الصواريخ الباليستية.. الموت القادم من السماء
الصواريخ الباليستية، اسم يثير الفزع في النفوس، ويدب الرعب في القلوب، لما له من قوة تدميرية ضخمة قادرة على إبادة مدن بأكملها.
يطلق مصطلح صاروخ باليستي على الصواريخ التي تتخذ مساراً منحنياً بين منصة الإطلاق والهدف، ويصنّف عابراً للقارات إذا كان مداه يتجاوز 5 آلاف و600 كيلومتر.
علم الباليستيات هو أحد علوم الفيزياء الميكانيكية. يهتم بدراسة المقذوفات, من ناحية المسار والعوامل التي تؤثر عليه مثل سرعة الرياح واتجاهها والاحتكاك وشكل المقذوف. وبالتالي يطلق لفظ باليستي على المقذوفات التي لا يسهم الإنسان في تحديد مسارها وموقع سقوطها بشكل مباشر، بل عن طريق تحديد سرعة واتجاه الإطلاق عبر دراسة مسبقة.
ويمكن إطلاق هذه الصواريخ من صوامع تحت الأرض في إحدى القارات، لتدمير هدف في قارة أخرى بما يحمله من رؤوس نووية، حسبما ذكر موقع الموسوعة البريطانية "بريتانيكا"، الذي أوضح أن أول 3 دول امتلكت هذه الصواريخ هي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين.
مراحل تطور الصواريخ الباليستية:
أوّل صاروخ يمكن أن نطلق عليه اسم صاروخ باليستي هو صاروخ فاو-2 (V2) الذي استخدمته ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية وبلغ مداه 200 كم تقريباً.
وعقب انتهاء الحرب، بدأ السباق بين الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفياتي في صناعة وتطوير الصواريخ الباليستية التكتيكية، مستلهمة من فاو-2 مثل صاروخ سكود أو ريدستون مروراً بصواريخ أكثر تطوّرا. وكان هذان البلدان الوحيدين المالكين لآخر تكنولوجيا الصواريخ الباليستية خلال الحرب الباردة ولا يزالان إلى يومنا هذا كذلك.
خلال الفترة من 1950 إلى 1960، تضاعف مدى الصواريخ بشكل كبير، فعلى سبيل المثال تمكن الاتحاد السوفياتي سنة 1949 من إنتاح صاروخ آر-2 بلغ مداه 550 كم، وفي 1955 وصل مدى صاروخ آر-5 إلى 1200 كم، وسنة 1957 وصل مدى صاروخ آر-7 إلى 8000 كم، وسنة 1961 وصل مدى صاروخ آر-9 إلى 13000 كم، ثم تمكن صاروخ آر-36O من الخروج من كوكب الأرض عام 1965.
ودخل أول صاروخ باليسيتي أمريكي عابر للقارات ومعدّ لأغراض استراتيجية الخدمة سنة 1959، وهو صاروخ أطلس وبلغ مداه 11000 كم.
مواصفات الصاروخ الباليستي:
يتراوح طول الصاروخ الباليستي بين 30 و100 قدم، ويعمل بالوقود السائل أو الصلب، ويوجد المحرك في قاع الصاروخ وكذلك أنظمة التوجيه، إضافة إلى وسائل للتسارع على جانبيه.
يتكون الوقود السائل من مواد مقطرة غنية بالكربون والهيدروجين تدمج مع الأوكسجين السائل داخل المحرك، لتحترق وتنتج عنها قوة دافعة تحرك الصاورخ إلى أعلى. بينما يتكون الوقود الصلب من مسحوق بعض المعادن مثل الزنك أو المغنيسيوم يتم خلطها مع مصدر صلب للأكسجين أو خليط منها جميعًا يحترق داخل المحرك.
أنواع الصواريخ الباليستية:
تنقسم الصواريخ الباليستية إلى قسمين: تكتيكي واستراتيجي، حسب السياسة الدفاعية للدّولة التي تمتلك مثل هذه الصّواريخ.
الصّاروخ التكتيكي: يستخدم لتوسيع الطّاقة الهجوميّة للقوّات المسلّحة أكثر من تلك المسموح بها عن طريق المدفعيّة التقليديّة. عادة ما يكون مداه في حدود بضع مئات الكيلومترات وهو مزوّد برأس تقليدي.
الصّاروخ الاستراتيجيّ: هو سلاح عادة ما يُستعمل للرّدع، وهو مزوّد غالباً برأس حربي غير تقليدي، خاصّة السّلاح النّوويّ. هذا السّلاح يخوّل الدّول أن تهاجم حتّى حين تكون قوّاتها المسلّحة غير قادرة على ذلك، لأنّ هذا النّوع من الصّواريخ قادر على ضرب الأهداف دون التعرّض لخطر الاعتراض.
وقد يستعمل لفظ الصّاروخ الباليستي للحديث عن الصّاروخ الباليستي الاستراتيجي المزوّد برأس نوويّ، لما يحمله هذا الأخير من دلالات سياسيّة واجتماعيّة، خاصّة بعد الحرب العالميّة الثانية.
الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير أو الصواريخ التكتيكية، يتراوح مداها من 150 كم إلى 300 كم، أمثلة: صاروخ إسكندر وبلوتون وسكود..
الصواريخ ذات المدى المتوسط، التي يتراوح مداها بين 1000 و3000 كم، مثل: شهاب 3، ونودونغ 1، وأريحا 2.
الصواريخ ذات المدى الوسيط، التي يتراوح مداها بين 2400 كم و6400 كم مثل صواريخ إس-3، وإس إس-20.
الصواريخ ذات المدى البعيد، التي يتراوح مداها بين 6000 و13000 كم، مثل توبول إم، وبيسكيبر، وإس إس 18.
أبرز أمثلة الصواريخ التي تطلق من الغوّاصات، صاروخ M45، وبولاريس، وبوسايدن.
أبرز صاروخ باليستي:
صاروخ سارمات الباليستي الروسي أو "الشيطان"، كما وصفه الرئيس الروسي، نظرا لما يتمتع به من قوة لا مثيل لها، ولن يكون له مثيل لفترة طويلة.
يزن صاروخ سارمات 220 طنا، ويبلغ طوله أكثر من 35 مترا، ويبلغ مداه ما بين 10 و18 ألف كيلومتر، ما يجعله قادرا على ضرب أي بقعة في الأرض.
ويستطيع حمل 10 رؤوس نووية، ويمكنه إطلاق حمولة قصوى تبلغ 50 ميغا طنا من مادة "تي إن تي" (TNT).
وصُمم صاروخ سارمات للإفلات من أنظمة الدفاع المضادة الصواريخ، عبر تقنيات لا تمنح هذه الأنظمة إلا وقتا قصيرا لبدء التتبع.
خطة التفوق على "الشيطان"
في مقابل الصاروخ الروسي، تطور الولايات المتحدة منذ 2014 صاروخا عابرا للقارات سمته "إل جي إم-35 إيه سينتنيل".
ويتوقع أن يفوق مدى هذا الصاروخ 5.5 ألف كيلومتر، ويستطيع الوصول إلى أي هدف على وجه الأرض خلال 30 دقيقة.
وسيتم تزويد الصاروخ برأس نووية حربية من نوع "دابليو87-1" (W87-1)، ويستطيع هذا الصاروخ إطلاق الرأس النووي في منتصف الطريق لينطلق الرأس في اتجاه الهدف.
ويتوقع أن تجرى أول تجربة لهذا الصاروخ الأمريكي هذا العام، وأن يدخل الخدمة عام 2029.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuMjQwIA== جزيرة ام اند امز