الصاروخ البالستي.. تهديد عابر للقارات
"بالستي" اسم يطلق على المقذوفات التي يتم تحديد سرعة واتجاه إطلاقها عن طريق دراسة مسبقة
لم يؤكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أو ينفي الاتهامات الأمريكية، بأن بلاده أجرت اختبارا صاروخيا بالستيا يوم الأحد، لكنه قال إن إيران لن تستخدم الصواريخ أبدا في مهاجمة دولة أخرى، فيما يبدو أنه إقرار ضمني بإجراء التجربة.
ما قاله ظريف يبدو وكأنه حق يراد به باطل، ذلك أن للصواريخ البالستية أنواعا، بعضها لا يصل مداه إلى خارج الدولة، ولكن الأخطر هو ذلك النوع العابر للقارات "ICBM" أو متوسط المدى، الذي يخصص تحديدا لحمل رؤوس نووية، إذا ليس من المنطقي استخدام أنواع قصيرة المدى تتأثر الدولة التي أطلقتها بآثارها التدميرية حال حملت تلك الرؤوس.
ويصل مدى الصواريخ العابرة للقارات إلى أكثر من 5.500 كم (3.500 ميل)، بينما يصل متوسط المدى إلى ما بين (2500 و5500 كيلومتر)، وتتميز بامتلاكها مدى وسرعة أكبر من غيرها من الصواريخ البالستية الأخرى، لذلك تخصص بشكل رئيسي لحمل الرؤوس النووية.
وتسعى الدول التي لها طموحات نووية -من بينها إيران- إلى الانتقال من المدى القصير إلى المتوسط والعابر للقارات، حيث تصنف تلك الصواريخ إلى ما هو قصير المدى (أس آر بي أم)، ومتوسطة المدى (أم آر بي أم)، وما فوق متوسطة المدى (أي آر بي أم)، وطويلة المدى أو عابرة القارات (أي سي بي أم)، وصواريخ الغواصات البالستية (أس أل بي أم).
ووفق مجلة «جينز ديفنس ويكلي» البريطانية، فإن الصواريخ البالستية ذات المدى الأكثر من 1000 كيلومتر تستخدمها دول محدودة، وتمتلك الصين والهند وإيران وكوريا الشمالية وباكستان فقط صورايخ بمدى ما بين (1000 و2500 كيلومتر)، بينما الصواريخ المتوسطة المدى حاملة الرؤوس النووية التي يبلغ مداها ما بين (2500 و5500 كيلومتر)، موجودة في الصين والهند وإسرائيل وباكستان. أما بالنسبة إلى الصواريخ العابرة للقارات فتعد ضمن تسليح الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة وأمريكا.
لماذا يسمى بالستيا؟
واشتق اسم الصاروخ البالستي من علم "البالستيات Ballistics"، وهو علم من علوم الفيزياء الميكانيكية، يهتم بدراسة المقذوفات من ناحية المسار والعوامل التي تؤثر بالمسار (كسرعة الرياح واتجاهها والاحتكاك وشكل المقذوف).
ويطلق لفظ "بالستي" وفقا لذلك على المقذوفات التي لا يسهم الإنسان بتحديد مسارها وموقع سقوطها بشكل مباشر، بل عن طريق تحديد سرعة واتجاه الإطلاق عن طريق دراسة مسبقة.
ولا تعتمد هذه الصواريخ على محركاتها إلا لتنفيذ الدفعة الأولى للوصول إلى مسارها لتصبح حركتها بعد ذلك مرتبطة بالجاذبية التي تقودها إلى الهدف بسرعة تصل إلى 7 كيلومترات في الثانية، وهو ما يتم توصيفه بعبارة "إذا أصبحت في مسار صاروخ بالستي فأفسح له الطريق".
الألماني فيرنر
وتعود فكرة هذه الصواريخ إلى فترة الحرب العالمية الثانية، عندما صمم المهندس الألماني فيرنر فون براون قذيفة صاروخية مجنحة متوسطة المدى (أي 4 بي)، واستخدمتها ألمانيا النازية في شكل واسع في نهاية الحرب لضرب المدن البريطانية والبلجيكية.
وفي الوقت نفسه، بدأت ألمانيا بتطوير صاروخ بالستي عابر للقارات هو (أي9 أي10) صممه فون بروان أيضاً من أجل ضرب مدينة نيويورك والمدن الأخرى.
وبعد الحرب مباشرة، نقل فون براون وعدد من العلماء الألمان إلى الولايات المتحدة للعمل مع الجيش الأمريكي وتطوير الصواريخ البالستية المتوسطة المدى والعابرة للقارات.
ومع بداية الحرب الباردة اشتدت وتيرة التنافس، وبدأ الاتحاد السوفيتي آنذاك، تطوير برنامج الصواريخ العابرة للقارات تحت إشراف مهندس قوى الدفع سيرغي كوروليوف، الذي قام ببناء الصاروخ «آر 1» معتمداً على تصميم الألماني فون براون، ثم طوره بعد ذلك إلى «آر 7»، ونجح اختبار هذا الصاروخ في أغسطس/آب 1957، وحمل أول قمر اصطناعي روسي «سبوتنيك» في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1957 إلى الفضاء الخارجي.
في المقابل، بدأت أمريكا بتطوير برنامج جديد للصواريخ البالستية العابرة للقارات «أم إكس 774» و«بي 6» الذي سمي بعدها «أطلس»، ونجح في الاختبار في 17 ديسمبر/كانون الأول 1957.
وبدأ انتشار الصواريخ البالستية يتصاعد منذ منتصف عام 1960، وتسعى دول عدة إلى زيادة ترسانتها من هذه الصواريخ وتطويرها بشكل دائم، إضافة إلى سعيها إلى امتلاك صواريخ عابرة للقارت، وكسر احتكار الدول الكبرى لها.
وأعلنت كوريا الشمالية، على سبيل المثال، عن امتلاكها صواريخ طويلة المدى قادرة على الوصول إلى ولاية آلاسكا الأمريكية، وفق وزارة الدفاع الكورية الشمالية.
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4xMzkg جزيرة ام اند امز