عملية الحديدة أسقطت ورقة التوت الأخيرة التي كان نظام الدوحة جاهدا يتستر خلفها
أسقطت عملية الحديدة ورقة التوت الأخيرة التي كان نظام الدوحة جاهدا يتستر خلفها، فبدا للجميع ما كان خافيا من سوءاته.. لقد جردت العملية نظام الحمدين من كل ما كان يتمترس خلفه من شعارات حمل الهم العربي والسعي لمصلحة اليمن، وعرّتْ زيف الأكاذيب التي يلفقها إعلامه، ودموع التماسيح التي طالما قدمها طعما للمشاهد العربي..
كل ما سبق حققته عملية الحُديدة ولما تتجاوز أيامها الأولى، ما يؤكد أنها قد تكون منعطفا حاسما في مسار إعادة الشرعية لليمن السليب وتطهيره من براثن المليشيا الحوثية ومن شايعها، والخطوة إلى النصر المؤزر للأمة العربية في وجه الهجمة الفارسية التي رأت في اليمن خاصرة رخوة يمكن النفاذ منها، ولم تعدم من النظام القطري الدعم والمساندة سرا وعلانية إعلاميا وتمويليا.
إن أبرز دليل على تعرية عملية الحديدة للنظام القطري هو التقارب حد التماهي بين الإعلام القطري والإعلام الحوثي في تلفيقاتهما وتزييفهما للواقع على الأرض.
وما كان مثل هذا التقارب التحريضي ليخفى ـ خصوصا على ذي خبرة ـ منذ بداية الأزمة، ولكن عملية الحُديدة أظهرته جليا حتى للمتابع العادي، الذي أصبح يجد صعوبة في التفريق بين الإعلاميْن القطري والحوثي، فكلاهما يوجه الرسائل نفسها ويبث الدعاية ذاتها، وإذا كان هذا مستساغا من الإعلام الحوثي الذي هو إعلام مليشيا كهنوتية مكشوفة الخلفيات والدوافع، تفرض نفسها بالسلاح على شعب لا حول له ولا قوة، فهو في حالة الإعلام القطري تصرف مستفز، لا يمكن مطلقا تبريره من إعلام دولة عضو في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية وفي مجلس التعاون الخليجي، لكن الحقد القطري على دول التحالف العربي وخصوصا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، جعل الدوحة تتماهى مع المليشيا في موقف سيكتبه التاريخ وصمة عار لا تُمحى من جبين حكام قطر.
لم تُزل عملية الحديدة اللبس فقط، بل أظهرت حقيقة نرددها دائما وهي أن مشروع الدولة الوطنية الذي تتبناه الدول الخيرة هو الذي يحمل مستقبلا مشرقا للشعوب العربية أما مشروع الفتنة والقتل والإرهاب الذي يتبناه تنظيم الإخوان والقاعدة وداعش والحوثيون وغيرهم ومن خلفهم قطر وإيران هو مشروع هدم
في مقابل مذمة الخيانة القطرية المفضوحة للأمة العربية وأمنها القومي، سيكتب التاريخ بحروف تتلألأ بالنور البطولات التي يسطرها أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن، حيث تلقوا بصدورهم للرصاص الذي كان متوجها لأبناء الشعب اليمني.. سيكتب لهم التاريخ أنهم دافعوا عن الأمن القومي العربي للحيلولة دون الاحتلال الإيراني لليمن، والتوسع منه لاحتلال دول عربية أخرى، وسيسجل التاريخ في صفحات المجد ذاتها لدول التحالف العربي جميعاً، بقيادة المملكة العربية السعودية، أنهم وقفوا مع إخوانهم اليمنيين بأموالهم وأنفسهم؛ ولا غروَ، فمواقف هؤلاء الأشبال من مواقف أولئك الأسود.
إن المراقب الموضوعي لما يجري في اليمن لا يمكن إلا أن يسجل بقلق التعاطي الدولي غير المفهوم مع الملف، فبالنسبة للمجتمع الدولي فقد حذر من تخوفاته من تضرر المدنيين في الحديدة، متجاهلاً حرص الجيش اليمني والمقاومة الشعبية ودول التحالف العربي من ورائهم، على سلامة وأمن أبناء جلدتهم، وسعيهم لقطع دابر المليشيا وبسط الشرعية وبث الطمأنينة في الحديدة.
المؤكد هنا أن هذه الدول الغربية لم تتذرع بهذه الحجة محبة لسواد أعين أهلنا في اليمن، لكني أتوجه لهم بسؤالين اثنين: لماذا أصدرتم القرار ٢٢١٦ تحت البند السابع مطالبين بعودة الشرعية في اليمن؟ ألم تدخل عملية الحديدة وتحرير مينائها ضمن هذا القرار؟
لست هنا في موقف للبحث عن شرعية التخوف من استهداف المدنيين، وأعلم يقيناً أن دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أحرصُ على دماء الشعب اليمني من الجميع، وإلا فلماذا يضحون بأبنائهم للدفاع عن الشعب اليمني؟
عكس الافتراءات القطرية-الحوثية، فميناء الحديدة، وبشهادة الجميع، هو المنفذ الوحيد الذي تزود منه إيران مليشيا الحوثي بالسلاح الفتاك، وبالصواريخ طويلة المدى، وذلك لقتل أبناء اليمن، ومحاولة زعزعة الاستقرار في المملكة العربية السعودية..
كان على المجتمع الدولي وكل المتباكين اليوم على المدنيين في اليمن، ولا أحاشي من الأقوام من أحد، أن يتحملوا مهمة تحرير ميناء الحديدة على عواتقهم بعد فشل المبعوثيْن الأمميين السابق والحالي في إقناع مليشيا الحوثي بتسليم الميناء للأمم المتحدة، وبعد الكشف في مجلس الأمن الدولي بأن الصواريخ التي تطلقها المليشيا الحوثية على المملكة العربية السعودية صواريخ إيرانية الصنع.
أما تنظيم الإخوان الإرهابي فقد كشفت عملية الحديدة عن وجهه البغيض الحاقد على دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث جُن جنونه منذ انطلاق العملية، متمنياً أن لا يكون لدولة الإمارات أي دور في تحرير ميناء الحديدة، إلا أن طلائع جنود أبناء زايد خيبت آمالهم، وكان تقديمهم أربعة شهداء في اليوم الأول من العملية كصاعقة على التنظيم الإرهابي، إذ أظهر ذلك أن بواسل الإمارات يقاتلون في الخطوط الأمامية، وأمام أبناء اليمن، لإعلاء صوت الحق، كما بُهِتَ التنظيم وإعلامه القطري من زيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي لدولة الإمارات، قاطعاً بذلك حبل كذبهم وبَثهم للفتنة بين الأخوة، لحاجة في نفس فارس.
لم تُزل عملية الحديدة اللبس فقط، بل أظهرت حقيقة نرددها دائما وهي أن مشروع الدولة الوطنية الذي تتبناه الدول الخيرة هو الذي يحمل مستقبلا مشرقا للشعوب العربية، أما مشروع الفتنة والقتل والإرهاب الذي يتبناه تنظيم الإخوان والقاعدة وداعش والحوثيون وغيرهم ومن خلفهم قطر وإيران هو مشروع هدم لن يجد طريقا أمام المشروع الخيِّر مهما كان الثمن، هذا ما تفصح عنه الحديدة وما بعدها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة