معركة الموصل .. 50 يوما من الخسائر الفادحة بصفوف داعش
توقعات بأن نجاح معركة الموصل .. بداية النهاية لـ داعش
استأنفت القوات العراقية المرحلة الثانية من معركة الموصل، الخميس الماضي، وترصد بوابة "العين" المرحلة الأولى من المعركة.
"قادمون يا نينوي" بهذا العبارة أعلنت القوات العراقية المتحالفة ضد تنظيم داعش الإرهابي بدء معركة الموصل، كبداية لاستعادة المدينة العراقية التاريخية من يد داعش، في يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وطوال المرحلة الأولى بالمعركة تكبد داعش خسائر فادحة في صفوفه.
وتمثل الموصل أهمية كبري للأطراف المتصارعة، حيث تعد الموصل هي المدينة العراقية الثانية من حيث عدد السكان، ويتميز التركيب السكاني للمدينة بالتنوع، لتضم عراقيين سنة من خمس قبائل هي: الحبور، طئ، الدليم، شمر، البقارة، فضلًا عن وجود أعداد كبيرة من مسيحي العراق والأكراد والتركمان قدرت بحوالي 450 ألف نسمة، وقدرت الإحصاءات عدد سكان الموصل قبل سيطرة داعش، بحوالي 3 ملايين نسمة.
أهمية معركة الموصل
تقع الموصل على بعد 400 كم من شمال العاصمة بغداد، وفرض تنظيم داعش سيطرته على المدينة في يونيو/حزيران 2014، فهي المدينة العراقية الأكبر التي يتواجد فيها داعش حتى الآن، بعد تلقى التنظيم الإرهابي عدة هزائم متعددة في العراق وطرد في 2016 من مدن الفلوج، تكريت، سنجار، القيارة، الشرقاط، لذا تعد هزيمة داعش وطردها من الموصل هي نقطة فاصلة في مسار الدواعش والتنظيم الإرهابي.
فهي المركز الرئيسي لمحافظة نينوي العراقية، والانتصار لصالح القوات العراقية المكونة من الجيش العراقي، والأكراد، وقوات البيشمركة، بالإضافة لقوات مكافحة الإرهاب المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا، يرجح التحليلات السياسية التي نشرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية عبر موقعها في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي أشارت إلى أن فشل داعش في المعركة، يعني السقوط والانهيار التام، ليس فقط لخسارته مدن هامة، بل لفقده إمدادات مالية ونفطية، فـالموصل لها موقع استراتيجي لقربها من الحدود العراقية السورية، والحدود العراقية التركية، الطرق الرئيسية لإمدادات التنظيم وعناصره.
المرحلة الأولى
وفي يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول أعلنت القوات العراقية بدء معركة استعادة الموصل من يد داعش، بأكثر من 140 ألف مقاتل، لتنجح القوات العراقية طوال الـ 50 يومًا فترة القتال الأولى قبل إعلانها توقف المعركة لسوء الأحوال الجوية وسقوط الثلوج على شمال العراق، في السيطرة على 338 بلدة وقرية حول وداخل الموصل، وطرد عناصر داعش خارج البلدات المحررة.وفي الوقت نفسه أسهمت قوات مكافحة الإرهاب في طرد داعش من حوالي 28 حي في الناحية الشرقية بمدينة الموصل، وحررت 1400 كم2 حول الموصل، و115 كم2 غرب المدينة.
وفي يوم 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سيطرت القوات العراقية على مدينة قراقوش، أكبر المدن المسيحية بالعراق، واستطاع المقاتلون استرجاع قراقوش التي وقعت تحت سطوة داعش في يوليو/ تموز 2014، وقاموا بممارسات عنيفة ضد سكانها، بنشر بيانات تهدد مسيحيّ المدينة بدفع الجزية والانصياع لأوامرهم، أو القتل في حال عدم تنفيذ الأوامر، ليختار أهل قراقوش عددهم 50 ألف مسيحي، الهروب تاركين منازلهم ومقتنياتهم، خوفًا من بطش داعش، الذي عبث بمقدسات وآثار المدينة، حيث بني داعش جدرانًا اسمنتية على كنائس المدينة العراقية.
وبتحرير قراقوش جنوب الموصل، احتفل مسيحو المدينة بالشموع والموسيقى والرقص على الأغاني، لتقدم القوات ودخولها لـ المدينة، بإقامة أول صلاة بكنائس "مارشيمون ماركوركيس"، في نهاية أكتوبر الماضي.
كما نجحت قوات الشحد الشعبي في تطويق مدينة "تلعفر" شمال العراق، المدينة الرابطة بين الحدود العراقية السورية في 29 أكتوبر، وتمثل أهمية كبرى لجميع الأطراف المتنازعة بالمعركة لموقعها الاستراتيجي ولطبيعة تركيبها السكاني المكون من السنة والتركمان والشيعة. لذا يعتبر السيطرة عليها نقطة تحول فاصلة بالمعركة.
كما استطاعت القوات المتحالفة يوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، طرد داعش من مدينة بعيشقة، المدينة التي تضم 20% من سكانها من المسيحيين، واحتوت بعيشقة على 7 كنائس أثرية فضلًا عن المزارات الدينية، ولكن فرضت عناصر داعش سيطرتها على المدينة منذ أغسطس/ آب 2014، ليفرّ 25 ألف مسيحي عراقي من الموصل في نفس العام.
وفي 13 نوفمبر خسر داعش أهم المدن الآثرية التي فرض سيطرته عليها، لتطرد عناصره من مدينة نمرود الأشورية الواقعة جنوب الموصل، والتي تعرضت لسلب ونهب وتخريب باللوحات الجدارية والآثار الأشورية منذ عامين على يد الدواعش، كما اعتبرت القوات العراقية أن استعادة البوسيف التي تبعد 3 كم عن مطار الموصل في منتصف نوفمبر، هي خطوة تزيد الخناق على داعش بالمعركة.
تدمير الجسور
وخلال المرحلة الأولى بالمعركة، عملت القوات المتحالفة على عزل داعش بتدمير 4 جسور رئيسية بالموصل، وأثار القصف الجوي المستمر من التحالف الدولي لجسور الموصل مخاوف لدي بعض المنظمات الدولية من عملية إجلاء المدنيين والنازحين لخارج الموصل.
ومنذ 15 أكتوبر حتى 22 نوفمبر دمرت جسور الحرية، والمثني، والجسر الربع، وجسر الشهداء، بهدف إيقاف طريق الإمدادات بين شرق الموصل وغربها القادمة لمقاتلي داعش.
خسائر داعش
ويبدو أن خسارة داعش لم تكمن في فقد السيطرة على بلدات وقري وجسور هامة بالموصل، إنما امتدت إلى خسائر بشرية ومادية في صفوف المقاتلين وفي المعدات والآلات ومواد التسليح، وطوال الـ 50 يومًا الأولى بالمعركة، قتل أكثر من 1500 داعشي، و3 داعشيات مقاتلات أجنبيات، بالإضافة لقتل أكثر من 32 مسلحا على يد مقاتلات إيزيديات، وأسر أكثر من 90 داعشيا.
وتكبد داعش خسائر مادية فادحة، بتدمير 237 سيارة تابعة للتنظيم على يد قوات جهاز مكافحة الإرهاب، وفقد 332 سيارة مفخخة، و6 مدافع مضادة للطائرات، وأكثر من 40 سيارة مسلحة ودراجة بخارية، ومئات العبوات الناسفة و61 حزامًا ناسفًا، كما سيطر الجيش العراقي على 25 سيارة، 1077 عبوة ناسفة، وقطع سلاح متنوعة قدرت بحوالي 170 قطعة.
جرائم داعش
وفي الوقت نفسه، استمرت بعض الجرائم البشعة من جانب التنظيم الإرهابي بحق العديد من المدنيين أثناء عملية النزوح، والعسكريين بداخل المعركة، وقاموا بإعدام العشرات من المدنيين داخل السجون بقرى الموصل، وقتل المئات رميًا بالرصاص، وحرق معامل كبريت وحقول نفط القيارة ما تسبب في إصابة الأطفال وكبار السن بأمراض الجهاز التنفسي، ولجأ بعض الدواعش لحيل استخدام المدنيين من النساء والأطفال كدروع بشرية بهدف تعطيل المعركة.
النازحون
ومع تزايد وتيرة الحرب تتضاعف مأساة المدنيين، حيث خرج من الموصل منذ بداية الحرب حوالي 137 ألف نازح عراقي، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وتمكنت القوات من تحرير وإنقاذ 1396 أسرة نازحة من يد الدواعش
وبدأت منظمة الأمم المتحدة والحكومة العراقية الاستعداد قبل عدة أشهر من المعركة، بتجهيز المخيمات في أربيل ونينوي وكردستان لاستقبال أعداد النازحين المتوقع أن تصل أعدادهم لأكثر من مليون عراقي في حال استمرار المعركة لثلاثة أشهر أخرى كما أوضح حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، في تصريحات سابقة.
وفي مدينة دهوك جهزت الهيئة العامة لمفوضية الأمم المتحدة 5 مخيمات تسع لـ 50 ألف نازح، وأقيم مخيم الخازر لاستقبال أكثر من 400 نازح، وفي القيارة استقبل مخيم الجدعة 3300 نازح عراقي، وبإقليم كردستان جهز مخيم دبيكة لاستقبال ألفي عراقي، بالإضافة لمخيمات قيد الإنشاء تسع لـ 7 آلاف نازح.
وفي ظل سوء الأحوال الطقسية وسقوط الثلوج على جبل سنجار، يعاني 9 آلاف عراقي نازح متواجد بالمخميات لسوء الطقس، كما توقعت الأمم المتحدة زيادة معاناة 700 ألف آخرين من نقص المساعدات الإنسانية.
المرحلة الثانية
وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تم استئناف معركة الموصل من جديد بعد تأجيل المرحلة الثانية عدة مرات لسوء الطقس، ولبعض الظروف اللوجستية التى واجهت القوات العراقية. وخلال يومين أعلنت مكافحة الإرهاب السيطرة على حي القدس الواقع بالحي بالشرقي، مؤكدًا أن داعش تكبد عدة خسائر في صفوفه أثناء المعركة، مع تقدم بحي الانتصار.
وتتركز المعركة بهذه المرحلة على الأحياء الشرقية بمدينة الموصل، التى تعد نقطة هامة لعملية استعادة المدينة بالكامل من يد داعش، التي تشارك فيها 140 مقاتلا بينهم 35 ألفا بالجيش العراقي، و8 آلاف بجهاز مكافحة الإرهاب، و50 ألف مقاتل بقوات البيشمركة، و10 آلاف من حرس الموصل ، طبقًا لما أعلنته الحكومة العراقية.