلى الوقود وحتى السلع الضرورية كحليب الأطفال.
وحليب الأطفال والأدوية هي من المواد المدعومة في لبنان، لذا تنشط فيها تجارة السوق السوداء التي تعمل على تجفيف السوق من المنتج وإعادة بيعه بأسعار باهظة.
- حزب الله يقود لبنان لدائرة عقوبات أمريكا.. إيران في المشهد
- لبنان ليس بخير.. لا حليب ولا بنزين والإضرابات تجتاح سويسرا الشرق
وتعكس طلبات المساعدة من الأمهات والآباء على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على حليب الأطفال، مدى كارثية الأزمة.
وبينما يقول المستوردون إنهم عاجزون عن الاستيراد بسبب صعوبة الحصول على الاعتمادات اللازمة لدعمها من المصرف المركزي بسبب اختلاف السعر المعتمد في الأخير والسوق السوداء، كشفت وزارة الصحة اللبنانية عن سبب كارثي للأزمة.
وأعلنت الوزارة أن فريقا تابعا للتفتيش الصيدلي داهم أحد الأماكن التي يتم فيها الاتجار غير المشروع بحليب الأطفال، بعد منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، يعلن عن بيع الحليب بسعر يفوق السعر المدعوم بخمسة أضعاف على الأقل.
وقد تبين أن الجاني هو سيدة تقوم بشراء وتجميع كميات كبيرة من الحليب والمواد الغذائية المدعومة في منزلها وتبيعها بأضعاف سعرها مع خدمة التوصيل إلى المنازل.
وتأتي هذه العملية ضمن ظاهرة "السوق السوداء" التي باتت تتحكم بكل شيء في لبنان انطلاقا من سعر صرف الدولار الذي بات سعر تصريفه في السوق بما فيها المواد الغذائية والاستهلاكية وحتى تكلفة الطبابة والتأمين وغيرها.
وفي حين يعمد معظم المستوردين إلى تخزين الحليب والأدوية كما المواد الغذائية والاستهلاكية تمهيدا لرفع سعرها والحصول على أرباح طائلة بعد رفع الدعم عنها، كما هو مقرر عمدت الصيدليات في لبنان مرات عدة إلى إعلان الإضراب للمطالبة بوضع الحلول لأزمة نقص الأدوية وحليب الأطفال واحتجاجا "على ما آلت اليه أوضاع الدواء، ولإطلاق صرخة بأن الأمن الصحي أصبح مهددا بشكل جدي"، فيما خرق عدد ضئيل منها قرار الإقفال.
وأتى إضراب الصيدليات بعد امتناع مستوردي الأدوية عن تسليم الصيدليات احتياجاتها من الأدوية، إذ باتت الصيدليات شبه خالية من الأدوية وحليب الأطفال.
ومنذ صيف العام 2019، في ظلّ الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان، بدأت الليرة تتراجع تدريجياً أمام الدولار ولامست يوم أمس الـ 17 ألف ليرة، تزامناً مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.
وحذر البنك الدولي من أن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقداً التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية وسط شلل سياسي.