مستقبل بنين بعد فشل الانقلاب.. هدوء هش يفرضه «سيف الإقليم»
بعد فشل محاولة الانقلاب العسكري في بنين تفجرت الأسئلة عن مستقبل البلد الأفريقي، الذي ظل بمنأى عن التغيرات الدراماتيكية في إقليمه.
خبراء استشرفوا مستقبل بنين بعد إحباط الانقلاب، وخلصوا إلى أن الدولة الأفريقية تبقى في حالة "لا يقين وهدوء هش"، بفعل التدخل الإقليمي الخشن من منظمة "إيكواس" وخصوصا نيجيريا.
وتشهد بنين، أحد أكثر بلدان غرب أفريقيا استقراراً خلال العقدين الماضيين، اختباراً حرجاً بعد إحباط محاولة انقلاب الأحد، شارك فيها ضباط من مختلف الوحدات قبل أن تُفشلها القوات الحكومية المدعومة من نيجيريا و"إيكواس".
وبينما عاد الهدوء إلى العاصمة كوتونو، حذر خبراء من أن البلاد تدخل مرحلة "لا يقين سياسي" قبل أشهر من انتخابات رئاسية حساسة في أبريل/نيسان 2026.
وقال الخبير السياسي الفرنسي جان-هيرفي جيزيكيل والباحث في مجموعة الأزمات الدولية والمتخصص في غرب أفريقيا لـ"العين الإخبارية" إن الإحباط السريع للمحاولة الانقلابية لا يعني أن جذور المشكلة قد انتهت، موضحا أن ما حدث يعكس شقوقاً داخل المؤسسة العسكرية وتوتراً سياسياً تراكم منذ سنوات.
مؤسسة صامتة
ورأي جيزيكيل أن ظهور ضباط على التلفزيون الوطني للإعلان عن عزل الرئيس يدل على تحول داخل الجيش البنيني الذي كان يُنظر إليه طويلاً كمؤسسة غير مسيّسة.
وأضاف: "في منطقة امتلأت بالانقلابات خلال السنوات الخمس الماضية، الجيش البنيني ليس معزولاً عن تأثير هذا السياق. الضباط يشاهدون ما يجري في النيجر وبوركينا فاسو ومالي، ويستنتجون أن التحرك العسكري أصبح خياراً ممكناً".
خطوة ذات مغزى
وأشار الباحث السياسي الفرنسي إلى أن تدخل نيجيريا جواً وبراً لدعم حكومة بنين "سابقة لافتة"، تعكس تنامي القلق الإقليمي من عدوى الانقلابات ورغبة أبوجا في منع ظهور نظام عسكري جديد قرب حدودها، وكذلك إعادة تفعيل دور "إيكواس" كضامن للشرعية الدستورية.
وأكد "أن القوة التي أظهرتها نيجيريا ستجعل أي محاولة انقلابية مستقبلية أكثر صعوبة، لكنها في الوقت نفسه تسلط الضوء على هشاشة الوضع الداخلي لبنين".
عنصر توتر إضافي
ورأى الخبير الفرنسي أن الصراع السياسي الداخلي، خصوصاً بعد استبعاد جزء من المعارضة، قد يعطي مبرراً لبعض الضباط لادعاء "تصحيح المسار الديموقراطي".
بدوره، قال الباحث البنيني–السنغالي المتخصص في السياسات العامة والحكام في غرب أفريقيا، جيل يابي، لـ"العين الإخبارية" إن محاولة الانقلاب تكشف أن شعوراً بالإحباط ينمو داخل قطاعات من الجيش والمجتمع. بنين لم تعد نموذج الديمقراطية الهادئة كما كانت في السابق".
بؤرة هشاشة أمنية
وأوضح يابي أن التدهور الأمني على الحدود مع بوركينا فاسو والنيجر، حيث تنشط جماعات إرهابية، شكّل عامل ضغط إضافي.
وتابع: "الجيش يشعر بأنه يتحمل عبئاً ثقيلاً دون موارد كافية. الهجمات الأخيرة التي قتل فيها عشرات الجنود خلقت حالة استياء واضحة".
الإصلاحات الدستورية
ولفت يابي إلى أن تعديل الدستور وتمديد الولاية الرئاسية وإقصاء أحزاب من الانتخابات أضعف الثقة بين الفاعلين السياسيين وخلق شعوراً بأن اللعبة السياسية غير متوازنة.
وتابع: "الانتقال إلى نظام سياسي أكثر انغلاقاً يزيد احتمال عودة التوترات ومحاولات الانقلاب".
العدوى الإقليمية
وأوضح أنه "من المستحيل فهم ما جرى دون النظر إلى محيط بنين، فثلاثة من جيرانها شهدوا انقلابات ناجحة. هذا يشجع الضباط الشباب على التفكير بأن النجاح ممكن، وأن المجتمع الدولي سيتعامل في النهاية مع أي واقع جديد".
سيناريوهات المستقبل
أما عن السيناريوهات المستقبلية للبلاد، فقد أشار الباحث إلي السيناريو المحتمل والأرجح وهو "هدوء مؤقت" لكنه ليس دليلاً على الاستقرار، موضحا أن الوضع تحت السيطرة الآن، لكنه قابل للانفجار مجدداً إذا لم تعالج السلطة التوتر السياسي الداخلي، وتهميش المعارضة، والاحتقان داخل الجيش، والوضع الأمني في الشمال.
كما طالب بإجراء إصلاحات عاجلة، مشيرا إلى أن تفادي مزيد من الاضطرابات يتطلب مراجعة هيكلة الجيش وتعزيز موارده، وحوار سياسي شامل قبل انتخابات 2026، وإعادة بناء الثقة بين الحكومة والطبقة العسكرية، واستراتيجية قوية لمحاربة الجماعات المسلحة على الحدود.
كما توقع الخبير السياسي البنيني استمرار الدور الأمني الإقليمي في بنين، وربما إنشاء قوة مشتركة دائمة بين بنين ونيجيريا، وقال "هذا يشكل سيفاً ذا حدين يضمن الاستقرار، لكنه يضعف دور الدولة".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز