زيارة غانتس لواشنطن.. اجتماع مع «بنيامين الخطأ» أم دفعة لحصان طروادة؟
«مع الأصدقاء نحتاج إلى التحدث بصراحة وهذا ما سأفعله»، هذا ما قاله الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس لدى وصوله يوم الإثنين، إلى البيت الأبيض.
لكن هذا ليس ما يراه خصومه في الحكومة الإسرائيلية الذين اعتبروا الزيارة محاولة من البيت الأبيض لدق «إسفين» في الحكومة الإسرائيلية.
ولم تشهد زيارة لوزير إسرائيلي إلى واشنطن ما واكب زيارة غانتس التي لم يخفِ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدم رضاه عنها، بل إنه عارضها.
وعلى مدى السنوات الماضية، عُرف عن غانتس علاقاته الوثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تلمح إلى أنه قد يكون بديلا محتملا لبنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة.
تلميح كان له نصيب من الواقع؛ إذ تشير جميع استطلاعات الرأي العام في إسرائيل إلى تفوق حزبه «الوحدة الوطنية» على حزب «الليكود» الذي يقوده نتنياهو، وتفضيل الإسرائيليين له في رئاسة الحكومة على نتنياهو نفسه.
دق إسفين؟
لكن في ظل عدم وجود فرص أكيدة لانتخابات قريبة في إسرائيل، فإن أطرافًا في الحكومة الإسرائيلية ترى في زيارته لواشنطن التي يلتقي خلالها نائبة الرئيس كامالا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بأنها محاولة لدق «إسفين».
فبعد أن طلب نتنياهو من السفارة الإسرائيلية في واشنطن عدم المشاركة في زيارة غانتس للولايات المتحدة الأمريكية، طلب -كذلك- الأمر نفسه من السفارة الإسرائيلية في لندن، بعدم المشاركة في زيارته (غانتس) القريبة إلى بريطانيا.
وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في بيان اطلعت «العين الإخبارية»، على نسخة منه: «من المؤسف أن هذه الرحلة لم يتم تنسيقها مسبقا مع رئيس الوزراء، لكن هذا ليس الشيء الرئيسي (..) نحن بحاجة للحديث عن الجوهر، فلا يخفى على أحد أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى وقف الحرب والاعتراف بالدولة الفلسطينية».
الوزير الإسرائيلي أضاف: «غانتس هو الحلقة الضعيفة، الذي استضاف أبو مازن في بيته، وهو بمفهومه الأساسي يؤيد الدولة الفلسطينية، وقد عبر عن ذلك مرات عديدة في الماضي».
وتابع: «تتطلع الإدارة الأمريكية إلى دق إسفين في الحكومة والمجتمع الإسرائيلي ودفع الخطة بمساعدة غانتس، إن غانتس يلعب في مصلحة إدارة بايدن وهو في الواقع يروج لخطتهم لإقامة دولة فلسطينية».
وأردف: «أدعو الوزير غانتس إلى التعبير علانية على الأراضي الأمريكية عن التزامه بقرار الحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلي المعارض لإقامة دولة فلسطينية».
لكن البيت الأبيض لا يرى الأمور على هذا النحو، فعن سبب عقد الاجتماعات مع غانتس رغم ردود الفعل المنتقدة في الحكومة الإسرائيلية، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: «إنه (غانتس) جزء من مجلس الحرب. ونحن نعتبر ذلك تطورا طبيعيا للمناقشات مع مجلس الوزراء. وسنلتقي بكل عضو في هذه الحكومة، الذي سيقدم لنا إحاطة عن التقدم المحرز على أرض الواقع، وعن إمكانيات إدخال المعونة، وعن مناقشة المفاوضات المتعلقة بعودة الرهائن. لن نعيدهم كما جاؤوا».
وبعد الإعلان عن رحلة غانتس، غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال إن «إسرائيل لديها رئيس وزراء واحد»، وفق القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية.
نتنياهو غاضب
وقال مصدر إسرائيلي مطلع لصحيفة «هآرتس»، إن «نتنياهو غاضب من الزيارة، وفي اللحظة التي أدرك فيها أنه لا يستطيع إلغاءها، قرر تقويضها من أجل إرسال إشارة إلى الحكومة الأمريكية بأن إسرائيل لديها رئيس وزراء واحد فقط».
المصدر أضاف أن نتنياهو تحرك في الأيام الأخيرة لمنع غانتس من التوصل إلى أي تفاهمات رسمية مع إدارة بايدن، بما في ذلك، على سبيل المثال، زيادة المساعدات الإنسانية ودخولها عبر شمال غزة.
أما القيادي في حزب «الليكود» دودي أمسالم، فكتب على «فيسبوك»: «دخولك إلى الحكومة كان من أجل خلق الوحدة في حالة الطوارئ، وليس أن تكون حصان طروادة. رحلتك إلى الولايات المتحدة تتعارض تماما مع اللوائح الحكومية».
أمسالم، المقرب من نتنياهو، أضاف: «يبدو أن الأمريكيين ينظرون إليك كعنوان من أجل قيادة عملية إقامة دولة فلسطينية وإنهاء القتال في غزة».
وتابع المصدر أن «نتنياهو وجه مجلس الوزراء بعدم الموافقة على الزيارة، وطالب السفير الإسرائيلي بعدم التعاون مع غانتس، وهما الإجراءان اللذان تم تسريبهما إلى الصحافة بشكل غير مفاجئ من أجل الإشارة إلى الحكومة الأمريكية بأنها تجتمع مع بنيامين الخطأ».
وأردف المصدر: «إذا لم يسافر غانتس كمبعوث للحكومة، فهو لا يمثلها أو يمثل نتنياهو. وإذا لم يكن السفير حاضرا في الاجتماعات، فسيكون من الصعب على الإدارة التأكد من أن تعهداتها تمضي قدما».
مناهضة نتنياهو وحربه
لكن الدبلوماسي الأمريكي الأسبق ديفيد روثكوف رأى أن «بايدن يبدأ بدعم مقاومة نتنياهو وحربه».
وقال في مقال نشره في صحفية «هآرتس»، وتابعته «العين الإخبارية»: «إن قرار الإدارة الأمريكية بقبول رحلة بيني غانتس إلى البيت الأبيض على الرغم من احتجاجات نتنياهو الصاخبة، خاصة بعد حرمان نتنياهو لفترة طويلة من مثل هذه الزيارة، هو أحدث مظهر للعنصر المناهض لبيبي في السياسة الأمريكية والذي ينمو بشكل أكبر وأصبح أكثر حدة منذ أسابيع».
وبحسب الدبلوماسي الأمريكي، فإن «عقد اجتماعات رفيعة المستوى لغانتس مع نائبة الرئيس هاريش ومع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يعد أمرًا مهمًا؛ لأنه يمثل تحديًا مباشرًا لنتنياهو من النوع الذي لم نشهده حتى الآن في هذا الصراع».
وتابع: «دعوة نائبة الرئيس هاريس في اليوم السابق لهذه الاجتماعات إلى وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع في غزة ليس من قبيل الصدفة. وفي حين أنها ألقت بعض المسؤولية عن تحقيق وقف إطلاق النار على عاتق قيادة حماس الحاقدة، فقد أدركت هي والإدارة أن الرسالة ستذهب إلى أبعد من ذلك، وأنها ستكون إشارة أخرى إلى أن الولايات المتحدة قد نالت ما يكفي من نتنياهو والمذبحة في غزة».
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز