مظاهرات البصرة.. مليشيات إيران تزج بالعراق إلى مستنقع العنف
البصرة تشهد مظاهرات تطالب بتوفير الخدمات، وتغيير النظام السياسي، وإنهاء الوجود الإيراني في العراق.
حذر خبراء ومسؤولون عراقيون، الخميس، من محاولات المليشيات الإيرانية الزج بالعراق في مستنقع العنف، بإشعال الأزمات وزيادة حدة مظاهرات البصرة، باستهداف المتظاهرين، الذين قتلت منهم 13 وأصابت أكثر من 100 شخص.
وتشهد مدينة البصرة، عاصمة العراق الاقتصادية، منذ أكثر من شهرين، تدهورا ملحوظا، إثر المظاهرات التي تطالب بتوفير الخدمات، وتغيير النظام السياسي وإنهاء الوجود الإيراني في العراق.
- إلغاء حظر التجوال في البصرة قبل دخوله حيز التنفيذ
- الاحتجاجات توقف العمل في ميناء أم قصر الأكبر بالعراق
وأكد خبراء أن هذه الأفعال الإيرانية جاءت على خلفية خروج المليشيات الطائفية التابعة لإيران، والمنضوية في تحالف "الفتح" و"كتلة دولة القانون" التي يتزعمها رئيس حزب الدعوة نوري المالكي وسياسيون عراقيون آخرون من الطوائف المختلفة تابعون لإيران وقطر، من التحالف الذي سيشكل الحكومة المقبلة، الأمر الذي يعده خبراء سياسيون معمقا للصراع الطائفي.
وباتت خريطة الصراع في مدينة البصرة أكثر تشابكا، بعد إعلان تحالف محور "سائرون"، الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، تشكيله الكتلة البرلمانية الأكبر بعد التحالف مع رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي، الذي يتزعم "ائتلاف النصر"، وزعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، وزعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي.
محاولة للحصول على مكاسب سياسية
"مظاهرات البصرة انطلقت بعفوية".. هذا ما قاله عماد الخزاعي، الخبير السياسي العراقي، نافيا أي انقسام بين المتظاهرين، لكنه أكد "وجود مندسين تدفعهم المليشيات والأحزاب التابعة لإيران إلى تحريف مسار التظاهرات السلمية إلى أعمال عنف".
وأوضح الخزاعي لـ"العين الإخبارية"، أن "الصراع بين الأحزاب السياسية وصل إلى ذروته، وبدأت هذه الأحزاب، خصوصا الجهات الخاسرة في الانتخابات أو التي لم تستطع تشكيل الكتلة الأكبر، تتوجه إلى الشارع للضغط والحصول على المكاسب السياسية، بما يتعلق بالكتلة الأكبر وبتركيبة الحكومة العراقية المقبلة".
وأكد أن "المراحل التي قطعتها التظاهرات في البصرة حتى الآن، تعبر عن نضج أكثر لدى المتظاهرين، فتوالي الأزمات أدى إلى خروج المتظاهرين عن السياقات المعروفة، وموضوع التظاهرات مألوف لدى العراقيين خصوصا في السنوات الـ5 الماضية، لكن اللامبالاة والإهمال من قبل الحكومة، وعدم معالجة المشكلات بشكل جذري، أجبر البصريين على أن يسخطوا وهم محقون طبعا فيما ذهبوا إليه".
وتابع الخزاعي: "المندسون والأيادي الخفية داخل صفوف المتظاهرين أدوات للأحزاب السياسية العاملة والمرخصة وربما الفائزة في الانتخابات، وهدفها الإساءة للمتظاهرين واستغلال الفرصة هنا أو هناك"، محذرا من "انفلات الأمور من سيطرة الحكومة العراقية".
وأشار الخزاعي إلى جهات سياسية، عرفها بشركاء الأمس وخصوم اليوم (في إشارة إلى الصراع بين إيران والأحزاب والمليشيات التابعة لها من جهة والأطراف الأخرى التي تحاول ترك المحور الإيراني من جهة أخرى) تعمل من خلال الضغط على المتظاهرين لإشعال العنف، وبالتالي تخريب العملية السياسية والضغط على شركاء الأمس تحت قبة البرلمان.
المليشيات تسيطر على الملف الأمني
على الرغم من وجود قوات نظامية عراقية متمثلة بالجيش والشرطة داخل محافظة البصرة، فإن مفاصل الملف الأمني تخضع للمليشيات الإيرانية، خصوصا مليشيات بدر التي يترأسها الإرهابي هادي العامري، وحزب الله برئاسة الإرهابي أبو مهدي المهندس، والعصائب برئاسة الإرهابي قيس الخزعلي، إضافة إلى الجناح العسكري لحزب الدعوة.
وتتلقى هذه المليشيات دعمها من الحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس بقيادة الإرهابي قاسم سليماني.
وبحسب معلومات دقيقة، فإن وزارة الداخلية العراقية التي ينتمي وزيرها قاسم الأعرجي إلى مليشيا بدر، لا تستطيع تعيين أي قائد أو مسؤول عسكري دون العودة إلى هذه المليشيات، ونيل موافقة فيلق القدس الذي يوجد مستشاروه وضباطه في كل الوزارات العراقية، وبالتالي تتولى المليشيات عملية السيطرة على الوضع الأمني في البصرة، وقمع التظاهرات التي تشهدها المدينة منذ أكثر من شهرين.
قناصة إيران في البصرة
أكد مصدر مسؤول في محافظة البصرة دخول قوات خاصة إيرانية قوامها ٤٠٠ مسلح، غالبيتهم من القناصة ضمن تشكيلات فيلق القدس إلى البصرة الأسبوع الماضي، عبر منفذ الشلامجة الحدودي.
وأضاف المصدر لـ"العين الإخبارية"، مفضلا عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن "هذه القوة انضمت إلى قوة أخرى قوامها ٦٠٠ مسلح كانت قد دخلت البصرة في يوليو/تموز الماضي"، مشيرا إلى أن عناصر فيلق القدس حاليا في مجمع القصور الرئاسية المجاورة للقنصلية الإيرانية في منطقة البراضعية وسط البصرة الذي يضم مقرات المليشيات الإيرانية، مبينا أن العشرات من قناصة فيلق القدس يرتدون زي القوات الأمنية العراقية.
وأوضح المصدر، أنهم تمركزوا خلال الأسبوع الجاري فوق الأبنية الاستراتيجية وسط البصرة المطلة على ساحات التظاهرات، خصوصا قرب المحافظة لاستهداف المتظاهرين وإشعال فتيل حرب داخلية بين القوات العراقية والمتظاهرين، وتحريف مسار التظاهرات من سلمية إلى مسلحة والضغط على الحكومة العراقية والأطراف السياسية التي رفضت المشروع الإيراني.
المليشيات الإيرانية.. قتل بغرض الفتنة
"طلقة في الرأس".. هذه هي طريقة الموت التي تجمع قرابة 13 قتيلا من المتظاهرين، خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أكده مصدر مسؤول، الذي أوضح أنهم قتلوا من قِبل القناصة الإيرانيين.
وأضاف المصدر أن "الهجوم المسلح الذي تعرضت له القوات الأمنية العراقية مساء الإثنين داخل محافظة البصرة، لم يشنه متظاهرون، بل نفذته مجموعة من مليشيا العصائب بقنبلة يدوية، وقد شاهد المتظاهرون عناصر العصائب وهم يرمون القنبلة على القوات الأمنية العراقية من وسط المتظاهرين".
وأشار إلى أن "عملية حرق مبنى محافظة البصرة نفذتها كذلك مجموعة مكونة من مليشيات بدر والعصائب وحزب الله، وكانوا يرتدون ملابس مدنية، وأهالي البصرة يعرفونهم جيدا"، لافتا إلى أن المليشيات اعتقلت، خلال اليومين الماضيين، المئات من أبناء البصرة وأرسلتهم إلى أماكن مجهولة.
وأضاف أن القوات الأمنية العراقية انسحبت من غالبية مناطق البصرة وسلمت أماكنها للمليشيات بأوامر مباشرة من الإرهابي قاسم سليماني، مشيرا إلى أن القوات الموجودة حاليا في البصرة التي تلقت تعزيزات عسكرية شملت دبابات ومدرعات جميعها تابعة للمليشيات الإيرانية، وترتدي زي القوات العراقية، وقد تلقت أوامر من هادي العامري بضرب المتظاهرين بالنار وإخماد التظاهرات التي تطالب بإنهاء الوجود الإيراني في العراق.
aXA6IDMuMTQ3LjIwNS4xOSA= جزيرة ام اند امز