يزور أنغولا الشهر المقبل.. بايدن يبحث عن إرث في أفريقيا
في ضوء تعهده في 2022 بزيارة أفريقيا، يتجه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن إلى أنغولا مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل.
هذه الرحلة ستكون الأولى والوحيدة لبايدن إلى أفريقيا، خلال ولايته، كما أنها ستكون أول رحلة لأي رئيس أمريكي في منصبه للقارة السمراء، منذ زيارة الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى كينيا وإثيوبيا في 2015.
سياسة بايدن تجاه أفريقيا تأتي على الهامش عند تشريح إرثه للسياسة الخارجية، الذي يرتكز على قرارات مثل الانسحاب من أفغانستان ودعم أوكرانيا والحرب في الشرق الأوسط، وذلك وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".
ومع ذلك، من المتوقع أن تلعب أفريقيا دوراً مركزياً مهما في الشؤون العالمية في السنوات المقبلة، مع تصاعد المنافسة الجيوسياسية بين روسيا والصين والولايات المتحدة في جميع أنحاء القارة، كما أن تغير المناخ يدفع دول العالم باتجاه أفريقيا وما تحتويه من معادن وموارد طبيعية.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة السمراء بحلول منتصف القرن، مما يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية.
وبالتالي يأمل فريق بايدن أن يتضمن إرث بايدن حقيقة مفادها أنه ساعد في تحويل السياسة الأمريكية في أفريقيا من سياسة تعتمد على المساعدات والأمن إلى سياسة تركز على تنمية البنية الأساسية على المدى الطويل والمشاركة الاقتصادية التعاونية ذات التأثيرات الدائمة على الأفارقة.
لذا، تعد أنغولا الوجهة الأكثر استراتيجية لرحلة بايدن الوحيدة إلى القارة، لأنها موقع أحد أكبر مشروعات البنية الأساسية الأمريكية في العالم المعروف باسم "ممر لوبيتو"، الذي يتم تمويله وإدارته بموجب شراكة "مجموعة السبع للبنية الأساسية والاستثمار العالمي"، وهي جهد أوسع للاستثمار في البنية الأساسية في جميع أنحاء العالم النامي، كرد فعل على مبادرة "الحزام والطريق" الصينية الشهيرة.
وتشعر الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بالحاجة إلى التعامل مع الدول النامية التي نسجت في السنوات الأخيرة علاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة مع الصين التي تدخلت لتلبية احتياجات العديد من دول الجنوب العالمي في ظل غياب واشنطن وحلفائها.
و"ممر لوبيتو" هو مجموعة من مشروعات البناء الأصغر حجما معظمها طرق وسكك حديدية، لكنها أيضًا تضم بناء الألواح الشمسية والبنية الأساسية الرقمية ويتم تمويل كل مشروع بشكل مستقل.
وتم التخطيط لـ"ممر لوبيتو" على 3 مراحل، الأولى هي تجديد خط سكة حديد بنغيلا (المعروف أيضًا باسم سكة حديد لوبيتو الأطلسية)، بالإضافة إلى الطرق المتصلة به والتي تربط ميناء الشحن الأنغولي على الساحل الغربي في مدينة لوبيتو، بالمدن المهمة في الجزء الشرقي من البلاد، وعبر الحدود إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تقع في شمال شرق أنغولا.
وتهدف المرحلة الثانية إلى ربط هذا الخط باتجاه الجنوب الشرقي بمدن التعدين الرئيسية في زامبيا غير الساحلية، ما يسمح لها بتصدير المعادن الخام والمنتجات الأخرى إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية.
وستمتد المرحلة الثالثة شرقًا إلى مدينة الميناء والعاصمة الاقتصادية لتنزانيا دار السلام، على طول المحيط الهندي، لكن الصين تقوم حاليا بتجديد خط سكة حديد على هذا الامتداد معروف باسم "سكة حديد تازارا"، ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستعمل بشكل مشترك مع بكين لتجديد هذا الخط أم ستبني خطا مستقلا.
ويمكن لإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أن تغير بشكل جذري هذه الخطط، لكن الولايات المتحدة لا تبني الممر بمفردها، وهو ما يضمن استمرار الكثير من عمليات البناء التي تتم إدارتها من خلال تعاون دول "مجموعة السبع" ويتم تمويل جزء كبير منه محليا، من قبل بنك التنمية الأفريقي الذي يقع مقره الرئيسي في ساحل العاج.
وبخلاف الجهود الأمريكية التي اعتمدت تاريخيا على المساعدات للجنوب العالمي، تختلف طريقة تمويل الممر حيث تعمل واشنطن على إشراك الأطراف المحلية في عملية التمويل والإدارة، لكن الولايات المتحدة ألزمت نفسها بإنفاق 250 مليون دولار على المشروع، معظمها من مؤسسة التمويل الدولية الأمريكية وبنك التصدير والاستيراد الأمريكي.
وتُشكل رحلة بايدن إلى أنغولا إعلاناً عاماً عن سياسته في مجال البنية الأساسية في أفريقيا، والتي يأمل أن تُشكل عنصراً أساسياً في إرثه في القارة.
لكن ممر لوبيتو لا يزال يواجه تساؤلات خطيرة ومخاوف بشأن كيفية نجاحه، فمن ناحية يبدو الدافع وراء المشروع مشابها بشكل مخيف للمشروعات السابقة التي ركزت على استخراج المواد الخام من مناجم أفريقيا، ثم شحنها ونقلها إلى المصب في الغرب، ولكي ينجح المشروع بالنسبة للأفارقة، لابد من تعميق سلاسل التوريد في مختلف أنحاء القارة، مع خلق فرص عمل طويلة الأجل.
ومن ناحية أخرى، هناك تساؤلات حول تحقيق الممر لأرباح مالية بما يكفي لتشجيع الشركات الخاصة على تولي السيطرة الإدارية والاستثمار فيه بكميات كافية لإبقائه قيد التشغيل في المستقبل.
aXA6IDMuMTQ1Ljk3LjIzNSA= جزيرة ام اند امز