الدور على هذا البلد.. تجاهل بايدن تحذيرات تشرشل فدفعت أوكرانيا الثمن
يضع قادة الغرب نصب أعينهم دائما، نصائح ونستون تشرشل التاريخية بتجنب تقديم الإغراءات للروس، لكن هذا ما لم يفعله الرئيس جو بايدن.
فبعد سنوات من مراقبة القادة الروس عن كثب خلال الحرب العالمية الثانية، لاحظ رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل أنه "لا يوجد شيء يعجبون به مثل القوة ولا يوجد شيء لا يحترمونه من الضعف وخاصة الضعف العسكري"، ولذلك حذر من "تقديم الإغراءات".
"لكن لسوء الحظ هذا بالضبط ما فعله الرئيس بايدن في سنته الأولى في المنصب، حيث أغرى نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمتابعة طموحه طويل الأمد لإعادة تجميع الإمبراطورية الروسية من خلال غزو أوكرانيا".. هذا ما علق به الجمهوري توم كوتون عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساس الأمريكية.
كوتون كتب لصحيفة وول ستريت جورنال أنه بعد أن فشل بايدن في ردع الحرب الروسية الأوكرانية فقد أدى نهجه "الخجول" إلى إطالة أمدها.
إخفاقات بايدن
بفضل إخفاقاته - يقول الجمهوري كوتون - يتساءل بعض الأمريكيين عما إذا كان ينبغي لواشنطن الاستمرار في دعم أوكرانيا، لكن قطع الدعم عن كييف لن ينهي الحرب، بل سيزيد فرص النصر الروسي والإضرار بمصالح واشنطن في منع حروب أوسع في أوروبا وآسيا.
وأضاف: "استرضى السيد بايدن روسيا منذ البداية، من التمديد بدون شروط لمعاهدة الأسلحة النووية من جانب واحد إلى التنازل عن العقوبات على خط أنابيب نورد ستريم 2 الروسي، ثم تجميد شحنة أسلحة لأوكرانيا، قبل أن يأتي بالانسحاب الفاشل من أفغانستان".
وهنا أكد عضو مجلس الشيوخ الأمريكي أن "هذا الفشل المهين لبايدن أدى إلى ظهور الضعف وعدم الكفاءة، وسرعان ما حشدت روسيا قوة غزو على طول الحدود الأوكرانية".
وفي المقابل، رد الرئيس الأمريكي بالتلميح إلى الانقسام في منظمة حلف شمال الأطلسي، مقترحا بأنه قد يتسامح مع "توغل بسيط" من جانب روسيا في أوكرانيا، واقتناعا منه بقوته وضعف أعدائه ذهب بوتين إلى أكبر من ذلك.
ورغم إخفاقات بايدن وقف الأوكرانيون على أرضهم وقاتلوا، لكنهم صدموا برد فعل سيد البيت الأبيض، الذي أخذ يجر قدميه طوال الوقت، مترددًا خوفًا في إرسال الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية إلى كييف التي تحتاج لها للنصر، وفقا لتوم كوتون.
وانتقد موقف الرئيس الديمقراطي بقوله: "اليوم، السيد بايدن يرفض بعناد تزويد أوكرانيا بالطائرات المقاتلة والذخائر العنقودية والصواريخ بعيدة المدى، ونتيجة لأنصاف الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأمريكي لم تحقق كييف سوى (نصف نجاح) فقط".
مكاسب روسية
عضو مجلس الشيوخ الأمريكي طالب في مقاله بوول ستريت جورنال بضرورة "دعم أوكرانيا إلى أقصى درجة لأن البديل الأكثر احتمالا ليس السلام بل صراع مجمّد آخر يخدم روسيا ويضر بمصالحنا".
وحذر من حزمة مكاسب لبوتين تشمل "احتفاظ روسيا بالتضاريس الاستراتيجية الرئيسية وجزء كبير من الصناعة والزراعة في أوكرانيا، فيما ستظل أسعار الغذاء والطاقة مرتفعة مما قد يؤدي إلى تجويع العديد من الدول وتفاقم أزمة المهاجرين في الغرب".
ومضى في تحذيراته: "يمكن لموسكو أيضا إعادة بناء قوتها والاستيلاء على بقية أوكرانيا عندما تسنح الفرصة، ومن شأن هذه النتيجة أن تخلق ملايين آخرين من اللاجئين الأوكرانيين، وتؤدي إلى ارتفاع التضخم، وتفاقم اضطرابات سلسلة التوريد".
ونبه إلى أن "روسيا ستسعى لتوسعة حدودها إلى عمق أوروبا، ويمكن أن تكون مولدوفا التالية على كتلة التقطيع.. ما يعني موقع نزاع مجمّد آخر، وبعد ذلك إمبراطورية الناتو".
كوتون رأى أن "إيقاف روسيا سيسمح أيضًا للولايات المتحدة بالتركيز على التهديد الأكبر من الصين، فانتصار موسكو سيجبرنا على تحويل المزيد من الموارد لفترة أطول إلى أوروبا لردع التوسع الروسي، مما يخلق تهديدات مستمرة على كلتا الجبهتين، لكن النصر الأوكراني والسلام الدائم سيؤمن جناحنا الأوروبي بينما نواجه بكين".
التنين الصيني
يؤمن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بأن "الرئيس الصيني شي جين بينغ يراقب الحرب في أوكرانيا عن كثب، فإذا تعثر الغرب فسوف يستنتج أننا لن نحارب أبدًا لحماية تايوان".
وزاد: "في ثلاثينيات القرن الماضي، أغرى الغرب دول المحور من خلال استرضاء العدوان السافر ضد دول صغيرة مثل تشيكوسلوفاكيا، وقد يكون بعض السياسيين الغربيين قد نسوا دروس التاريخ، لكن السيد شي لم ينس".
واعتبر أن "الدعم الأمريكي لأوكرانيا سيؤدي أيضًا إلى توفير المال والأرواح الأمريكية على المدى الطويل، حيث سيتم إنفاق جزء كبير من نفقاتنا على استبدال الأسلحة والمواد القديمة التي أرسلناها إلى كييف بمعدات جديدة لقواتنا إلى جانب الدروس المستفادة من ساحة المعركة الأوكرانية، يمكن لجيشنا أن يبرز تجهيزًا وتدريبًا واستعدادًا أفضل لهزيمة خصومنا".
وشدد على أن "الحرب مكلفة دائمًا، لكن يجب علينا قياس التكاليف الحالية مقابل التكلفة المحتملة الأكبر للحرب الأوسع نطاقًا في أوروبا أو آسيا".
وتابع: "يخوض الأوكرانيون حربهم الخاصة مع عدم مشاركة القوات الأمريكية في قتال مباشر، وهو ما لن يكون كذلك إذا أغرى التراجع في كييف أعداءنا لمهاجمة حليف من حلف شمال الأطلسي أو تايوان.. لو انتقم الغرب عندما أعادت ألمانيا تسليح راينلاند في عام 1936 لربما بدت تلك العملية الصغيرة مكلفة ومحفوفة بالمخاطر في ذلك الوقت لكنها كانت ستمنع الحرب العالمية على الأرجح".
يظهر التاريخ أيضًا أنه يمكن معارضة الحرب الروسية دون إشعال فتيل حرب أوسع، وفقا لـ"كوتون"، الذي أضاف: "لقد خضنا حروبا ضد روسيا السوفياتية في جميع أنحاء العالم في القرن الماضي.. قمنا بتسليح المتمردين خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان.. لم يكتف الروس بتسليح أعدائنا في كوريا وفيتنام فحسب، بل شاركوا أيضًا في القتال، وأسقطوا الطيارين الأمريكيين.. كانت هذه الحروب بالوكالة أكثر استفزازية من أي شيء فعلناه لدعم أوكرانيا. لم يؤدوا بأي حال من الأحوال إلى حرب بين بلدينا".
وقال: "بالطبع يجب أن نطلب من حلفائنا تقديم نصيبهم العادل.. الدول القوية مثل المملكة المتحدة وبولندا ودول البلطيق تحمل نصيبها من العبء، لكن المتقاعسين الأثرياء مثل فرنسا وخاصة ألمانيا يجب أن يفعلوا المزيد، كما هو الحال دائمًا، وعلى الرغم من ذلك لا يمكننا السماح للضعف الأوروبي بتقييد العمل الأمريكي".
واختتم بروشتة الحل الأمريكي في كييف بقوله: "يقاتل الشعب الأوكراني بروح وتصميم، ويمارس ما أسماه تشرشل (الحق الأساسي للرجال في الموت والقتل من أجل الأرض التي يعيشون فيها).. قضيتهم تحظى بتعاطف لكن العالم مكان خطير ويجب ألا تتصرف الولايات المتحدة بدافع التعاطف وحده.. نعمل على حماية مصالحنا الوطنية الحيوية.. هذا هو الحال في أوكرانيا، ونحن نستحق استراتيجية انتصار لمباراة".