المناطق المتنازع عليها.. أبرز خلافات بغداد وأربيل تنتظر الحسم
خبراء وسياسيون يتحدثون لـ"العين الإخبارية" بشأن قرار المحكمة الاتحادية العليا التي قضت ببقاء سريان المادة (140) من دستور العراق.
شكلت المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل التي خصص الدستور العراقي المادة 140 لحلها إحدى أبرز المشكلات العالقة بين الجانبين على مدى الأعوام الماضية التي أعقبت سقوط نظام حزب البعث في العراق عام 2003.
وقضت المحكمة الاتحادية العليا، الثلاثاء، ببقاء سريان المادة (140) من دستور العراق، مؤكدة أن ذلك يستمر لحين تنفيذ مستلزماتها وتحقيق الهدف من تشريعها.
وقال المتحدث الرسمي للمحكمة إياس الساموك، إن "المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن المادة (140) من دستور جمهورية العراق أناطت بالسلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لإكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها التي ما زالت نافذة استناداً لأحكام المادة (143) من الدستور".
وأشار الساموك إلى أن "المحكمة وجدت أن ذلك لتحقيق الأهداف التي أوردتها المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الرامية إلى تحقيق العدالة في المناطق التي تعرضت إلى تغير الوضع السكاني من خلال الترحيل والنفي والهجرة القسرية، وذلك وفق الخطوات المرسومة في المادة".
وبين الساموك أن "المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن هذه الخطوات لم تستكمل، وأن قسما منها لم يتخذ، ويبقى الهدف من وضع وتشريع المادة (140) من الدستور مطلوبا وواجب التنفيذ من الجميع".
واستطرد أن "المحكمة أكدت أن الموعد المحدد لتنفيذ المادة (140) من الدستور قد وضع لأمور تنظيمية ولحث المعنيين على تنفيذها ولا تمس جوهرها وتحقيق هدفها".
ولفت الساموك إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا وبناء على ذلك قررت بقاء سريان المادة (140) في الوقت الحاضر لحين تنفيذ مستلزماتها وتحقيق الهدف من تشريعها على وفق الخطوات المرسومة".
ورغم أن الدستور العراقي حدد 31 ديسمبر/كانون الأول من عام 2007 موعدا نهائيا لتطبيق المادة 140 إلا أن عوائق عديدة لا تزال مستمرة حالت دون ذلك، في مقدمتها عدم التزام الحكومة العراقية بصرف المبالغ الخاصة لأغراض عمليات التطبيع، وتنفيذ إجراءات تطبيق المادة لم تصرف للجنة الخاصة بتطبيقها، سوى التعويضات التي خصصت للعوائل المرحلة والوافدة.
ولم تتوقف العوائق عند الجانب المالي فقط، فالأحزاب الموالية لإيران التي تسيطر على الحكومة العراقية منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الآن، لم تبادر إلى تنفيذ مراحل المادة بأوامر من طهران من أجل إبقاء أوضاع هذه المناطق الغنية بالموارد الطبيعية عالقة، فإيران تخشى سيطرة كردية على هذه المناطق؛ لأسباب عدة منها أن الطريق البري الرابط بين طهران ودمشق يمر عبر قسم من هذه المناطق، ووجود قوات كردية فيها يمنع النظام الإيراني من التحرك فيها بسهولة، إضافة إلى أن الحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له تسيطر حاليا على موارد هذه المناطق بالكامل وتتخذها بوابة للالتفاف على العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران.
قرار المحكمة الاتحادية بسريان المادة (140) جاء في وقت تستعد حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد لجولة جديدة من المفاوضات بينهما بهدف حل المشكلات العالقة.
وأعرب مجلس وزراء إقليم كردستان خلال جلسته الاعتيادية التي عقدها الثلاثاء الماضي في أربيل، عن أمله في مواصلة الحوار مع الحكومة الاتحادية خلال وقت قريب، مشيرا إلى تشكيل لجان فنية وفرعية لمناقشة تفاصيل الملفات العالقة بين الجانبين، وفي مقدمتها ملفات النفط والغاز، والموازنة والمسائل المالية، والمناطق المتنازع عليها.
وحددت المادة (140) من الدستور العراقي 3 مراحل لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، وهي التطبيع والإحصاء، ومن ثم إجراء استفتاء في هذه المناطق لمعرفة فيما إذا يريد أهلها الانضمام لإقليم كردستان أو البقاء على المحافظات التي يتبعونها إداريا في الوقت الحالي.
وأنهى قرار المحكمة الاتحادية الجدل بين الأطراف السياسية العراقية خلال السنوات الماضية حول بقاء سريان هذه المادة الدستورية من عدمها، لكن بعض الأطراف ما زالت تطالب بإلغائها واتخاذ سبل أخرى لحل مشكلات هذه المناطق.
وعقب إعلان المحكمة الاتحادية العراقية عن قرارها بسريان المادة (140) من الدستور، أعربت الجبهة التركمانية العراقية عن استغرابها من القرار، وأكدت في بيان لها "سواء تم الاعتراف بدستورية المادة (140) أم لا فإنها لن تحل قضية كركوك، وأن الحل التوافقي الذي يحظى بموافقة مكونات المحافظة هو مفتاح كل الحلول" .
وشددت النائبة فيان صبري رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي في تغريدة على صفحتها الرسمية في "تويتر" على أن "قرار المحكمة الاتحادية أنهى الجدل بشأن هذه المادة، وعلى الجميع احترام قرار المحكمة الاتحادية؛ لأن قرارتها ملزمة للجميع".
وأكدت المراقبة السياسية شذى العبيدي أن قرار المحكمة الاتحادية بسريان المادة (140) جاء في الوقت المناسب لإنقاذ المناطق المتنازع عليها من المشكلات التي تشهدها.
وتابعت العبيدي لـ"العين الإخبارية" أن "تأخير تنفيذ المادة (140) طيلة السنوات الماضية تسبب في تعمق المشكلات في هذه المناطق حتى وصلت لحد الانفجار، إضافة إلى أوضاعها الخدمية والأمنية السيئة جدا وبنيتها التحتية المدمرة، وهي مهددة اليوم من قبل تنظيم داعش الإرهابي الذي يسعى إلى استغلال مشكلات هذه المناطق للعودة من جديد، لذلك فإن تسريع تطبيق هذه المادة سينقذ هذه المناطق"، لافتة إلى أن سكان هذه المناطق يرون أن الحل الأمثل لهم هو التمسك بالدستور العراقي وتطبيقه.
وتعرف اللجنة الخاصة بتنفيذ المادة (140) المناطق المتنازع عليها في العراق بأنها المناطق التي تعرضت للتغيير الديمغرافي وعمليات الترحيل والتهجير القسري على يد النظام السابق ما بين الأعوام 1968 وحتى سقوطه في عام ٢٠٠٣.
وتشمل المناطق المتنازع عليها محافظة كركوك بكافة أقضيتها ونواحيها، وقضاء طوزخورماتو جنوب كركوك الذي استقطعه النظام السابق من كركوك إداريا، وأضافه لمحافظة صلاح الدين.
أما محافظة نينوى فتحتضن هي الأخرى مناطق محل نزاع بين أربيل وبغداد، وهي أقضية مخمور وسنجار والشيخان والحمدانية وتلكيف وناحية بعشيقة والقحطانية وزمار.
ويعتبر قضاء خانقين وكافة نواحيه إضافة إلى ناحية مندلي التابع لقضاء بلدروز في محافظة ديالى مناطق متنازع عليها حسب المادة (140) بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، وتعتبر قضاء البدرة وناحية جصان في محافظة الواسط جنوب بغداد هي الأخرى ضمن المناطق المتنازع عليها بين الجانبين التي تنتظر تسوية أوضعها حسب هذه المادة الدستورية.
aXA6IDE4LjExOS4yMTMuMzYg جزيرة ام اند امز