برميل النفط عند 100 دولار.. الخاسرون والرابحون في الاقتصاد العالمي
وكالة "بلومبرج" تجيب على الأسئلة الصعبة حول تأثير ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل على الاقتصاد العالمي من ناحية النمو والتضخم.
ماذا يعني وصول النفط إلى 100 دولار للبرميل للاقتصاد العالمي؟".. تساؤل مهم يفرض نفسه في ظل توترات الإمدادات الدولية، واتساع نطاق العقوبات الأمريكية ضد 2 من كبار الموردين فنزويلا وإيران.
هذا التساؤل طرحته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، وحاولت توقع الإجابة، بما يتضمنه من 7 أسئلة مهمة تتعلق بالاقتصاد العالمي من ناحية النمو، ومن يربح ومن يخسر، وتأثير ذلك على الاقتصادات الأكبر والبنوك المركزية والتضخم.
وتوقعت الوكالة الأمريكية، أن يختلف تأثير وصول النفط إلى 100 دولار للبرميل للاقتصاد العالمي على الدول.. فالدول المنتجة للنفط ستكون من الفائزين، وأبرزهم السعودية وروسيا والنرويج ونيجيريا فيما الدول المستوردة صاحبة الاقتصادات الناشئة من الخاسرين، وأبرزهم تركيا وأوكرانيا والهند.
فيما سيحقق الاقتصاد الأمريكي خسائر من ارتفاع أسعار النفط أكثر من مكاسبه، وسيتأثر النمو العالمي بالسلب، وترتفع معدلات التضخم في المدى القصير.
وأكدت وكالة "بلومبرج"، أن خام برنت ارتفع نحو 33% هذا العام، ويقترب من أعلى مستوياته في 6 أشهر.
وأضافت، بينما يعكس ارتفاع الأسعار بسبب الطلب القوي عادة اقتصادا عالميا قويا، إلا أن الصدمة الناتجة عن نقص المعروض كانت أمرا سلبيا.
وهذه هي الأسئلة السبعة وإجاباتها وفقا لخبراء استطلعت آراءهم الوكالة الأمريكية.
1- ماذا يعني بالنسبة للنمو العالمي؟
ارتفاع أسعار النفط سيضر بدخل الأسرة وإنفاقها وقد يؤدي إلى تسارع التضخم.
وبالنسبة للدول المستوردة للطاقة، فالصين باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم معرضة للخطر، كما ستتعرض العديد من الدول في أوروبا التي تعتمد الطاقة المستوردة للخطر أيضا.
كما أن الآثار الموسمية سوف تؤثر أيضا على النمو العالمي، فمع اقتراب صيف نصف الكرة الشمالي، يمكن للمستهلكين تبديل مصادر الطاقة وتقليص استخدامها، كما أن الاقتصاد العالمي المتباطئ سيضر بالطلب وبالتالي يواصل الحد من ارتفاع الأسعار.
2- كيف يمكن للاقتصاد العالمي استيعاب سعر النفط عند 100 دولار؟
إن ثبات النفط فوق الـ 100 دولار، يعتمد على سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية وارتفاعه وانخفاضه أمامها، لأن تسعير النفط الخام يكون بالدولار.
وحسب تحليل أجرته مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس"، للاستشارات الاقتصادية العالمية أن سعر خام برنت عند 100 دولار للبرميل بنهاية عام 2019، يعني أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون أقل 0.6% مما كان متوقعا حاليا بحلول نهاية عام 2020، مع ارتفاع معدل التضخم بمتوسط 0.7%.
وكتب الاقتصاديان في جامعة أكسفورد، جون باين وجابرييل ستيرن في مذكرة: "نرى مخاطر متزايدة على النمو لارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ".
3- من يربح من ارتفاع أسعار النفط؟
تهيمن الاقتصادات الناشئة على قائمة الدول المنتجة للنفط، وهذا هو سبب تأثرها أكثر من الدول المتقدمة.
وستساعد الزيادة في الإيرادات في إصلاح الميزانيات وعجز الحساب الجاري، ما يسمح للحكومات بزيادة الإنفاق الذي يحفز الاستثمار.
ومن بين أبرز الفائزين المملكة العربية السعودية وروسيا والنرويج ونيجيريا والإكوادور، وفقًا لتحليل مؤسسة نومورا هولدينجز اليابانية.
4- من يخسر؟
تواجه تلك الاقتصادات الناشئة التي تعاني من العجز في الحساب الجاري والعجز المالي خطر تدفقات رأس المال الكبيرة والعملات الأضعف، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع التضخم، وهذا بدوره سيجبر الحكومات والبنوك المركزية على تقييم خياراتها: رفع أسعار الفائدة حتى مع تباطؤ النمو أو التخلص منه والمخاطرة بهروب رأس المال، وتشمل قائمة الخاسرين عدة دول أبرزها تركيا وأوكرانيا والهند.
5- ماذا يعني بالنسبة لأكبر اقتصاد في العالم؟
على الرغم من محاولة منتجي النفط في الولايات المتحدة الاستفادة من أي زيادة في المبيعات من العملاء الذين يبتعدون عن إيران، فإن الاقتصاد الأمريكي الأوسع نطاقا لن يشهد بالضرورة مكاسب من ارتفاع سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل.
بل سيكون ذلك بمثابة ضغط على المستهلكين الأمريكيين الذين يشكلون العمود الفقري للنمو الاقتصادي الثابت، لا سيما مع ارتفاع أسعار البنزين بالفعل أكثر من 7% هذا الشهر إلى 2.89 دولار للجالون، ما قد يؤثر على مبيعات التجزئة التي قفزت في مارس/ آذار لأعلى مستوياتها منذ عام 2017.
6- هل سيؤدي ذلك إلى ارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم؟
نظرًا لأن الطاقة تحتل مكانة بارزة في مقاييس أسعار المستهلك، ينظر صانعو السياسة إلى المؤشرات الأساسية التي تزيل المكونات المتقلبة.
وإذا ثبت أن الزيادة في الأسعار كبيرة ومستدامة، فستتحول هذه التكاليف إلى وسائل النقل والمرافق، ما يعني ارتفاع التضخم في أغلب دول العالم.
7- ماذا يعني بالنسبة للبنوك المركزية؟
بقيادة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي)، اتخذت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم اتجاها مسالما، حيث إن غياب التضخم يسمح لصانعي السياسة بتحويل تركيزهم إلى تباطؤ النمو.
ومن غير المرجح أن يتغير هذا بسرعة، حيث خفض صندوق النقد الدولي هذا الشهر توقعاته للنمو العالمي، وقال إن العالم يمر "بمرحلة دقيقة"، لهذا يتوقع أن يتأخر تأثير ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل على سياسات البنوك المركزية في العالم.