زيارتان لأوروبا في 60 ساعة.. لماذا «كسر» بايدن تقليد الأسلاف؟
على الرغم من أن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» مريحة للغاية، فإن معظم الرؤساء الأمريكيين سيحاولون تجنب القيام برحلتين ذهابا وإيابا إلى أوروبا يفصل بينهما نحو 60 ساعة فقط على أرض الوطن، لكن هذا ما فعله جو بايدن.
فالرئيس الأمريكي الذي غادر الولايات المتحدة يوم الأربعاء 5 يونيو/حزيران الجاري، لحضور احتفالات الذكرى الـ80 ليوم الإنزال في نورماندي، أمضى عطلة نهاية الأسبوع لتناول عشاء رسمي في باريس، وعاد إلى منزله في ديلاوير في وقت متأخر من يوم الأحد.
ومرة أخرى، غادر بايدن الولايات المتحدة يوم الأربعاء 12 يونيو/حزيران الجاري، متجها إلى إيطاليا للمشاركة في القمة السنوية لدول مجموعة السبع.
تساؤلات
وطرحت الرحلتان سؤالا رئيسيا: لماذا لم يبق بايدن في أوروبا لبضعة أيام فقط حيث كان بإمكانه لعب جولة جولف أو زيارة بعض القوات الأمريكية أو ربما الاجتماع مع زعيم أجنبي أو اثنين؟ خاصة أن الرئيس الأمريكي يبلغ من العمر 81 عاما، وشكا بعض مساعديه ممن هم في نصف عمره من تأثير السفر على دورات النوم، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
وكان تفسير البيت الأبيض لأربع عمليات عبور للمحيط الأطلسي في 9 أيام هو ببساطة أن الرئيس كان لديه التزامات في واشنطن، لكن وفقاً للمعايير الرئاسية، بدا جدول أعمال بايدن خفيفاً حيث تناول الغداء مع نائبته كامالا هاريس وألقى خطابا أمام مجموعة معنية بسلامة الأسلحة.
وقد يكون الحدث الأبرز هو محاكمة نجله هانتر التي انتهت بإدانته بتهمة الكذب للحصول على تصريح سلاح، لكن كان أمرا مستحيلا معرفة موعد إحالة القضية إلى هيئة المحلفين عند التخطيط لجولات الرئيس في أوروبا.
وكما تبين لاحقا، فإن بايدن عاد إلى ديلاوير بعد ظهر يوم الثلاثاء، ليكون مع ابنه قبل أن يغادر مرة أخرى في الصباح.
لكن السر الحقيقي لعدم بقاء بايدن في أوروبا جرى الكشف عنه في الأحاديث الخاصة، حيث قال بعض المساعدين إن هناك جوانب خاصة بعام الانتخابات يجب أخذها في الاعتبار.
وقال أحد مستشاري بايدن إنه لم يكن هناك سبب عاجل للبقاء في أوروبا، واعترف بأن بضعة أيام إجازة «قد لا تبدو صحيحة»، مستدركا أن الرئيس لم يقض يوم عطلة أبدًا.
ويبدو أنه لم يكن أحد يريد صوراً للرئيس يعتبرها خصومه السياسيون عطلة أوروبية، على الأقل أثناء جهوده لإعادة انتخابه فقد يكون لقضاء بايدن بضعة أيام في فرنسا أو إيطاليا مظهرا مختلفا عن قضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة في مدينة ريهوبوث، بولاية ديلاوير، حيث يمتلك هو وزوجته جيل منزلا على الشاطئ.
إن وظيفة الرئيس يمكن العمل فيها من أي مكان فهناك اتصالات فورية من خلال شاحنة تابعة للبيت الأبيض، مليئة بالهوائيات، تسافر في كل موكب سيارات وهناك فريق من المئات على استعداد لتلبية كل حالة طوارئ، سواء كان ذلك ينطوي على إرسال رسالة شكر أم شن ضربة نووية انتقامية.
تاريخ طويل
ومع ذلك، فإن عدم التسامح مع رؤية الرؤساء في الخارج، لأمر غير العمل، هو قضية لها تاريخ طويل مثل الرئيس فرانكلين روزفلت الذي كان يحب التخييم في جزيرة كامبوبيلو في كندا، على الرغم من أنه أبقى الزيارات قصيرة خلال توليه الرئاسة.
وعندما ذهب الرئيس هاري ترومان إلى بوتسدام بألمانيا للتفاوض مع الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل حول الشكل الذي قد تبدو عليه أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بقي هناك لأكثر من أسبوعين.
كانت هناك أيام راحة من المفاوضات، لكن ليس لفترة طويلة، وكانت أقرب مدينة كبيرة، برلين، حطاما بعد القصف وكان هناك تذكير بالمخاطر المترتبة على الخروج من المدينة، ومع ذلك خسر حزب المحافظين بقيادة تشرشل الانتخابات أمام حزب العمال خلال المؤتمر.