خلافات باسيل وحزب الله حول "مار مخايل".. مصالح داخلية ورسائل خارجية
بعد 15 عاما على ما يعرف في لبنان بـ"اتفاق مار مخايل" بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ارتفعت بالآونة الأخيرة بعض الأصوات للعمل على إعادة النظر به.
هذه الأصوات عدها خبير سياسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، تحمل مصالح شخصية ورسائل خارجية بينما على أرض الواقع فإن الاتفاق لا يمكن أن يهتز.
وأكد أن التيار لا حليف له اليوم إلا حزب الله ومن دون دعمه لا يمكنه فعل أي شيء، كما أن حزب الله أيضا يحتاج إلى حليف خارج الوضعية الشيعية المتمثلة بحركة أمل.
وفي 6 فبراير/شباط 2006، وقع أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر (آنذاك) الرئيس الحالي عون تفاهما في كنيسة مار مخايل ببيروت، للعمل معا في معالجة قضايا هامة أبرزها "بناء الدولة".
وتتألف وثيقة التفاهم من 10 بنود، أبرزها "قانون الانتخاب"، و"العلاقات اللبنانية السورية"، و"حماية لبنان"، وبند آخر بعنوان "بناء الدولة".
ومؤخرا، بدأت تظهر خلافات بين الطرفين في قضايا عدة محلية واستراتيجية، منها قانون العفو العام وقانون الانتخابات والسلام مع إسرائيل، وأخيرا فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على رئيس "التيار" النائب جبران باسيل، وبدأت حالة من الاستياء من قبل مناصري باسيل وحتى بعض النواب المحسوبين عليه.
واعتبروا أن هذا التحالف ينعكس سلبا عليهم ليزيد الاحتقان شيئا فشيئا بين الطرفين، ثم جاء إقرار رئيس "التيار" بضرورة إعادة النظر بالاتفاق.
وبعد ذلك حديث لنائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي قال: "هناك أفكار يحضرها الطرفان لمناقشة ورقة التفاهم، والتحضيرات بدأت بين الجانبين".
ليعود قبل يومين "التيار" ويصدر بيانا في الذكرى الـ 15 لتوقيع الاتفاق أكد فيه على "ضرورة تطوير التفاهم"، مقرا بأنه "لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، وتطويره شرط لبقاء جدواه".
وفيما تقول مصادر في "التيار الوطني الحر" للعين الإخبارية إن المشكلة في التحالف مع "حزب الله" هي رفضه إقرار قوانين مرتبطة بمحاربة الفساد وقد بدأ البحث عبر لجنة مؤلفة من الطرفين لتعديل أو تطوير الاتفاق، يربط حزب الله الخلاف بين الاثنين بمطالبة "التيار" بالحصول على المناصفة في الوظائف بين المسيحيين والمسلمين على خلاف ما ينص عليه الدستور اللبناني الذي يطرح هذا الأمر فقط في وظائف الفئة الأولى في الدولة وليس في جميعها.
واستفاد الجانبان من التحالف على الصعيد السياسي والشعبي وفي تشكيل الحكومات المتعاقبة والانتخابات النيابية حيث باتا يشكلان الأكثرية في البرلمان، وهو الذي كان له الدور الأساسي في إيصال ميشال عون لرئاسة الجمهورية بعد تعطيل الانتخابات سنتين ونصف السنة.
ومع الأزمة السياسية التي يمرّ بها لبنان بين الخلاف على المحاصصة في الحكومة والسباق المبكر على انتخابات رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية، يشكّك محللون في لبنان بالخلاف بين "التيار" و"حزب الله" ويضعونه في خانة المزايدات السياسية التي لم ولن تؤثر على التحالف بينهما لمصلحة الطرفين به.
هذا الأمر يؤكد عليه المحلل السياسي، ومسؤول الإعلام والتواصل في "حزب القوات اللبنانية" شارل جبور، في حديث لـ"العين الإخبارية".
وقال جبور إن الواقع الذي وصلت إليه البلاد تجاوز مسألة اتفاق مار مخايل ولم يعد أحد يتوقف أمامه بعدما تجاوزت الأحداث الطرفين لا سيما نتيجة الفشل الذي أصيب به العهد وما وصلت إليه البلاد.
وتساءل: "هل الآن اكتشف باسيل أن الاتفاق لم ينجح في محاربة الفساد علما أنه قام في الأساس بين الطرفين على قاعدة لا علاقة لها بمشروع الدولة في لبنان في دعم التيار للسلاح غير الشرعي على حساب السيادة في لبنان".
وأوضح جبور أن "حزب الله يريد أن يؤمن لنفسه ليس فقط الغطاء المسيحي لسلاحه غير الشرعي، إنما أيضا الثلث المعطل في الحكومة والأكثرية النيابية في البرلمان مقابل هدف عون الدائم المتمثل بالحصول على السلطة التي لطالما كان يسعى إليها من رئاسة الجمهورية التي حصل عليها بدعم من حزب الله، إلى الوزارات المهمة والدليل على ذلك عندما أوقف في وقت سابق تشكيل الحكومة من أجل عيون صهره بدعم من حزب الله رغم خسارته في الانتخابات النيابية".
واعتبر جبور أن الخلاف بين الطرفين يضعهما في خانة المزايدة لمصلحة كل منهما لعدة أسباب.
وتابع: "في ظل الصراع الحالي لتأليف الحكومة والذي لا ينتهي بالصراع على رئاسة الجمهورية فإن باسيل يحاول التلويح وتهديد حزب الله بقوله بشكل غير مباشر: إذا كنت تريد مساواتنا مع الرئيس المكلف (سعد الحريري) أو بمرحلة لاحقة في الانتخابات الرئاسية مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية (الذي يعتبر من أبرز المرشحين للرئاسة) أو بعدم أخذ بعين الاعتبار حجمنا التمثيلي سنكون بحل من هذا الاتفاق، وبالتالي تحذير مسبق بأنه على استعداد لفك الارتباط في حال حزب الله أراد التنصل من الاتفاق".
ووراء طرح باسيل هذا "الخلاف" في الوقت الحالي، رسالة لأمريكا، بحسب جبور، تتمثل في أن " العلاقة مع الحزب ليست جيدة بهدف رفع العقوبات الأمريكية التي فرضت أخيرا عليه حيث إن هناك حديثا عن مقايضة يقوم بها باسيل مع فرنسا لرفع العقوبات مقابل تسهيل تشكيل الحكومة، وهذا إذا حصل سيؤدي إلى عودته للسباق الرئاسي".
قبل أن يستدرك: "لكن كل هذه الرسائل شكلية والاتفاق لا يمكن أن يهتز؛ لأن التيار لا حليف له اليوم إلا حزب الله وأيضا لا إمكانية لأي تفاهم مع مجموعات الانتفاضة، وبالتالي فإن التيار من دون حزب الله ودعمه لا يمكنه فعل أي شيء؛ لأنه دائما يبقى بحاجة للفيتو من حزب الله ولقوة سلاحه، وهذا ما أثبتته كل التجارب السابقة".
كما أن حزب الله أيضا يحتاج إلى حليف خارج الوضعية الشيعية المتمثلة بحركة أمل ولأصواته ولغطاء مسيحي أوسع من حليفه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يمكنه من توفير غطاء للتمدد داخل الدولة من هنا وباختصار "يعني هناك توزيع أدوار متبادلة بينهما نتيجة الحاجة والمصلحة التي لا تزال قائمة ".