بابا نويل وحيداً في شوارع بغداد.. العراقيون يستقبلون 2021 بالسخرية

تجتمع عائلة أبو فرح عند غرفة الضيوف داخل منزلهم البسيط الذي يقع في أحد ضواحي العاصمة، بغداد, استعداداً للاحتفال باستقبال 2021.
على غير العادة، يختار أبو فرح ذو الخمسين عاماً الاحتفال برأس السنة الميلادية من داخل منزله بعد قرارات خلية الأزمة بفرض حظر جزئي للتجوال وإغلاق المرافق الاجتماعية العامة جراء السلالة المتحورة لوباء كورونا القادمة من بريطانيا.
يقول: "منذ أيام وعائلتي تخطط لتوديع العام الحالي ومراسيم الاحتفال بأعياد الميلاد عبر النزول إلى الشارع ومشاركة المحتفلين بتلك المناسبة، غير أن الإجراءات الوقائية التي أعلن عنها على حين غفلة، عطلت برنامجنا ليقتصر الأمر على التسامر فيما بيننا وتبادل الأمنيات من داخل المنزل".
وعادة ما يحتفل العراقيون بأعياد رأس السنة الميلادية بالتجمع قرب المراكز التجارية والشوارع الحيوية ضمن تقليد اعتادوا عليه، تتخللها الألعاب والمفرقعات النارية والتقاط الصور التذكارية التي تؤرشف اللحظات الفاصلة وهم يدخلون عامهم الجديد.
وأعلن مجلس الوزراء، في الـ22 من الشهر الحالي، فرض عدد من التدابير الاحترازية خشية التحور لوباء كورونا وسلالته الجديدة، من بينها فرض حظر تجوال جزئي فضلاً عن إغلاق المطاعم ومراكز التبضع الرئيسة ومنع السفر إلى 8 دول، إلا أن وزارة الداخلية أكدت أنه لا وجود لحظر التجوال وأن الإجراءات مقتصرة على إغلاق مسائي للأماكن والمراكز التي تشهد عادة تجمعات بشرية في مثل هذه المناسبات.
وتوعد خالد المحنا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، المخالفين بعقوبات قضائية قاسية، مؤكداً نشر دوريات أمنية راجلة لرصد أي خرق للتعليمات الواردة.
وعلى الرغم من تلك الإجراءات المفروضة، إلا أن العوائل العراقية قد جهزت بيوتها بالزينة وطقوس الميلاد، وإن اقتصر ذلك على تدشين العام الجديد عبر الجلسات العائلية من داخل المنازل.
يلفت "أبو فرح" إلى أنه استكمل قبل يومين، شراء علب الحلويات والشموع والبالونات الملونة استعداد للاحتفال مع عائلته برحيل عام لن ينساه العراقيون أبداً، ويستدرك بالقول: "خسرنا أحبة ومعارف بسبب الجائحة ونعقد الآمال على 2021، في أن يكون أخف وطأة على البلاد اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا".
فيما ترى السيدة جنان الأورفلي، التي تعمل ناشطة في منظمات معنية بحقوق الإنسان، أن العراق دخل 2020، من وضع مضطرب جاء على جملة من الأحداث المفصلية والهامة من بينها حراك تشرين، وحادثة المطار، وتفشي جائحة كورونا، وتؤكد خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن العراقيين ينتظرون بفارغ الصبر إسدال الستار على العام الحالي وطي أيامه المليئة بالاضطرابات الاقتصادية والأمنية وحتى السياسية منها.
وتستدرك: "من البيوت أو الشوارع والمولات، ليس ذلك أمراً مهما بقدر أننا نريد أن نحتفل بنهاية عام قاس ومرير عسى ولعل أن تتحسن الأوضاع في السنة الجديدة".
وكان العراقيون دخلوا عامهم الحالي على وقع حادثة اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بقصف صاروخي من طائرة أمريكية مسيرة عند مطار بغداد الدولي.
ودفعت تلك الأحداث إلى مزيد من التأزيم الأمني والسياسي بعد ارتفاع حدة هجمات الفصائل المسلحة الموالية لإيران التي تستهدف السفارة الأمريكية ببغداد وقواعد التحالف الدولي.
وسبق ذلك الأمر، عبور الاحتجاجات الشعبية الأوسع في تاريخ العراق التي اندلعت في أكتوبر 2019، إلى العام الحالي، وسقوط المئات من القتلى والجرحى ومن ثم تفشي وباء كورونا وتداعياته على الوضع الاقتصادي والمالي.
تلك المتغيرات في المشهد العام، تدفع بالعراقيين إلى استعجال عقارب الساعة لترحيل عام "الأزمات والتقلبات"، كما يطلق عليه عمر حمزة، العامل في أحد صالونات الحلاقة الرجالية.
وينشر "حمزة"، صوراً لبطاقات تهنئة على زجاج المحل يتقدمها بزة حمراء لـ"بابا نويل"، بعد أن وجه دعوة إلى عدد من أصدقائه لقضاء الوقت والاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة.
الحلاق الرجالي، يؤكد إصراره على الاحتفال بميلاد العام الجديد حتى وإن غاب أصدقائه عن الموعد، مستدركاً بالقول: "سأشعل الشموع وأحتفل مع بابا نويل وحدي لو تطلب الأمر .. أريد أن أشطب 2020 من مفكرة الأيام".
في جانب ساخر لا يخلو من الألم، تداول ناشطون عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صور ومقاطع فيديو، تتوسل 2021، بدخول العراق عبر قدمه اليمنى في إشارة لجلب البركات.
وتبادل مدونون ومستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي، بطاقات تهنئة بالعام الجديد، حملت عبارات وسمت بالكوميديا والضحك تضمن بعضها: "دعنا نحتفل لم يتبق في العراق سوى أنت وأنا".