مرارة الوداع وحلاوة التتويج.. مؤتمر حزبي درامي في انتظار بايدن
تحولات درامية شهدتها علاقة الرئيس الأمريكي جو بايدن بمؤتمر الحزب الديمقراطي المقرر عقده يوم غد الإثنين.
وحتى شهر واحد مضى، كان لدى بايدن تصور مغاير لمؤتمر الحزب الديمقراطي الذي كان من المفترض أن يشهد تتويجا لمسيرته السياسية الممتدة عبر نصف قرن ومنحه ترشيح الحزب لولاية رئاسية ثانية بما يمثل اعترفا بإنجازات ولايته الأولى، وتأكيدا على أنه الوحيد القادر على هزيمة خصمه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب مرة أخرى.
لكن المؤتمر الذي كان يترقبه بايدن باعتباره ذروة حياته السياسية الحافلة تحول إلى مشاركة تستمر لبضع ساعات فقط يتلقى فيها الرئيس كلمات وداع الأبطال وسط امتنان الديمقراطيين لقراره الانسحاب من السباق الرئاسي الذي أحيا الآمال في إمكانية احتفاظ الحزب بالبيت الأبيض.
وعندما تلقي نائبة الرئيس كامالا هاريس خطاب قبولها لترشيح الحزب لخوض انتخابات الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بعد أيام سيكون بايدن بالفعل بعيدًا عن الأنظار وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ونقلت "بوليتيكو" عن النائبة الديمقراطية ديبي دينجل وهي حليفة قوية لبايدن، إن خطاب الرئيس في المؤتمر الذي يُنظر إليه باعتباره لحظة تمرير الشعلة "سيحظى باستقبال رائع" لكنها أكدت أن "الأمر معقد للغاية".
وسيعكس المؤتمر الذي تستضيفه ولاية شيكاغو في الفترة من 19 وحتى 22 أغسطس/آب الجاري الديناميكيات المتغيرة للحزب الديمقراطي الذي يعتمد على بولاية بايدن ويستعد أيضا لتجاوزها.
وقال مساعدون مطلعون على تخطيط المؤتمر لـ"بوليتيكو" إن برامج المؤتمر سيتخللها الحديث عن إنجازات بايدن، حتى مع إعادة تسميتها بحرص على أنها إنجازات مشتركة مع هاريس.
وفي افتتاح المؤتمر، يريد الديمقراطيون تذكير الأمريكيين بالأمة المترنحة التي عانت من جائحة كوفيد التي ورثها بايدن ولتحقيق ذلك سيعملون على الإشارة إلى التقدم الذي أحرزه الرئيس لإخراج الولايات المتحدة من أزماتها باستعادة العلاقات في الخارج للحد من المعابر الحدودية غير المصرح بها والجريمة في الداخل، إضافة إلى تنفيذ أجندة اقتصادية شاملة.
إن خطاب بايدن سيتضمن ذكر إنجازات الرئيس التي غالبًا ما قارنها المساعدون بشكل إيجابي مع إرث الرئيس الأسبق ليندون جونسون، كما سيركز بايدن وكبار مستشاريه على اللحظات الأخيرة في حياته المهنية معتبرين أن ترشح هاريس هو الفصل الحاسم الأخير من تاريخ بايدن والذي يتوقف على هزيمة ترامب لتصبح كامالا أول رئيسة للبلاد.
ومن المتوقع أن تحضر هاريس خطاب بايدن الذي سيطلق خلاله الرئيس الأمريكي تحذيرًا صارخًا بشأن مخاطر ولاية ثانية لترامب بهدف الترويج لكامالا باعتبارها شريكا لا غنى عنه قادرا على تولي مهام الرئاسة.
وقال رون كلاين الرئيس السابق لموظفي البيت الأبيض وأحد المقربين من بايدن "كما يحب أن يقول.. إنها نقطة انعطاف لبلدنا ولرئاسته ومسيرته المهنية" مضيفا "لقد اتخذ قرارًا بالانسحاب، والآن عليه أن يجعل هذا القرار ناجحًا".
إلى جانب بايدن من المتوقع أيضًا أن تلقي زوجته السيدة الأولى جيل بايدن، كلمة أمام المؤتمر مساء غد الإثنين.
وأكدت مصادر مطلعة لمجلة "بوليتيكو" أن بايدن يدخل المؤتمر بمشاعر مختلطة وبعدما بدا أكثر مرونة مؤخرا حيث أطلق المزح حول عمره وحاجته للعثور على وظيفة جديدة، أشار بعض المقربين منه إلى أنه في بعض اللحظات، يبدو أن ثقلاً قد ارتفع عن كتفيه.
وقالت المصادر إن بايدن فخور بشكل خاص بمدى سرعة استفادة هاريس من دعم الحزب وحماسه، حيث اعتبر ذلك بمثابة تأكيد لقراره الفوري بتأييدها الأمر الذي خفف بدرجة ما من شعوره بالإحباط جراء طريقة إزاحته من السباق خاصة تجاه الرئيس الأسبق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.
وما زال بايدن يصر أنه كان بإمكانه الفوز في الانتخابات حتى مع اعترافه بأن التحديات هائلة وكان من الممكن أن تؤدي إلى انقسام الحزب.
هذا الشعور المرير لا يقتصر على بايدن بل يمتد إلى حلفائه الغاضبين من أن الديمقراطيين الذين سيشيدون ببايدن في المؤتمر هم أنفسهم الذين هاجموه قبل أسابيع وعملوا على إزاحته مثل أوباما الذي لم يدافع عن نائبه السابق أو يخبروه وجها لوجه بضرورة الانسحاب كما أشار مصدر مطلع إلى "الكثير من التوتر" في علاقة بايدن وبيلوسي.
لكن أحد مساعدي بايدن أكد أن الرئيس لا يشارك الإحباط بشأن أوباما مشددا على أنه لا يركز إلا على إنجاز أكبر قدر ممكن من العمل خلال الأشهر الخمسة المقبلة ومساعدة هاريس على الفوز.
ومن المقرر أن يغادر بايدن شيكاغو بعد وقت قصير من خطابه في المؤتمر حيث يتجه إلى كاليفورنيا لقضاء إجازة فلن تكون لديه رغبة للبقاء في مكان لم يعد يدور حوله كما أنه لن يخاطر بجذب الانتباه بعيدا عن هاريس.
وقال السيناتور الديمقراطي السابق دوج جونز والمستشار الحالي للبيت الأبيض "بالتأكيد سيكون الأمر حلوًا ومرًا" مضيفا "لا يمكنك أن تغادر طوعًا أقوى منصب في العالم دون أن يكون لديك إحساس بما كان يمكن أن يكون"، وتابع "بناءً على محادثاتي معه، أعتقد أنه راضٍ تمامًا عن مكانته وموقعه في التاريخ".
ومن المتوقع أن يحظى بايدن بترحيب صاخب من الحشود داخل المؤتمر ومن المرجح أن يشيد به قادة الحزب باعتباره أحد الرؤساء الأكثر إنتاجية في العصر الحديث، وأيقونة ديمقراطية لهزيمة ترامب في 2020، وسياسي يتمتع بشجاعة نادرة لاختيار التنحي لصالح الحزب.
وقال أحد الديقراطيين" سيكون أمرا عاطفيا.. سيبكي الناس".