بـ"سن ذهبية".. بلجيكا تكفر عن أبشع الجرائم في أفريقيا
تعيد الحكومة البلجيكية، "سنا ذهبية" لعائلة أول رئيس في جمهورية الكونغو هذا الأسبوع؛ طمعا في التكفير عن أحد أكثر الأحداث وحشية بأفريقيا.
هذه السن هو كل ما تبقى من رفات باتريس لومومبا؛ أول رئيس وزراء لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأيقونة النضال ضد الاستعمار في أفريقيا، والذي قتل على يد الانفصاليين والمرتزقة البلجيكيين.
وكان لومومبا يبلغ من العمر 35 عامًا عندما قتل عام 1961 بعد انقلاب عسكري مدعوم من قوى غربية بينها الولايات المتحدة وبلجيكا؛ المستعمر السابق للكونغو.
وأثبتت الوثائق التاريخية تورط ما لا يقل عن أربعة من كبار الضباط البلجيكيين في قتل لومومبا، والتخلص لاحقاً من جثته في محاولة لتغطية آثار الجريمة.
وفي فيلم وثائقي بثه التلفزيون الألماني عام 2000، اعترف مفوض الشرطة البلجيكي السابق في الكونغو، جيرارد سويت، بتقطيع الجثة قبل إذابتها في حامض الكبريتيك.
وتابع أنه حمل معه بعضا من أجزاء جسم لومومبا؛ اثنان من الأسنان وبعض الأصابع، "كنوع من غنائم الصيد"، إلى جانب بعض الرصاصات التي قتل بها السياسي الأفريقي.
فيما قال رولاند نجل لومومبا إن عودة السن ستمكن عائلة الرئيس الراحل من "إنهاء الحداد".
وأضاف: "لا أستطيع أن أقول إنه شعور بالبهجة، لكننا سعداء لأننا سنتمكن من دفن أحبائنا.. سترقد روحه في سلام".
وكان لومومبا يتمتع بشخصية كاريزمية ومتقلبة، ولعب دورًا رئيسيًا في الكفاح من أجل الاستقلال، وأصبح أول زعيم منتخب ديمقراطياً لبلاده التي كانت تُعرف آنذاك باسم جمهورية الكونغو، عام 1960.
ولم يمض عام حتى تحول لومومبا إلى ضحية لسياسات الحرب الباردة والصراعات الداخلية على السلطة؛ حيث انهار النظام في الدولة الجديدة وسعت الجماعات المتمردة في مقاطعة كاتانغا الغنية بالمعادن إلى الانفصال.
وأعرب المسؤولون الغربيون عن مخاوفهم من سعي لومومبا للانضمام إلى ركب الاتحاد السوفيتي السابق، والسماح لموسكو بالوصول إلى الموارد ذات الأهمية الاستراتيجية في البلاد، مثل اليورانيوم.
لكن الأمر استغرق عقودًا حتى ظهرت الحقيقة حول ملابسات مقتل لومومبا.
ومن المقرر أن يقوم بليجكيون بارزون بتسليم السن الذهبية رسميًا إلى العائلة في تابوت مصنوع خصيصًا لها في حفل يحضره رئيسا وزراء بلجيكا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما سيستقبل ملك بلجيكا فيليب، عائلة لومومبا.
وبدأت بلجيكا مؤخرًا التكفير عن إرث استغلالها للمطاط والعاج والأخشاب في الكونغو التي شهدت وفاة نحو 10 ملايين شخص جراء الجوع والمرض خلال السنوات الـ 23 الأولى من حكم بلجيكا الذي بدأ عام 1885.
وعقب الإطاحة بلومومبا، خلفه الرئيس موبوتو سيسي سيكو الذي حكم الكونغو وأعاد تسميتها إلى زائير، ليقود البلاد في حكم ديكتاتوري لأكثر من ثلاثة عقود بدعم أمريكي وفرنسي وبلجيكي.
aXA6IDMuMTM3LjE3NS44MCA= جزيرة ام اند امز